قالها مرة الامين العام السابق لحزب الله، وصاحب شعار " كما قاومنا الاحتلال سنقام الفساد " الشهيد السيد عباس الموسوي: إن محاربة الفساد اصعب الف مرة من محاربة اسرائيل ..
وقد اثبتت الايام والسنون صحة هذه المقولة، فبالرغم من التسليم بعظمة وروعة واهمية ما قامت به المناضلة سهى بشارة حين افرغت رصاصاتها بصدر العميل الاول انطوان لحد، وما تبعه بعد ذلك من مسيرة الاعتقال والسجن وما قام به كل المقاومين ومن كل الفصائل على تنوعها من نضالات وجهود وتضحيات وبذل وعطاء حتى وصلنا لليوم المنشود في 25 ايار 2000 ودحر العدو الصهيوني عن ارضنا، الا انه وبكل اسف، لم نستطع حتى بعد مرور حوالي عشرون عاما على التحرير من استرجاع وطننا، بل اكثر من ذلك فإننا نشهد حالة غير مسبوقة من التحلل والاندثار والفقر والازمات والانهيار في كل مرافق ومؤسسات الدولة، لم يكن حتى العدو الصهيوني المحتل بكل ما عنده من غل على وطننا ليوصلنا الى ما نحن عليه الان.
وهذا ما يفتح باب النقاش على مصراعيه، للقول ان اختصار فعل المقاومة " بمحاربة " العدو الاسرائيلي فقط هو مسخ لمفهوم "المقاومة " لان تحرير الاوطان اما ان يكون من كل اعدائه وسالبيه او هو فعل ناقص يحتاج الى اعادة تنشيط ومسار نضالي مستمر للوصول حقيقة الى تحرير فعلي.
فإذا كنا نكنّ لسهى بشارة كل الاحترام والتقدير على فعلتها المقاومة، الا ان هذا لا يخفي عتبا عميقا عندنا وعند كل من يحلم بالوصول الى وطن حقيقي، عتب عليها وعلى الحزب الذي تنتمي اليه، وهو انحسار عملها في جبهة المقاومة الوطنية "جمول " عن نضالها الداخلي والاكتفاء بالبكاء على اطلال انجازات تاريخية فقط .
إقرأ أيضًا: باسيل يطعن المقاومين ويتستر بورقة التفاهم!
ولعل هذا تحديدا ما ميز الشهيد جورج حاوي حين اراد نقل تجربته المقاوِمة الى داخل الوطن، فكان له سليم عياش ( بحسب القرار الاتهامي للمحكمة الدولية ) بالمرصاد ...
وبناءا على ما تقدم، وبالحديث عن النضال والمناضلات، فاني اعتقد ان ما تقوم به النائب في البرلمان اللبناني بولا يعقوبيان يوميا لا يقل اهمية وشجاعة عن ما قامت به سهى، ويمكن القول بكل اريحية ان بولا يعقوبيان هي استمرار طبيعي وضروري، وامتداد حتمي ومكمل لفعل التحرر الناقص الذي ادته سهى بشارة .
ان كل مشروع قانون تقدمه بولا هو بمثابة رصاصة جديدة توجه على صدر المحتل، وان كل مؤتمر صحفي تفضح به سرقة هنا او صفقة هناك هو بمثابة عبوة ناسفة تزرعها بولا في وجه المجتل الداخلي،
وبنظرة سريعة على المشهد السياسي الان، وللتدليل ما ندعيه من تلازم المسار بين مقاومة سهى من جهة ومقاومة بولا يمكن ان نلاحظ سريعا كيف ان خصوم المناضلتين هم انفسهم والذين يرشقون سهى بسهامهم السامة هم عينهم من يرشقون بولا بساهم اكثر حقدا وان ترك بولا شبه وحيدة في معركتها ضد الفساد والمفسدين يشبه الى حد بعيد غربة سهى وتركها للبلاد بعد كل ما قدمته.
وعليه، فاذا كانت سهى قد عرّت طرف سياسي يدعي " الوطنية " ويسمي نفسه بالوطني الحر، وجعلته يخلع قناعه ويجاهر بالدفاع عن العملاء والمجرمين امثال فاخوري وغيره، فإن نضالات بولا قد عرت من قبل كل مدعي الاصلاح والتغيير، وكل من يتنافخ زورا بمحاربة الفساد وان بين سهى وبولا حكاية وطن لا يزال يرزح تحت نير الاحتلال بالرغم من خديعة " عيد التحرير " .