شاركت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز، في المؤتمر الفرنسي اللبناني "Les ELLES de la Recherche" الذي أقيم في السراي الكبير برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، من تنظيم المجلس الوطني للبحوث العلمية والمرصد الوطني للمرأة في الأبحاث (دوركن) والمركز الفرنسي للبحوث العلمية، وبدعم من السفارة الفرنسية في لبنان والوكالة الجامعية للفرنكوفونية للشرق الأوسط.
شارك في المؤتمر شخصيات أكاديمية، وسياسية ومديرو مراكز الأبحاث، وعدد من رؤساء الجامعات اللبنانية، وخبراء في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية من لبنان وفرنسا بهدف تبادل الخبرات والتجارب، ومناقشة واقع المرأة في البحوث العلمية من خلفيات مختلفة.
عون روكز
وألقت السيدة عون روكز كلمة كمتحدثة رئيسية في المحور الذي حمل عنوان "نحو سياسات مؤسساتية متساوية" قالت فيها:"في لبنان، كما هو الحال في كل بلدان العالم، تسعى النساء إلى تحقيق إمكاناتهن من دون عوائق، تماما كالرجال. هن يتطلعن إلى مجتمع مقتنع بمبدأ المساواة بين المرأة والرجل، وإلى دولة تعمل على ضمان تكافؤ الفرص بين الجميع".
اضافت:"ومع ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا يجب أن نفعل للوصول إلى هذا الهدف؟ ويسرني اليوم أن أتشارك معكم في التفكير في هذا الموضوع. إن الصعوبات التي تواجهها مؤسساتنا السياسية والاقتصادية والتعليمية يجب ألا تحجب عنا النظر إلى الإختراقات التي تتحقق في مجتمعنا على صعيد الأدوار التي تقوم بها النساء. في الواقع ، ومنذ ما لا يزيد عن جيلين، خاضت النساء اللبنانيات مجالات مهنية كانت مغلقة أمامهن من قبل. تتبادر إلى ذهني المهن التي خاضت النساء غمارها بنجاح في مجالات القضاء والسلك الديبلوماسي والطب والهندسة والمال، وكذلك انخراطهن المستحدث في القوات المسلحة والأمنية. كما تتبادر إلى ذهني المناصب الوزارية التي تشغلها الوزيرات الأربع اليوم، وبينهن أول وزيرة للداخلية في العالم العربي، مما يشكل بالنسبة لنا علامات إيجابية تشجعنا على المثابرة في الإجراءات التي نتخذها في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية للنهوض بوضع المرأة."
وتابعت: "في هذا السياق، تندرج الاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان، التي وضعتها الهيئة واعتمدتها الحكومة في عام 2012، والتي تطبق حتى عام 2021، وهي استراتيجية تهدف إلى تحقيق أهداف محددة من خلال مجموعة كبيرة من الإجراءات. وتتعدد مجالات التدخل وترتبط بتنوع المواقف ووجهات النظر المتعلقة بالنهوض بوضع المرأة. وتتعلق بمناهضة العنف، بالإصلاح القانوني وبالمشاركة السياسية للمرأة".
اضافت:" وكجزء من مكافحة العنف ضد المرأة، يتم تطبيق قانون حماية النساء من العنف الأسري، بالإضافة إلى تدابير تسهل لجوء الضحية إلى العدالة والحصول على الحماية وخدمات الأمن والإغاثة والدعم. في هذا الإطار، تم جمع التدخلات للتصدي لهذه الآفة في استراتيجية وطنية لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات وسوف تقوم الهيئة بتنفيذه في المستقبل القريب."
وأردفت:" كما أقرت الحكومة اللبنانية مؤخرا خطة العمل الوطنية التي أعدتها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن". وتتضمن خطة العمل التي ستمتد لأربع سنوات، عناصر عدة، منها مشاركة المرأة في مختلف المجالات، وحمايتها من جميع أشكال العنف، ومنع النزاعات المسلحة والإصلاحات التشريعية الضرورية ليس فقط للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وحسب، بل أيضا لضمان تكافؤ الفرص للمرأة. وبما أن إصلاح القوانين هو شرط أساسي لمكافحة مختلف جوانب التمييز ضد المرأة، فقد شرعت الهيئة في عملية واسعة النطاق لتحديد الإصلاحات القانونية اللازمة وصاغت تشريعات لتعديل القوانين التمييزية التي لا تزال سارية، منها: تم مؤخرا إلغاء التمييز ضد المرأة في القوانين الخاصة بالإفلاس التجاري، لحماية حقوق زوجة المفلس، ولم يعد قانون العقوبات يسمح للمغتصب بالإفلات من العقوبة في حالة زواجه من الضحية، كما أصبح يحق للمرأة المتزوجة الآن الترشح للانتخابات البلدية في بلدتها الأم".
