كتبت المحامية فرنسواز كامل رسالة عَتَب إلى الرئيس ميشال عون:
أيها الرئيس ميشال عون الذي تظاهرتُ ربعَ قرنٍ من عمري لأجلِكَ لأنّني تَأمَّلتُ ووَثقتُ بكَ... أيها الرئيس ميشال عون الذي صَلَّيتُ ليالٍ طِوال وسُرِرتُ وهَلَّلتُ لِمَجيئِكَ رئيساً... أيها الرئيس ميشال عون الذي كنتُ أرجو الله كل ليلة أن يُنقِص من سنوات حياتي ليُطيلَ بها عُمرَكَ... أيّها الرئيس ميشال عون الذي عِشتُ هاجِسَ الخَوف أنَّهُ إذا أَصابَكَ مَكروه لن أتَخيَّل أَو أَتَقَبَّل حياتي من دونِكَ.. ... أيها الرئيس ميشال عون الذي كنتُ أَزورَكَ مع والدي في منزلِكَ في الرابيه وأقولُ لكَ أنَّهُ لدَيَّ أبَوين على الأرض، أنتَ وأبي الذي أنجبني، وأنَّكَ أنتَ قَبلَهُ وهو كان يَفرَح بكلماتي ويقول لكَ مُبتَسماً أنَّ تفضيلي لَكَ عليه لا يُحزِنهُ لا بل بالعكس ... أيّها الرئيس ميشال عون الذي لطالَما دافَعتُ عنكَ بِشَراسَةٍ وخاصَمتُ كل مَن تكلَّمَ عنكَ بسوء منذ أن كنتَ مُبعَداً في فَرَنسا وحتى يومِنا هذا....
أيها الرئيس ميشال عون الذي ما إن كنتٓ تُنادي للتَّظاهر بالشارع حتى كنتُ أَهرَعُ بِفَرَح وشَغَف دونَ أَي تَرَدّد.... أيها الرئيس ميشال عون الذي عندما زرناكَ أنا وزملائي المحامين في التيار الوطني الحر عندَ فَوزِنا في إنتخابات نقابة المحامين وحين سأَلَكَ زميل لي متى ستكون رئيساً في قصر بعبدا وهذا السؤال كان يُحزِنُكَ، فتَدخَّلتُ وأَجَبتُهُ بثقة بأنَّه لا داعٍ لأن تكونَ في قصر بعبدا كي تَكونَ رَئيساً للجمهورية لأنَّهُ حيثُ تكون أنتَ تكون الجمهورية وأنَّكَ تَخَطَّيتَ الرئاسة كونَكَ زَعيم للبنان وللشرق كله، ...
أيها الرئيس ميشال عون الذي وَضَعتُ في يَدي أيقونة ذَهَب مَحفورٌ عليها رَأسِكَ وقَد نَزَعَها مرافِقُكَ من عُنُقِهِ بَعدَ إلقاء كلمتي في مهرَجان شنَنعير، قائلاً لي أنتِ أكثر مَن يَستحق حمل هذه الأيقونة، ، وذلكَ بعدَ أن تَوَجَّهتُ إلى مَن كانوا يَسألون لماذا العماد عون سَيَتَرشَّح في كسروان وهو ليسَ منها ؟، فقلتُ لهم أن العماد عون هو أب لكل اللبنانيين في البقاع والجنوب والشمال وكسروان، وهو اختارَ أَن يَأتي إلى حيثُ أولادَهُ هم بأكثر حاجة إليه، فاغرَورَقَت عيناك بالدموع ...
أيَها الرئيس ميشال عون، يا مَن أنصَفهُ أهل كسروان الأَوفياء على مرّ السنوات، وكانوا يُصَوتون لكَ لائحة كاملة وقد استُكثِرَ عليهم ثَمن فيلترات لدواخين الذوق لدرءِ السرطان عن رَواياهم .... أيها الرئيس ميشال عون، عندما لَمَّحَ وزير المال السابق فؤاد السنيوره أنَّه سيَزيد ١٪ على ضريبة القيمة المُضافَة، دَعَيتَنا للنُّزول إلى الشارع رفضاً لتلكَ الضريبة التي من خلالها سيَزيد ثمن الوقود والخبز وسَتُمَس لقمة عَيش الشعب الفقير، فَلبّى كل شباب التيار النِّداء، ونزلنا وقَطَعنا الطرقات، ونَزِلَ في المُقابل بِوَجهِنا شبابٌ ميليشياويّون ، فكانَ على أَثَر ذَلكَ أن أصيب الزميل في التيار مارك حويّك وأصبَحَ مُقعَداً حتى اليوم، كما أصيبت أيضا زميلة إسمها هيام إصابة بليغة، غير كل الإصابات الطفيفة التي تَعَرَّضنا لها جميعاً ، وكادَت أن تكون مَجزَرة مسيحية مسيحية كبيرة لولا تدخّل الجيش اللبناني الباسل ، والآن في عَهدِكَ أيها الرئيس تَنهال علينا الضرائب من كلِّ صَوب وقد تَعَدَّت بكثير ضريبة السنيوره....
