إعتبر النائب نهاد المشنوق أنّ "ما حصل في الضاحية هو خرق إسرائيلي واضح واعتداء، لأنّ سماء الضاحية ليست سماءً مستقلّة وليست سماءً تخصّ فريقاً، بل هي سماء بيروت والجنوب والبقاع والشمال وكلّ لبنان، ومسؤوليتها مسؤولية الدولة التي كانت بعيدة أو مبعدة عن الكثير من التفاصيل"، داعياً إلى "استراتيجية دفاعية تعيد للبنان مواصفات الدولة الطبيعية، بحقوقها في السيادة على أرضها ومقدّراتها، وبواجباتها كدولة مسؤولة أمام النظام الدولي، وليس دولة ساحة أو غرفة عمليات كما هو واقعنا اليوم"، محذّراً من أنّه "لا ازدهار ولا نموّ ولا تقدّم كبير، وأكاد أقول (وان شاء الله أكون مخطئاً) لا نفط ولا غاز، من دون الاتفاق الجدّي والحاسم على الاستراتيجية الدفاعية اللبنانية". ودعا "فخامة الرئيس وكلّ القوى السياسية للعودة إلى طاولة مباحثات جديّة حول استراتيجية دفاعية، وإلا فنحن نتّجه إلى مجهول لا نعرف إلى أين يصل".
وإذ أكّد المشنوق "وجود مطامع إسرائيلية ونوايا مبيّتة"، رأى في المقابل أنّ "هناك نزاعاً في المنطقة بين الأميركيين وبين الإيرانيين. لا أعتقد أنّ هناك من خرج ليقول إنّه مع المشروع الأميركي، لكن أيضاً نحن لسنا جزءًا من المشروع الإيراني ولن نكون ، بل نحن عربٌ عربٌ عربٌ".
وتمنّى أن "يصل إلى نتيجة الجهد الكبير في الموضوع المالي والاقتصادي"، معتبراً أنّه "يحتاج إلى جهد وقبول وتعب من كلّ الناس، لا أعتقد أنّه سيكون سهلاً الوصول إلى نتيجة في الوقت المناسب لأنّنا نسمع كلّ يوم خبراً سياسياً أو مناسبة سياسية أو مشكلة سياسية تعقّد لنا الأمور أكثر وأكثر".
واعترض نائب بيروت على "الحديث عن قرارات يتّخذها مجلس الدفاع الأعلى، فهو لا يحقّ له اتّخاذ قرارات، فهذا مخالف للدستور"، وأضاف: "الدستور يقول إنّ مجلس الدفاع الأعلى ينفّذ قرارات مجلس الوزراء"، رافضاً "استعمال هذه الصيغ لاختصار مجلس الوزراء في هيئات، أيّاً كانت أهميتها وأهميّة الأشخاص الذين يشاركون فيها، لأنّ هذا يشجّع على المزيد من خرق الدستور. وهذه ليست المرّة الأولى ولا الأخيرة التي يُخرق فيها الدستور". وأضاف: "ليس مسموحاً ولا منطقياً ولا مقبولاً أن تتحوّل الدولة، في لحظة، إلى مجرّد قوة إسناد قانوني وشرعي للقرار المستقلّ لحزب الله، صراحةً ودون مواربة".
وتابع المشنوق خلال احتفال بالحجّاج أقامته "الحملة السعودية اللبنانية" في "مركز العناية بالأم والطفل"، أنّ "حاجة استعمال سلاح معيّن ليس قراراً تأخذه جهة واحدة، لأنّ السلاح ليست عتاداً فقط، بل هو موقف سياسي وموقف استراتيجي على صلة بتوازنات المنطقة، وهي توازنات دقيقة جداً هذه الأيام"، وأكمل: "نوع السلاح، إمرة السلاح، مخازن السلاح، هذا قرار تأخذه الدولة اللبنانية وفق محدّدات واضحة ووفق إدراك واضح للفوائد والمخاطر، ولا يتم تعريض لبنان حينها إلى نتائج غير محسوبة".
وطالب المشنوق "بالحفاظ على الحدود بين دور الدولة ودور المقاومة، حدود لا يحقّ لأحد أن يلغيها، وكلّ طرف عليه أن يقوم بمسؤوليته وما عليه، بالشاور والمشاركة والتفاهم، لكن يجب أن تبقى الحدود". كما طلب "التوقف عن خرق الدستور تحت أيّ ظرف من الظروف. وهنا لا أدعو إلى إيقاظ فتنة أو إلى مواجهة، بل إلى التأكيد على دور الدولة، حتى لا نصير مثل نكتة "وينيّ الدولة". وقال إنّه حصر حديثه "بما جرى في الضاحية، لأنّ حصل في سوريا من اغتيال شهيدين هو موضوع خلاف بين اللبنانيين حول دور آخر لحزب الله خارج لبنان".