اضافت: وإلى جانب ذلك، من المقرر أن يصوت البرلمان على عدد من النصوص، منها التي تهدف إلى منع الزواج المبكر من خلال تحديد ال 18 سنة، سنا أدنى للزواج، معاقبة العلاقات الجنسية مع قاصر بين سن 15 و 18سن؛ تجريم التحرش الجنسي، وضمان حقوق النساء تماما كالرجال في قانون الضمان الاجتماعي. ونأمل أيضا أن يصوت المجلس النيابي قريبا على تعديل قانون الجنسية لكي يسمح للنساء اللبنانيات بنقل جنسيتهن إلى أطفالهن. وسيكون هذا التعديل بمثابة تقدم كبير في مجال حقوق المرأة والاعتراف بالمرأة كمواطنة كاملة."
وأكدت أن :"الهيئة الوطنية تهدف أيضا إلى معالجة التمييز بين النساء من مختلف الطوائف، حيث إن هذه القوانين هي التي تدير الأحوال الشخصية في لبنان ، خاصة فيما يتعلق بالطلاق وحضانة الأطفال والميراث وما إلى ذلك.
في المجال السياسي، فإن التمثيل الناقص للمرأة أمر غير مقبول، وهو نتيجة لثقافة الصورة النمطية التي بموجبها تنتمي السياسة حصريا إلى الرجال. وتقع على عاتقنا جميعا مسؤولية علاج هذه الممارسات التقليدية. ولهذا السبب تطالب الهيئة الوطنية لشؤون المرأة بتضمين القانون الانتخابي أحكاما تضمن انتخاب نسبة لا تقل عن 30 في المائة من النساء في البرلمان على النحو الذي دعت إليه خطة العمل المعتمدة قبل 25 سنة من قبل المؤتمر العالمي للمرأة في بيجين".
ورأت "ان كسر الصور النمطية للأدوار الاجتماعية المفروضة على المرأة في مجالات السياسة أو الدفاع أو البحث العلمي، يتطلب التدخل المستمر من جانب السلطات المعنية واستخدام جميع وسائل نقل المعرفة والتواصل. هذا هو مجال تعمل فيه أيضا الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، التي تدرك الأهمية الكبرى لتأثير التواصل الاجتماعي على السلوك، وتسعى قدر المستطاع إلى إطلاق حملات توعية لدعم مشاريعها، تترافق مع مطالبتها بالإصلاحات القانونية".
وتابعت:" يعتبر مجال الإدارة العامة، منتدى آخر لمراجعة المواقف والممارسات لإفساح المجال لسياسات النوع الاجتماعي الشاملة أن تكون أكثر فعالية ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي يلتزم بلدنا بها. وفي هذا السياق، تقوم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة بأنشطة ترمي إلى تقييم الوضع القائم وإلى إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة، كإدارة الإرشاد التربوي في وزارة التربية والتعليم العالي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ونقابة المحامين ونقابة الممرضات وأحزاب سياسية عدة."
وختمت:"كما يلاحظ أصحاب النظريات الحقوقية، فإن مبدأ المساواة بين البشر كما بين الرجال والنساء لا يمكن تطبيقه في الواقع إلا ضمن نظام قانوني معترف به ومتوافق عليه. ويكرس دستورنا بوضوح في مادته السابعة مبدأ المساواة بين اللبنانيين، وللسياسات الحكومية أن تضع هذا المبدأ الأساسي موضع التنفيذ، ومهمة الهيئة الرئيسية هي في ضمان التطبيق الفعال لهذا المبدأ، لذا تتقدم الهيئة بالإصلاحات القانونية والمؤسساتية وتعمل على تهيئة بيئة اجتماعية تفضي إلى تكافؤ الفرص لكل من النساء والرجال. ولا يمكن لهذه الجهود أن تنجح إلا إذا كانت مدعومة من قبل جميع القوى الحية في مجتمعنا."