هل احتوت الطبقة السياسية ممثلة بالثلاثة الاقوياء، في الرئاسات وفي طوائفهم، الشخصية الرابعة في النظام السياسي اللبناني: وليد جنبلاط؟
مؤشرات ما بعد حادث قبرشمون، تعكس تطورات إيجابية، خلافاً للتقديرات الجنبلاطية: مجلس الوزراء عاد للانعقاد من دون إحالة ملف قبرشمون إلى المجلس العدلي، التقارب العوني - الجنبلاطي، الذي تدرجه الأوساط القريبة من التيار الوطني الحر بـ«الحكم القائم على شراكة الاقوياء، وبقوة تمثيلهم لطوائفهم».. لا سيما وان اللقاء جاء بدعوة من رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط.
بالتزامن كان الرئيس نبيه بري يُعيد وصل ما انقطع بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي بمصالحة أعادت الأوضاع إلى ما قبل احداث قبرشمون، على ان يكون للقضاء كلمة الفصل في الملف الأمني.
وضمن هذه التطورات، باتت الطريق مفتوحة امام التعيينات في نواب حاكم مصرف لبنان، والتي تعثرت بسبب الخلاف على الحاكم الدرزي، فضلاً عن التعيينات في المراكز القضائية الشاغرة.
صفر مشاكل
وفي تقدير مصادر مطلعة، ان عناوين الأسبوع الطالع لا تختلف عن الموضوعات التي شغلت الاهتمام الرسمي والسياسي في الأسبوع الماضي، سواء على صعيد المعالجات الجارية للأزمة المالية التي يواجهها البلد، أو متابعة الاستحقاقات المصيرية بما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والبرية، لكن الأهم من كل ذلك سياسياً هو استثمار المصالحات التي انتهى إليها الأسبوع الماضي، سواء بين «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، أو بين هذا الأخير و«التيار الوطني الحر»، بحيث يصل لبنان، ومع القيادات السياسية إلى مرحلة صفر مشاكل، على حدّ تعبير الوزير وائل أبو فاعور، فتفتح أبواب الحوار السياسي والاقتصادي بين الفرقاء بما يؤسّس لمرحلة جديدة بالكامل من الوئام والسلام، تكاد تكون أشبه بالحلم الذي سرعان ما يندثر عند طلوع الصباح.
وبحسب هذه المصادر، فإن لقاء رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ورئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط يوم الجمعة الماضي في اللقلوق، بدعوة من باسيل، وبعده اللقاء القيادي يوم السبت بين «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» في عين التينة برعاية وحضور الرئيس نبيه برّي حمل مؤشرات مهمة سياسية وحكومية على تفاهمات بين قوى سياسية وأساسية مؤثرة في صنع القرار وتنفيذه على كل المستويات، من شأنها اراحة الحكم والحكومة والرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، ما لم تحصل مناكفات من أطراف أخرى متضررة، أو معترضة على طريقة مقاربة الملفات بدأت تظهر مؤشراتها، في إلغاء زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع التي كانت مقررة للشوف يوم السبت، رغم نفي «القوات» لهذا الاحتمال، وتأكيد جعجع ان السبب ليس سياسياً وليس أمنياً، وان كان تحفظ عن ذكر السبب، مؤكداً ان الزيارة ارجئت ولم تلغَ، وانها ستتم حتماً في وقت لاحق، وانه كان سيلتقي زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في المختارة.
لقاء اللقلوق
وبحسب المعلومات فإن لقاء اللقوق، والذي لم يعلن الا بعد أن كشف النقاب عنه عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سيزار أبي خليل، أسفر عن تجاوز أزمة جريمة قبرشمون - البساتين قبل ثلاثة أشهر، بالتوافق على وضعها بيد القضاء وعدم التدخل السياسي في مساره، علماً ان المحكمة العسكرية ستعاود اليوم استجواب الموقوفين في الحادثة التي ذهب ضحيتها اثنان من مرافقي الوزير صالح الغريب.