وسأل: "يريدون التفاهم على أيّ أساس؟ إذا كنت تريد تهديد كل الناس وتناولهم، وتقول إنّك جزء من المشروع الايراني في الحرب المقبلة. طيب هناك لبنانيون آخرون، هل سألتهم عن رأيهم؟"، معتبراً أنّ "هذا يراكم تبريرات أمام المجتمع الدولي للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان".
وكشف المشنوق أنّه سبق أن ناقش رئيس الجمهورية في هذه الموضوع مرّات عديدة: "وبصراحة كان متحمّسا ومتفهّما لهذا المنطق، لكن مؤخراً تحدّث عن إضافات طرأت على موضوع الاستراتيجية الدفاعية، قائلاً إنّها جعلت مناقشتها أصعب من قبل". وأضاف نائب بيروت: "مع احترامي فليسمح لنا فخامة الرئيس. كلّ يوم هناك ظرف وإضافة وطارىء ومشكلة وعنوان جديد يمكن أن نستعمله كي نؤجّل. لكنّ التأجيل ليس في مصلحة لبنان ولا اللبنانيين، بل على العكس تماماً، سيؤدي أكثر وأكثر إلى تراجع الثقة الدولية بلبنان وتراجع الدفاع الدولي عنه وتراجع التمسّك الدولي والعربي باستقراره".
وأكّد المشنوق أنّنا "قادرون على الدفاع عن أنفسنا ولا نحتاج أحداً، لا نحتاج إيرانيين ولا أميركيين ولا غيرهم، بوجه أيّ عدوان، بتفاهمنا على كيفية الدفاع وعلى أننا كلّنا يد واحدة، وهذا لا يتم لا بالإرغام ولا بالإلزام، بل بالتفاهم على الاستراتيجية الدفاعية".
وتابع: "كلكم تعرفون أخبار المنطقة في سوريا والعراق واليمن، وكلها أزمات واشتباكات، ويجب ألا نفتش عن أي اشتباك، الاشتباك الوحيد هو ردّ العدوان الإسرائيلي ضمن استراتجية واضحة الدولة موجودة فيها وتقرّر فيها وتشارك فيها، ولا أحد يمكن أن يدّعي للحظة أن الجيش اللبناني بقيادته الحالية، العماد جوزف عون، إلا أنّه قادر أن يقاوم وأن يردّ العدوان وأن يقوم بدور يحفظ كلّ لبنان وكلّ اللبنانيين".
وكان المشنوق قد وجّه تحية إلى الراحل الدكتور سهيل البوجي "رفيق سنين طويلة، "ربينا سوا"، من البسطة التحتا، وصولاً إلى السرايا الحكومية، وسيمرّ وقت طويل قبل أن يمرّ في الإدارة اللبنانية شخص على مستوى الدكتور سهيل البوجي، خصوصاً في بيروت. إذ لا يعرف كثيرون الجهد الذي قام به والمرجعية التي شكّلها لكلّ الطوائف والمناطق، وكان تفسيره ملزماً بسبب معرفته الموسوعية. وأذكر ابنته نهال بحضور الحاجة ناهد والدتها ، التي صارت زوجة ولديها أولاد. أذكر كيف كنت ألاعبها في قريطم، وليعوّضنا الله بكلّ الذين نفقدهم".
كما بدأ حديثه بتوجيه تحيّة "إلى روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي ترك فراغاً كبيراً جداً، ومهما حاولنا، كلنا دون استثناء، أن نملأ هذا الفراغ، فلن نستطيع، لا في شخصيته ولا في طبعه ولا في قدراته في إمكاناته ولا في اندفاعته ولا في سهره الليل ووصله الليل بالنهار ولا في همّه البيروتي الأول. وبالمناسبة، الذي وقّع على نقل نفوسه إلى بيروت هو الدكتور سهيل بوجي وأنا في العام 1996".
وشكر المشنوق، "للسنة الخامسة على التوالي، الحاج طارق والشيخ جمال وكلّ العلماء الذين ساهموا في تسهيل أمور الآلاف الذين حجّوا هذه السنة بمكرمة من المملكة، أكثر من العدد المسموح به في العادة"، وقال: "أرى كلّ عام، في عيون كلّ حاجّة وحاجّ، الدعاء لكلّ المسلمين والعرب، والدعاء لبيروت ولكلّ منطقة لبنانية"، ووجّه "الشكر والتقدير إلى المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على الجهد والتنظيم والدقّة في موسم الحجّ هذا العام".
الحفل الذي بدأ بتلاوة آيات من الذكر الحكيم من فرقة سعيد فريجة وكلمة من الحاج طارق كلش عن التيسير والتجلّي في الحجّ، انتهى بتقديم درع تذكاري للنائب المشنوق.