كد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان لبنان سيخرج من الازمة الاقتصادية الراهنة التي نتجت عن تراكمات امتدت ثلاثين سنة من بين اسبابها الاساسية اعتماد سياسة الاقتصاد الريعي، ولفت الى ان من بين الاجراءات التي ستتخذ لمعالجة الوضع جذريا، الحد من التضخم الوظيفي ومن المساعدات غير المنتجة وسلفات الخزينة غير المبررة وغيرها، مشيرا الى ان العمل قائم لخفض العجز في فاتورة الطاقة، ولبدء التنقيب عن النفط والغاز في اواخر السنة الجارية. وطمأن الرئيس عون اللبنانيين بالقول: "لم نعتد الانهزام امام اي صعوبة. ولن ننهزم اليوم".
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا حاكم جمعية اندية" الليونز" الدولية لمنطقة 351 لبنان والاردن والعراق وفلسطين، السيد نبيل نصور على رأس وفد من الحكام السابقين ونوابهم وامناء سر المنطقة الذين اتوا لشكر الرئيس عون على رعايته حفل التسليم والتسلم بين الحاكم الجديد السيد نبيل نصور والحاكم السابق المهندس ايلي زينون، واطلاعه على النشاطات الانسانية التي تقوم بها الجمعية وبرنامجها للعام 2019.
والقى الحاكم نصور كلمة قال فيها: "ان رعايتكم الدائمة، فخامة الرئيس لمؤتمراتنا ولقاءاتنا الكبيرة، اثمرت وها بدأ الليونزيون من كل العالم يعودون الى لبنان، بعد سنوات عجاف. يعودون بعد ان زرعتم بذور الثقة بلبنان، وكان حضور فخامتكم في مؤتمر البحر المتوسط رافدا ورافعة لليونز، واضفى ايضا المزيد من الثقة، ومن هنا سيستضيف لبنان مؤتمر كل العرب في بيروت بين 24 و 26 كانون الثاني المقبل 2020، وسيترافق مع لقاء لشبيبة الليونز العرب. في مسيرتكم العطرة، وفي نهجكم الراسخ على قناعة بقيامة لبنان، كنتم لنا خير مثال في التصدي للمصاعب وتطويعها، لخدمة الانسان والخير العام، ومن وحي مسيرتكم اخترت لهذه السنة شعار " نعم نستطيع" متسلحا بارادة وعزم وعزيمة.
اضاف: نعم يا فخامة الرئيس "نعم نستطيع" لا تنقصنا الافكار، وما الورقة الاقتصادية التي عملتم على وضعها الا خير دليل على اننا نستطيع. وكلنا امل ان هذه الورقة ستشكل المنطلق للخروج من ازماتنا الراهنة، ونحن على ثقة انها ستحقق نهضة سريعة، مترافقة مع اجراءات صارمة كي لا تزداد الامور سوءا يوما بعد يوم وبحكمتكم يا فخامة الرئيس سنعبر بالسفينة الى بر الامان.
ورد الرئيس عون بكلمة اشار فيها الى الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي يعيشه لبنان، لافتاً الى انجاز ورقة اقتصادية مالية للخروج من الازمة. وقال: "هذه الازمة عمرها 30 سنة بسبب اعتماد سياسة الاقتصاد الريعي. بعد انتخابي رئيسا للجمهورية بدأنا بالكلام عن الاقتصاد المنتج لحماية عملتنا الوطنية، ووجدنا ان الكثير من القطاعات يمر بمرحلة تراجع من الزراعة، الى الصناعة، وغيرها. وكان هناك البعض في الاعلام ومن الاختصاصيين الذين لم يتوقفوا عن التبشير بالانهيار والافلاس، وهذا اوجد هلعاً وشكوكاً لدى الناس، فيما في اليونان مثلاً تعاضد الجميع للخروج من الأزمة".
واضاف: "اؤكد لكم اننا سنخرج من الازمة الاقتصادية. ستكون هناك بعض الاجراءات الجذرية التي علينا اتخاذها من اجل ذلك، لضبط الكثير من الامور، كالتضخم الوظيفي، والمساعدات غير المنتجة، والمبالغ التي اختفت من الميزانيات السابقة، اضافة الى سلفات الخزينة غير المبررة. كل هذه الامور علينا تصفيتها. نسعى الآن الى تخفيض العجز في فاتورة الطاقة، وانا شخصياً اسعى الى الغائه كلياً. وفي اواخر السنة سيبدأ التنقيب عن النفط، ما من شأنه استنهاض مالية الدولة. وسنعمل لكي ترفع المؤسسات المالية الدولية تصنيف لبنان، لتتمكن البلاد من القفز الى الامام". وختم رئيس الجمهورية بالقول:" لم نعتد الانهزام امام اي صعوبة، ولن ننهزم اليوم".