وفي هذا السياق، أكّد الوزير أبو فاعور، خلال رعايته عشاء تكريمياً في راشيا، ان تيمور جنبلاط لا يرضى ان تكون أي تسويات سياسية على حساب تساوي الجميع امام القانون، آملاً ان يتواضع الجميع ويذهب المطلوبون إلى الشهادة أو إلى التحقيق خلال جلسة الاستجواب يوم الاثنين المقبل (اليوم) كما ذهب المطلوبون إلى الشهادة من أنصار الحزب الاشتراكي.
وأوضح أبو فاعور ان لقاء جنبلاط الابن بالوزير باسيل في اللقلوق حصل «بدعوة من باسيل ويهدف الى الحرص على المصالحة وفتح الحوار واستكشاف آفاق العلاقة السياسية المستقبلية، دون إلغاء الاختلافات التي حصلت في الفترة السابقة»، مؤكدا أن «تيمور جنبلاط حاسم ألا يكون هذا اللقاء او غيره على حساب الثوابت او القضاء وتحديدا في قضية البساتين».
اما النائب جنبلاط، فقد حرص بدوره على التذكير بأن «اراحة الجو في ظل الظروف الراهنة، يجب ان يشمل المسار القضائي في قضية البساتين الجميع من دون استثناء»، في إشارة إلى حليف باسيل النائب طلال أرسلان.
لكن الأهم، حسب مصادر المجتمعين، ان «لقاء اللقلوق» تناول كل الملفات بصراحة وشفافية وعبّر كل طرف عن وجهة نظره حيالها، واسهم في التوافق على شراكة سياسية - وانمائية في الجبل، حيث يتواجد الطرفان نيابيا ويتمثلان حكوميا، ما يعني ان الطرفين توافقا على تكريس تهدئة مستدامة تريح منطقة التواجد الشعبي المشترك، وتقدم لها مشاريع إنمائية بدفع من الطرفين، سواء في المجلس النيابي او في الحكومة، وهو ما شدّد عليه النائب أبي خليل الذي نشر على حساب عبر «تويتر» صورتين للقاء، مؤكداً ان محوره كان «بناء المستقبل لشبابنا معاً على أسس الشراكة في السياسة والادارة والانماء».
.. ولقاء عين التينة
وعلى خط مواز، كان لقاء المصالحة في عين التينة السبت يصب في السياق ذاته بتكريس حالة تهدئة دائمة بين الحزب التقدمي الاشتراكي و«حزب الله»، وقد طرح الرئيس برّي، بحسب مصادر المجتمعين، كل الملفات الخلافية، مقترحاً حلولاً لها، بحيث اتفق على ان تبقى معالجة مشكلتي كسارة عين دارة وجريمة البساتين ضمن المسار القضائي، وإعادة تنظيم الخلاف بين الطرفين حول الملفات الاقليمية الخلافية، لا سيما حول سوريا، مع بقاء كل طرف على وجهة نظره، لكن ضمن حدود معالجة اي اشكالية بالحوار.
وعلمت «اللواء» ان الحزب الاشتراكي وافق على اقتراح برّي عدم إثارة موضوع لبنانية مزارع شبعا، مؤكداً امام المجتمعين انها لبنانية لبنانية.
وعلى هذا الاساس تقرر ان تُستأنف الاجتماعات بين الطرفين على مستوى قيادي، الى حين توافر الظروف لعقد لقاء بين الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله وبين رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط.
وقال المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل الذي رأس وفد الحزب ان قيادتي الحزبين فوضتا الرئيس برّي وضع أسس لحل كل المشكلات التي اعترت الفترة الماضية، واتفقنا على عودة الأمور إلى مجاريها، يعني الأمور التي نتفق عليها وهي كثيرة في الأمور السياسية التي تشكّل قاسماً مشتركاً بين الطرفين وبالامور التي نختلف نتفق على تنظيم الخلاف بما تعيد الاستقرار ومصلحة البلد امنياً واقتصادياً.
