أكد وزير العدل القاضي ألبرت سرحان، خلال تفقده مع الرئيس الأول لمحكمة التمييز القاضي جان فهد أعمال التأهيل والترميم التي شارفت على نهايتها لأرشيف محكمة التمييز في قصر عدل بيروت، "أن التحدي الأكبر هو الحفاظ على الإرث القضائي الذي نملك وحمايته ماديا ومعنويا وتوريثه الى جيل المستقبل الذي نتكل عليه في بناء لبنان الغد والذي يجب أن يتخلص من كل العفن والأدران والأوساخ في النفوس قبل أي شيء آخر".
واستمع سرحان والحضور، خلال الجولة، الى شرح مسهب قدمه رئيس جمعية "فرح العطاء" المحامي ملحم خلف، تضمن المراحل التي مرت بها أعمال فرز الملفات وتوضيبها وترتيبها، وهي مهمة بدأتها الجمعية في شباط المنصرم بمساعدة شباب وشابات متطوعين من الجمعية وطلاب جامعيين أجانب، بالإضافة الى عدد من المساعدين القضائيين الذين كانوا يعاونون الجمعية خلال عطل نهاية الأسبوع والعطل الرسمية.
فهد
وتحدث القاضي فهد عن فكرة وتنفيذ مشروع التأهيل، فقال: "في نهاية العام الماضي حضر الى مكتبي الصديق ملحم خلف طارحا ان تقوم جمعية "فرح العطاء" بتنظيم ارشيف محكمة التمييز بعدما أمسى التفتيش عن الملفات في الأرشيف مهمة شاقة، إن لم تكن مستحيلة، ما أوقف مصالح الناس المتعلقة بها، فنزلنا سوية الى المستودع في الطابق السفلي حيث نحن الآن، واطلع خلف على حال المحفوظات، وبقي مبتسما ومؤكدا لي ان الجمعية تقبل التحدي. وما هي الا اسابيع قليلة حتى حضر متطوعو الجمعية الى المستودع بعد معالجة الحشرات فيه وبدأوا العمل في تنظيف وتنظيم وترتيب محفوظات محكمة التمييز التي تحتوي ملفات وقرارات تعود الى عشرينيات القرن المنصرم بكد وجهد ومثابرة قل نظيرها".
وتابع: "لقد أدى المساعدون القضائييون قسطا من العمل وفقا لما تسمح به أوقاتهم، وتمت فهرسة كل الملفات بصورة الكترونية ما يساعد في الوصول اليها عند الحاجة".
أضاف: "إن عملية اعادة تأهيل مخزن محفوظات وملفات محكمة التمييز من قبل متطوعي "فرح العطاء" هي تأكيد على التزامهم التعاضدي الوطني للتصدي لما يعيق عمل بعض المحاكم، وذلك ايمانا منهم بالمواطنة الملتزمة وبأن القضاء هو رافعة الوطن ونهضته وقيامته".
وختم بالقول: "إن هذه العملية سبقت مشروع مكننة كل محفوظات محكمة التمييز، وهو مشروع ممول من قبل حكومة الولايات المتحدة الأميركية بقيمة مليونين ونصف مليون دولار اميركي من خلال اتفاق موقع مع قسم INL في السفارة الاميركية".
سرحان
وتوجه سرحان الى رئيس ومتطوعي جمعية "فرح العطاء" بالقول: "لقد سبق أن اطلعت في السابق على عملكم ميدانيا، ونحن في الواقع مهما فعلنا لا يمكن أن نفيكم حقكم على هذا العمل الجبار الذي قمتم به. الفكرة بحد ذاتها مهمة، واليد التي نفذت شجاعة، وبالتالي فقد قمتم بإنجاز كبير بإشراف الدكتور ملحم خلف وتوجيهه".
وأضاف: "لقد عبر الرئيس الاول في كلمته عن موقف، ليس فقط وزارة العدل، إنما الجسم القضائي ككل، وهو موقف يتسم بالإمتنان والشكر وعرفان الجميل ل"فرح العطاء"، هذه المؤسسة الأنسانية والاجتماعية التي لا تبغي الربح بل على العكس تبذل من جيبها وجهدها ونشاطها لتأدية هذا العمل من دون أن تنتظر التقدير أو الشكر".
وتابع: "بعد إزالة الغبار والاوساخ وآثار الحريق، ها نحن اليوم نعتمد على جيل "فرح العطاء" في بناء لبنان الغد الذي يجب ان يتخلص من العفن والدرن والأوساخ في النفوس، وهذا الجيل هو المثال والقدوة لنا جميعا. إن العمل الجبار الذي قمتم به لا يمكن ان يكافأ بكلمة تقدير فقط، ومهما قلنا فنحن لا نفيكم حقكم، فبوركت الفكرة واليد التي نفذتها وكل التحية والتقدير للمحامي خلف".
وشكر سرحان "الرئيس الاول لمحكمة التمييز القاضي فهد على كل الجهود التي بذلها لإتمام هذا المشروع الذي يحفظ حقوق المتقاضين"، وقال: "انا أعرف تمام المعرفة ان عمل "فرح العطاء" في هذا المشروع كان همه الدائم، خلال ورشة العمل، انطلاقا من حرصه في المحافظة على الإرث القضائي، وهذا ليس الأنجاز الوحيد الذي حققه خلال فترة ولايته القضائية، فالتاريخ سيذكر له حتما العديد من الإنجازات في القضاء والعدلية وقصور العدل وبين جميع القضاة".
خلف
وتحدث المحامي خلف، في كلمة مقتضبة، عن "الأمل الذي يترجم الى اعمال، وعن الكلام الذي بات اليوم انجازا". وقال: "لا خوف على لبنان طالما هناك عائلات تعطي شبانا وشابات مثل متطوعي "فرح العطاء"، فالأوطان من دون عدالة ليست أوطانا، لأن العدالة هي حجر الزاوية، ونحن بحاجة اليها والى استرجاع ثقة الناس بها. هذا العمل ما هو الا خطوة نأمل ان تليها خطوات أخرى".
وفي الختام، قدم القاضي فهد درعا تكريمية للمحامي خلف عبارة عن مجسم "السيدة العدالة اللبنانية"، إضافة الى هدايا تذكارية هي "مطرقة العدالة"الى عدد من متطوعي الجمعية والمساعدين القضائيين الذين شاركوا في إنجاز هذا العمل.