وفي نشاطه بحث الرئيس عون حاجات المستشفيات في لبنان ووفد من نقابة اصحاب المستشفيات في لبنان برئاسة النقيب سليمان هارون الذي القى كلمة عرض فيها للواقع الذي تعيشه هذه المستشفيات وعددها 160 مستشفى منها الجامعية وتلك التي تملكها المؤسسات الدينية المسيحية والجمعيات الخيرية الاسلامية، كما المؤسسات التابعة لحزب الله، والمستشفيات المملوكة من اشخاص او شركات.
وثمن هارون جهود الرئيس عون لمعالجة الاوضاع الاقتصادية الدقيقة، لافتا الى ان المستشفيات تمر حاليا بوضع حرج جدا بسبب النقص في السيولة، حيث ان مستحقاتها لدى الدولة تجاوزت المليار دولار وتعود الى الفترة ما بين سنة 2012 و2019. وقال:" لقد اصبح ملحا ان تعالج هذه المشكلة وان يتم تأمين الاموال اللازمة للمستشفيات مهما كلف الامر والا نحن نخشى الوصول الى مأزق لا سيما وان المستشفيات اللبنانية تستقبل سنويا 850.000 حالة استشفاء من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين. والقول ان الناس يموتون على ابواب المستشفيات لا اساس له من الصحة وهو مجرد افتراء. كما ان معدل كلفة الاستشفاء في لبنان يبلغ 400 دولار عن كل شخص سنويا بينما في اوروبا مثلا يبلغ 2000 دولار. وفي اميركا 3500 دولار. علما اننا نستعمل نفس الادوية والمعدات مثلهم. اذا القول ان الفاتورة الاستشفائية في لبنان هي الاعلى في العالم هو ايضا عار تماما عن الصحة. كما نسمع بين الحين والاخر ان المستشفيات تبالغ في فواتيرها ونحن نؤكد ان هذا غير ممكن بسبب الرقابة الصارمة التي تمارسها الجهات الضامنة على عدة مستويات. هذه كلها اقوال نجابه بها كلما طالبنا بتسديد مستحقاتنا ولذلك اقتضى التوضيح".
وناشد هارون الرئيس عون العمل على تسديد مستحقات المستشفيات "بشكل مبرمج يؤمن السيولة اللازمة لها من جهة ولا يرهق خزينة الدولة من جهة اخرى تفاديا للوقوع في ازمة صحية واجتماعية ليس الان اوانها".
ورد الرئيس عون عارضا للواقع الاقتصادي في البلاد والجهود التي تبذل لاعادة الاستقرار الاقتصادي لاسيما بعد الاجتماع السياسي- الاقتصادي الذي عقد في قصر بعبدا يوم الاثنين الماضي، لافتا الى المقترحات التي قدمت والتي اعتبرت ركيزة للمعالجات المطلوبة.
واجرى الرئيس عون اتصالا هاتفيا بوزير المال علي حسن خليل وعرض معه مطالب نقابة اصحاب المستشفيات، وتقرر صرف مستحقات المستشفيات عن العام 2018 ابتداء من يوم الجمعة المقبل.
وشكر الوفد الرئيس عون على الاهتمام الذي ابداه وعلى مبادرته التي تركت اثرا ايجابيا.
كما عرض الرئيس عون الاوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد مع رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي السيد شارل عربيد بحضور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي. واوضح عربيد بعد اللقاء انه تداول مع رئيس الجمهورية في اجواء الاجتماع السياسي- الاقتصادي الذي عقد في قصر بعبدا يوم الاثنين الماضي، "وتسلمت نسخة عن المقترحات التي قدمت خلاله وسأنقلها الى زملائي في المجلس لمناقشتها واقتراح الافكار في شأنها".
وكان الرئيس عون التقى الممثل البرازيلي من اصل لبناني جوليانو لحام وافراد عائلته. وقد اطلع الممثل لحام الذي يزور لبنان للمرة الاولى منذ 12 عاما، الرئيس عون على نيته العودة الى لبنان كل سنة وتشجيع اللبنانيين في البرازيل على العودة الى موطنهم الاصلي.
كما اطلعه كذلك على المشروع الذي يعده حاليا وهو تصوير فيلم سيعرض في المهرجانات الدولية، وصالات السينما في البرازيل، بانتاج مشترك برازيلي – لبناني وسيجري تصويره في المناطق اللبنانية لعرض صورة حضارية عن لبنان الرسالة، تظهر للعالم حقيقة هذا الوطن كونه بلدا سياحيا وثقافيا متنوعا ومختلفا، وابعاد الصورة النمطية عنه السائدة لدى البعض.
والممثل لحام من اشهر ممثلي البرازيل حاليا ولديه اكثر من مليوني متابع على مواقع التواصل الاجتماعي في منطقة الريو وحدها، وقد شارك في عدد من المسلسلات والافلام والانتاجات المسرحية حصلت على جوائز عدة.
وقد نوه الرئيس عون بالانجازات التي حققها الممثل لحام مثنيا على الطاقات الاغترابية الشابة مثله، وقدرتها على نقل الصورة الحقيقية للبنان الى العالم، متمنيا له النجاح في الفيلم الذي ينتجه.