وإذ أكّد ان اللقاء توج ما يُمكن تسميته المصارحة والمصالحة، قال الخليل ان الجو كان ودياً، وكانت المحصلة جيدة، معرباً عن اعتقاده انه بالتفويض الذي أعطى للرئيس برّي كان الجميع مرتاحاً ومتفقاً على كل ما اقترحه رئيس المجلس من حلول ككل المسائل.
وبدوره، شكر الوزير السابق غازي العريضي الذي كان من ضمن الوفد الاشتراكي مع الوزير أبو فاعور، الرئيس برّي على ما قام ويقوم به من جهود استثنائية حرصاً على وحدة واستقرار البلد، مشيراً إلى ان الجو كان ايجابياً واللقاء كان مثمراً، والحديث كان صريحاً وحريصاً على ان تعود الأمور إلى مجاريها.
وكشف موقع «الانباء» التابع للحزب الاشتراكي نقلاً عن أوساط مواكبة، ان المحصلة المهمة للقاء عين التينة كان التفاهم بين الحزبين على كسر حالة القطيعة واسترجاع العلاقة إلى ما كانت عليه وفق القواعد التي كانت قائمة، أي تنظيم الخلاف السياسي والاحترام المتبادل».
وفي رأي المصادر السياسية المتابعة، ان أهمية ما حصل، في المحصلة السياسية، يكمن في ان تفاهمات عين التينة واللقلوق تؤسس لمرحلة الخروج من الأزمة السياسية القائمة على انعدام التواصل من جهة، وانعدام وجود رؤية موحدة للقوى الاساسية لكيفية مقاربة الاوضاع الصعبة القائمة، واذا استمر هذا النمط من التشاور والتوافق على خطوات عملية تنفيذية تتم ترجمتها في البرلمان والحكومة، ولو«بالقطعة» وحسب كل ملف،فإن قطارالحلول سينطلق بزخم.
وبعيداً عن حسابات الربح والخسارة، فإن وليد جنبلاط كرّس نفسه بالمعادلة السياسية عنصرا بارزا لا يتخطاه احد، وذلك بإرسائه تفاهمات مع القوى الاساسية، كالرئيس بري و«التيار الحر» و«حزب الله»، اضافة الى تحالفه الثابت مع «القوات اللبنانية»، وهو ما اكده التقدمي و«القوات». وكذلك ارسى «التيارالحر» معادلة وجوده في الجبل كقوة سياسية نيابية وشعبية لا يمكن بعد الان تجاوزها، وهو امر من المفترض ان تتم ترجمته عبر استكمال الوزير باسيل جولته في الجبل التي لم تتم فصولا في حزيران الماضي نتيجة جريمة البساتين، وذلك بعد عودته من جولته الاوروبية، والتي تشمل برلين ولندن، والاميركية التي تشمل واشنطن ونيويورك وعشر ولايات تقريبا.
جلستان للحكومة أم جلسة؟
ووفقاً لهذه الأجواء الإيجابية، التي حفلت بها نهاية الأسبوع، يفترض ان تستفيد الحكومة منها لتندفع نحو متابعة معالجات الأزمات السياسية والمالية بزخم يماثل الاندفاعة السياسية، لكن ايَّا من المصادر الوزارية لم يُؤكّد المعلومات التي تحدثت عن عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم الاثنين أو بعد غد الأربعاء (بسبب العطلة الرسمية غداً) للبدء بدراسة أولوية لمشروع موازنة العام 2020، وان كانت أكدت عقد جلسة الخميس المقبل لإقرار التعيينات في المراكز القضائية الشاغرة على النحو الذي كشفته «اللواء» السبت.
