السيد نصرالله غالباً ما يأخذ على بعض معارضيه تلقيهم أموالاً غير نظيفة من جهاتٍ وسفاراتٍ غير نظيفة بالطبع. في حين يحقّ له ما لا يحقّ لغيره بتلقي الأموال والعتاد وكل ما يلزم لوضع اليد على البلد المُستباح
تتحكّم في خطابات سماحة السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله مُعظلتان أساسياتان، لا يمكن تجاوزهما، كما لا يمكن طمس حقيقتهما مواجهةً أو مواربة، ولعلّه بفضلهما تمكّن حزب الله من وضع اليد على لبنان والتّحكم بمفاصل سياسته الداخلية والإقليمية وطبيعة علاقاته الدولية.
المعظلة الأولى: السيادة الوطنية والاستقلال...
من أولى البديهيات المفترضة أن يكون البلد مستقلاً، يتمتع بسيادة كاملة على أراضيه وحدوده ومجاله الجغرافي الحيوي، والسيادة كما هو معروف يُفترض أن تكون في يد السلطات الدستورية، التي تُنيط تنفيذ موجباتها وإجراءاتها للقوى العسكرية والأجهزة الأمنية الشرعية، وعليه لا يمتلك أي طرف داخلي، سواء كان حزباً أو تآلفاً حزبياً، أو طائفة أو عشيرة أو مجموعة مسلحة، أن تدّعي شرعيتها على السيادة، أو جزءٍ منها، أو الانتقاص منها، كما هو واقعٌ في لبنان منذ العام ٢٠٠٠ (عام الإنسحاب الإسرائيلي)، إذ عمدت المقاومة الإسلامية إلى ادّعاء مواصلتها مقاومة العدو الصهيوني حتى تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، ليُصار فيما بعد إلى مصادرة قرار السلم والحرب مع إسرائيل، وتنصيب حزب الله نفسه القادر وحده على ردعها، عبر ما يُسمّيه بتوازن الرعب، لذا تبرز هذه المعظلة (تجاوز منطق السيادة الوطنية والاستقلال) دائماً في خطاب السيد حسن نصرالله، فيُوفّق حيناً في تمويهها، ويُخفق أحياناً أخرى، ومن بينها خطابه في عاشوراء اليوم، عندما منّ على اللبنانيين باعترافه والتزامه القرار الأممي رقم ١٧٠١، وهذا الإلتزام لا معنى له في ظلّ مصادرته لقرارات السلم والحرب.
إقرأ ايضًا:" شامل روكز يشرئب للارتفاع والعُلُو في التيار الوطني الحر "
المعظلة الثانية: الولاء للخارج...
ولاء حزب الله وامينه العام للجمهورية الإسلامية الإيرانية ومرشدها الأعلى السيد علي الخامنئي، يرهن دور هذا الحزب بقوته التنظيمية وشعبيته المتعاظمة، وسلاحه المشرع والمخزون، في خدمة مصالح هذه الدولة الإقليمية ذات المصالح الحيوية، والمتضاربة في غالب الأحيان مع مصالح سائر الدول العربية، وهذه معظلة تنتقص من دور حزب الله "الوطني" والمستقل عن مصالح "الامبرياليات" القريبة والبعيدة، ومن المفارقات أنّ هذا الارتهان للخارج يجب أن يكون موضع مُساءلة ومحاكمة وملاحقة، لا موضع مفاخرة واستكبار واستقواء، كما ظهر اليوم في خطاب السيد حسن نصرالله الذي وضع نفسه في خدمة قائده وسيّده ومولاه المرشد الأعلى السيد علي الخامنئي( حسين هذا العصر)، ومفارقة أخرى أنّ السيد نصرالله غالباً ما يأخذ على بعض معارضيه تلقيهم أموالاً غير "نظيفة" من جهاتٍ وسفاراتٍ غير نظيفة بالطبع. في حين يحقّ له ما لا يحقّ لغيره بتلقي الأموال والعتاد وكل ما يلزم لوضع اليد على البلد المُستباح.