فضلاً عن ذلك هناك 8 عمداء بالتكليف، وهم الذين تسلموا مهماتهم بعد ما أُحيل مَن سبقهم إلى التقاعد. والعميد بالتكليف ليس مكتمل الصلاحيات، ويبقى «تحت رحمة» رئيس الجامعة الذي يستطيع إقالته متى شاء خلافاً للعميد الأصيل الذي يعيّنه مجلس الوزراء. وهذا ما حصل منذ أسابيع مع عميد كليّة إدارة الأعمال بالتكليف الذي استبدله رئيس الجامعة من دون أيّ تبرير لذلك.
هذا يدلّ على ضرورة التعجيل في تشكيل مجلس جامعة جديد بدءاً بالعمداء، ليمارس دوره كاملاً، فضلاً عن ضرورة تعيين مفوَّضَين إثنين للحكومة في مجلس الجامعة بعدما انتهت ولايتهما أيضاً.
وطالبت رابطة الأساتذة في الجامعة مراراً بالتعجيل في هذه التعيينات لما في ذلك من أهمية في حسن إدارة شؤون الجامعة. وسبق لمجلس الجامعة الحالي أن انتخب في حزيران 2018 مرشحين عن كل كلية في الجامعة، ورفعها الى وزير التربية لاختيار العميد من بين 3 أسماء عن كل كلية.
يعتبرالضالعون في شؤون الجامعة أنّ «طبخة» التقاسم السياسي-المذهبي لمناصب العمداء شبه جاهزة، تبعاً لما هو قائم: 4 عمداء من الطائفة السنية، 4 من الطائفة الشيعية، درزي واحد، و10 من المسيحيين، ما يعني 19 عميداً، اضافة الى رئيس الجامعة.
كما أنّ تقاسم الكليات بين الطوائف شبه جاهز أيضاً، كما هو قائم اليوم: 2 لحركة «أمل»، كليتا العلوم وطب الأسنان (كان عميدها رئيس الجامعة الحالي)، و2 لـ«حزب الله»: معهد دكتوراه الآداب والعلوم الإنسانية وكلية الهندسة. و4 للسنّة هي: كلية الآداب، معهد دكتوراه التكنولوجيا، كلية الصيدلة، وكلية الفنون. أما كلية السياحة فكانت من حصة الدروز، لكن تنازلوا عنها للمسيحيين. أما الكليات الأخرى فتتوزع على الطوائف المسيحية. أما رئيس الجامعة فهو في منتصف ولايته.
لكن في الواقع هناك بعض الصعوبات التنفيذية تبعاً لرأي المتابعين لدقائق هذا الملف، وأهمها:
1- ثمة طوائف ليس لديها مرشح في الكلية التي تديرها، مثل «حزب الله» في كلية الهندسة، وحركة «أمل» في طب الأسنان، والدروز في السياحة. ما يعني ضرورة إجراء بعض المناقلات في الحقائب، أو اعتماد التعيين من خارج الترشيحات، وهو ما حصل في المرة السابقة.
2- بعض المرشحين للتعيين لم يبقَ لهم 4 سنوات قبل إحالتهم الى التقاعد، وهو كان شرط الترشح. فتأخُّر التعيين جعل بعضهم يفقد هذا الشرط ما قد يطرح إشكالية في تعيينهم، إذ ينصّ القانون على أنّ «العميد يعيَّن لفترة 4 سنوات». لذلك بضعة أسئلة تُطرح:
هل تبقى الترشيحات صالحة وقد مضى عليها اكثر من سنة؟ ام أنه سيعاد الترشيح مجدداً؟ وهل يصبح وزير التربية متحرّراً من الأسماء المرفوعة اليه، ولاسيّما أنّ مجلس الجامعة لم يعد في وضع قانوني سليم؟
3- بعض العمداء ممَّن هم بالتكليف تسلّموا مناصبهم منذ سنوات، وهم من المرشحين لتعيينهم مجدداً، بينما ينص القانون على أنّ العميد يعيَّن لمدة 4 سنوات غير قابلة للتجديد. وإعادة تعيين هؤلاء تعني أنّ ولايتهم ستمتد الى 6 أو 7 سنوات، وهذا الامر يتعارض وروح القانون ويضرب مبدأ المداورة.
4- لم يعد خافياً على أحد أنّ القرار السياسي يلعب دوراً رئيساً في اختيار المرشحين للعمادات سواء على صعيد الترشيح الاولي في الكليات، ومن ثم في تصويت مجلس الجامعة، ومن ثم في مجلس الوزراء. ورئيس الجامعة بنفسه صرّح أكثر من مرة أنّ جهة سياسية إختارته لهذا المنصب.
وقد صار أهل الجامعة، وأهل السياسة، مقتنعين بأنّ نجاح الجامعة الوطنية يتطلب تعيينات أكاديمية وليس سياسية، وأنّ التعيين السياسي قد يكبّل المسؤول ليصبح تحت رحمة مَن عيّنه، وبذلك يتراجع مستوى الجامعة الأكاديمي. وإذا كان لا بد من إختيار مرشح ذي إنتماء سياسي أو مذهبي فليكن من ذوي الكفايات العالية الذين يستطيعون أن يقدّموا إضافات علمية للجامعة لا أن يكونوا عبئاً عليها.
هذا الملف هو حكماً اليوم على مكتب وزير التربية أكرم شهيب. والذين يعرفون الوزير يراهنون على جرأته كي تأتي هذه التعيينات اكاديمية في الدرجة الاولى لما فيه مصلحة الجامعة. وهم يستشهدون بقرارات الوزير الجريئة وغير المسبوقة بإحالة قضية الشهادات «المزوَّرة» في قطاع التعليم العالي إلى القضاء على رغم الحمايات التي كانت وراءها. والرهان أيضاً أن تأتي تعيينات العمداء من أصحاب الكفايات الأكاديمية العالية لتحرّر الجامعة من تبعياتها السياسية والطائفية.
فمتى تنضج «طبخة» عمداء اللبنانية؟ وهل ينجح الوزير اكرم شهيب في إعادة الجامعة الى سكة الخيارات الأكاديمية؟