وبحسب مصدر وزاري مطلع فإن حديث جلسة الاثنين كانت مجرّد فكرة جرى تداولها، والظاهر ان الأهم بالنسبة للرئيس الحريري، هو جلسات العمل التي سيعقدها، ويأتي في طليعتها الاجتماع المالي المنتظر اليوم في السراي الحكومي للاتفاق على الخطوات التنفيذية لاطلاق اكتتاب باليوروبوند ضمن مهلة لا تتعدّى الشهر المقبل، في الاجتماع الوزاري- الأمني الذي سيعقد أيضاً لبحث موضوع المعابر الشرعية، ويحضره وزراء الدفاع الياس بوصعب والمال علي حسن خليل والداخلية ريّا الحسن. وبطبيعة، فإنه ربما في هذين الاجتماعين سيتم وضع برمجة لدرس الموازنة الجديدة، في ضوء نتائج المهمة الاستطلاعية التي قام بها مُنسّق مؤتمر «سيدر» بياردو كان لبيروت، والتي حملت نوعاً من التحذير من التباطؤ في الإصلاحات المطلوبة، وفي طليعتها معالجة مشكلة الكهرباء.
شينكر في بيروت الأربعاء
اما المحطة المهمة في أجندة الأسبوع الطالع، فسيكون عنوانها امني- سيادي، يتعلق بمسألة ترسيم الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي في البحر والبر، علماً ان هذه المسألة ستعيد الاضاءة على الوضع في الجنوب، خصوصاً ما حصل من تصعيد وتوتر بعد غارة «المسيرتين» على الضاحية الجنوبية ورد حزب الله في عملية «افيميم».
وفي هذا السياق، علمت «اللواء» من مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى، ان الموفد الاميركي الخاص الى لبنان للمساهمة في مفاوضات تحديد الحدود البرية والبحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، دايفيد شنكر سيصل الى بيروت مساء اليوم، ليتابع مهمة سلفه دايفيد ساترفيلد. وهو سيلتقي الرئيس نبيه بري كونه المعني الاول والمكلف رسميا بالتفاوض حول هذ الموضوع، ومن دون استبعاد احتمال اجتماعه بالرئيس ميشال عون، على ان يعقد لقاءً غداً مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل.
وقالت المصادر: ان النقطتين العالقتين بين لبنان والكيان الاسرائيلي ليستا مستحيلتي الحل، وتتعلقان برعاية المفاوضات ووقف الانشاءات والاعمال العسكرية للعدو الاسرائيلي عند الحدود، حيث ان الرئيس بري يريد رعاية كاملة من الامم المتحدة في حضور الاميركي، على أعلى المستويات براَ وبحرأ، بينما تريد اسرائيل للترسيم البري رعاية الامم المتحدة وللترسيم البحري رعاية اميركية، ويمكن ايجاد حل للخلاف بموافقة الكيان الاسرائيلي اذا اصر لبنان على موقفه،خشية توقف المفاوضات، ذلك ان اسرائيل واميركا كما لبنان يريدون الانتهاء من تحديد الحدود البحرية للبدء باستثمار النفط والغاز من البحر.
جدل قانوني حول إعلان فوز عز الدين بنيابة صور
علمت «اللواء» ان وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن كلفت مجموعة من الخبراء في القانون والدستور درس الحالة الناجمة عن انسحاب المرشحة للانتخابات الفرعية التي يفترض ان تجري الأحد المقبل في دائرة صور، المحامية بشرى الخليل لمصلحة مرشّح «حزب الله» الشيخ حسن عز الدين، بعد انتهاء المهلة القانونية المحددة بعشرة أيام قبل موعد الانتخابات، الأمر الذي دفع بوزارة الداخلية إلى التريث في إعلان فوز المرشح الوحيد أي الشيخ عز الدين بالتزكية، وبالتالي إلغاء كل الأمور اللوجستية المتعلقة باجراء الانتخابات الأحد المقبل.
وذكرت مصادر متابعة، انه يدور جدل حول قانونية عزوف المرشحة الخليل عن خوض الانتخابات، وحول إعلان عدم اجراء هذه الانتخابات، إذ يُؤكّد خبراء، وبينهم الوزير السابق زياد بارود عدم قانونية إعلان فوز المرشح عز الدين، قبل يوم الأحد المقبل، حيث يتم التأكد من عدم وجود منافس له، في حين تؤكد مراجع قانونية وجود سابقة مع النائب السابق بيار دكاش حيث أعلن عن فوزه قبل الموعد المحدد للانتخابات الفرعية في المتن.