شهدت العلاقة الكتائبيّة - القوّاتيّة جولات حامية، بدأت منذ بقاء القوّات في الحكومة على الرغم من تموضعها في صفّ المعارضة من الداخل، صحيح أنّ للقوات والكتائب نقاطًا كثيرة تجمعهما لكنّ الخلافات أصبحت نقطتهما الجامعة. وبرز الخلاف الواضح في البيت الواحد، خلال ذكرى اغتيال الرئيس الأسبق بشير الجميل ولاسيّما بين نجل بشير الجميّل الذي خاطب القاعدة الشعبيّة بلغة التوحيد والصفّ الواحد مع القوّات، بينما رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل وجد الفرصة المناسبة لتوجيه سهامه على القوّات لبقائها في الحكومة، علمًا أنّ القوّات تستقطب بمواقفها المُعارضة ولو من داخل الحُكومة، قواعد شعبيّة كبيرة رافضة للواقع الراهن.
ورأى أمين سرّ "تكتل الجمهوريّة القويّة" الدكتور فادي كرم أنّ "التباين الذي حصل مع الكتائب هو أمر طبيعي للغاية ويحصل بين أيّ حزب وآخر، لكنّ الذي لا يُعتبر من الطبيعي التهجّمات التي تحصل بين الحين والآخر والتي غايتها المزايدة على القوّات اللّبنانيّة ليس إلّا، خصوصًا وأنّ موقع القوّات صعب في المواجهة من داخل الحكومة وباعتقد الجميّل أنّ بهذه المزايدة باستطاعته أن يمتصّ بعض الشعبيّة في ظلّ الأوضاع الإقتصاديّة والسياسيّة والأمنيّة السيّئة".
وشدّد كرم خلال حديثه مع موقع "لبنان الجديد" على أنّ "الخيارات التي اتّخذتها القوّات اللّبنانيّة هي خيارات انقاذيّة خصوصًا وأنّها الفريق الثاني على السّاحة المسيحيّة وخطواته هذه أتت من حرص القوّات على عدم انهيار البلد ولو لم تُتّخذ هذه الخيارات لكانت اتُّهمت بتعطيل الوضع من هذا المنطلق أخذت القوّات هذه الخيارات خصوصًا وأنّها حرصت على التعاون مع الفريق الذي وصل إلى السلطة حفاظًا على لبنان، لكنّ فور وصول هذا الفريق إلى السلطة تراجع عن النقاط التي تمّ الاتّفاق عليها ربّما لأنّه فرح بوصوله إلى السلطة ونسي الإصلاح والأسس التي وضعت للعمل عليها".
ولفت كرم "يصفوننا بأنّنا المعارضة لكنّنا لسنا معارضة ولا نرغب بأن نكون في المعارضة بل نحن حالة اصلاحيّة في الحكومة أو خارجها والفعاليّة في العمل على الإصلاح من خلال طروحاتنا من داخل الحكومة وليس من خارجها ولاسيّما أنّ القوّات عدّلت العديد من الملفات الشفافة وكشفت الكثير ولاسيّما في الحقائب التي تتولّاها"، موضّحًا أنّ "هناك من يسعى إلى إخراج القوّات اللّبنانيّة من الحكومة لأنّ بهذه الخطوة لا يكون هناك وجود لأيّ صوت معارض من الداخل لذلك على المعارضين في الخارج على مساعدة ودعم القوّات لأنّ محاولة عزلها يعني عزل المعارضة ككلّ واليوم القوّات هي خطّ الدفاع الأوّل عن المعارضة وستبقى كذلك ولا أحد قادر على عزلنا".
إقرأ أيضًا:" نداء الوطن تواجه جمهوريّة خامنئي دفاعًا عن لبنان "
في غضون ذلك، يُشير نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ، إلى أنّ "الجفاء مع قيادة القوّات يأتي من الخيار الاستراتيجي بالإتيان بحليف إيران وحزب الله إلى السلطة من رئاسة الجمهوريّة، و قانون الإنتخابات الجائر، والحكومة المعدومة التوازن، ومجلس النواب ذات الأغلبيّة التي تغطي الأمر الواقع. عندما أعلنت القوّات أنّها فشلت في خيارها أخذت خطاب المعارضة مع الإبقاء على الغطاء السياسي للأمر الواقع، بالتالي أنّها تُهاجم معارضتنا على أنّها لا تجدي بينما معارضتنا هي من فضح من خارج الحكم والحكومة خصوصًا في قضيّة البواخر وأخذ التوتر العالي والنفايات والإقامة بدل التملك العقاري وغيرها من الأمور الحيويّة التي أسقطت انتهاك حق المواطن والضرب بعرض الحائط بالدستور، لا يمكن ان يتلطى احد بمبدأ الديمقراطية التوافقية لنفي حق الاعتراض الفعال من الخارج"، مُتسائلًا:"أولم يأخذ الرئيس الشهيد رفيق الحريري نفسه مثل هذا الخيار عندما عارض الحكومة من الخارج؟"
ويعتبر الصايغ في حديثٍ مع "لبنان الجديد" أنّ "الكتائب تعوّدت أن تكون في الكثير من المواقف وحيدة ولكنّها هي في طور تجميع كتلة رأي عام كبيرة تناصرها الرأي وتمحضها الثقة"، لافتًا إلى أنّ "هناك اتفاق على الكثير من المبادىء مع القوّات، لكنّنا لا نقايض بين المبدأ والمصلحة السياسيّة، قائلًا:" نعرف ان نتعاطى في السياسة ونربح أحيانًا ونتحمّل قساوة الظروف أحيانا اخرى ولكنّنا لا نخطىء في الخيارات الوطنيّة. لذلك لا يرضينا منصب ولا يغضبنا خسارته، لأنّ البوصلة عندنا موجهّة دائمًا نحو أرز لبنان، يعني جوهره".
وأكّد الصايغ أنّ لا أحد يضمن حقوق المسيحيّين في لبنان إلّا الدولة، دولة الحقّ والمؤسّسات والمعايير والكفاءة والعدالة الاجتماعيّة واقتصاد السوق والمبادرة الفرديّة المتحررة، قائلًا:" اين نحن من كل هذا؟ لا يريد المسيحيّون أن يتساووا في الفقر والعوز والجوع والاضطهاد بل أن يكونوا كما دائمًا رافعة وطنيّة في كلّ الميادين لتحقيق الازدهار. انّ حقوق المسيحيّين اليوم هي شيك من دون رصيد لأنّ الريح هو وهمي فيما نحن بصدد خسارة وطن".
وعن العلاقة مع الرئيس الحريري، أجاب:" من موقع المعارضة المسؤولة، خطابنا معه واحد في السرّ وفي العلن، وهو خطاب شفاف، صريح، واضح وهادف. لذلك أعلن ان اقتراحات المعارضة يأخذها على محمل الجدّ وسيعطيها الاهتمام الكافي، وتبقى العبرة في التنفيذ".
فيما يتعلّق بعلاقة الحريري – جنبلاط ، لا يعتقد الصايغ انّ "هناك مؤامرة على أحد، بل محاولات لتدعيم الحكومة بوجه الأعاصير القائمة والقادمة، لذلك لا يعتبر انّ الاشتباك مع جعجع فيه مصلحة لأحد في ظلّ المعطيات الراهنة".
وفي الختام، أكّد الصايغ ان "لا قبض على سليم عياش، لأنّ حزب الله لا يعترف أصلًا بالمحكمة الدوليّة"