أيُّها الرئيس ميشال عون الذي لطالما وَعدتَنا بأنَّكَ ستَحمي لُقمة عيش الفقير وأنَّكَ ستَستَرجع المال المَنهوب لأن البلد ليسَ مكسوراً بل منهوباً، إن الضرائب التي أُقرَّت في عهدِكَ لم تَطَل حتى الآن إلاّ الطبقة الفقيرة والمُتوسِّطة، وقَد استُثنيَت الطبقة الغنية والوزراء والنواب ... أيّها الرئيس ميشال عون الذي قبلَ أن تُصبِح رئيساً، وَثَّقتُم أنتَ ونوابكَ بكتاب الإبراء المُستحيل وبالأَرقام والوَثائق بأن السنيوره نَهَبَ ١١ مليار من خرينة الدولة، وأن تبرِئَتَهُ مستَحيلة ، والآن وحقيبة وزارة العدل مع العهد القوي نستَغرب لماذا لم تُرفَع أي دعوى بهذا الشأن ... أيّها الرئيس ميشال عون الذي وَعَدتَنا بالإصلاح والتغيير والذي أَسمَيتَ عَهدَكَ بالعَهد القوي، إن القوة الشريفة تُمارَس على الظالمين وليسَ على الشعب المَظلوم... أيها الرئيس ميشال عون إن العهد القوي هو بالمحاربَة الفعلية للفَساد وتوقيف الذين نَهَبوا الوَطَن وبإستعادة الأموال المنهوبة منهم، ولَيسَ بالشعارات وجَعل الشعب وبعض القضاة كِبش مِحرَقة للحصول على أموال مؤتَمَر سيدر... أيها الرئيس ميشال عون أنتَ وعدتَ وَعد شَرَف رفاقَكَ بالسلاح ، ضباطاً وعَسكَر، بأن مَعاشاتَهم مُقَدَّسة ...
أيها الرئيس ميشال عون إن سلسلة الرّتَب والرواتِب التي أُقرَّت للجيش قبلَ الإنتخابات ، هي سلسلة مُزَيَّفة ومغشوشة كونَها كانت مَشروطة ومُمَوَّلة بالضرائب التي فُرِضَت على الشعب كافَة بمَن فيهم أهل وزَوجات وأَبناء العَسكَر ، والآن بعدَ الإنتِخابات ، وبالرغم من كل الضرائب التي أُقرَّت سابقاً لتمويل هذه السلسلة، يجري التَّهويل على الجيش من جديد بخَفضِ مَعاشاتِهِ وكأَنَّها مِنَّةً من السياسيين إلى الذين أَفدوا لبنان بأرواحهم ودمائِهم بوجه الإرهاب ... أيّها الرئيس ميشال عون المُلَقَّب بِبَي الكل، إن الأَبَ الصالح يُضَحي بنفسِهِ وليسَ بأَولادِهِ، شعباً وجيشاً ... أيها الرئيس ميشال عون إنَّكَ تصَرّح بأن على الشعب أن يُضحّي ويَتَقشَّف لسَد العجز، وأنا أقول لكَ إن الأَبَ الصالح يرفض أن يُكَفِّر أَولادَهُ عن جريمة لم تَقتَرفها أياديهم ...
أيّها الرئيس ميشال عون، ان الشعب والجيش قد ائتَمَنوكَ على لقمة عيشهم... أيها الرئيس ميشال عون إن موافَقَتَكَ على الموازنَة العار جاءَت كالصاعِقَة على هذا الشعب العظيم ، الذي كان يُطالب ويحلم بكَ رئيساً ، وعلى الجيش عسكر وضباط متقاعدين ومعاقين ، رِفاقِكَ في السِّلاح الذين كانوا يُعَوّلون عليكَ برفضِها ... أيها الرئيس ميشال عون إن الإصلاح والتقشَف هما بمحاسبة كبار الفاسدين واستعادة الأموال المَنهوبَة كما وعَدتَ، والإقتِطاع من مَعاشات الوزراء والنواب ، وبفرض الضرائب على الأملاك البحرية ووَقف الإيجارات الوهمية ومحاسبة مَن استَدانَ المَبالغ الطائلة من مصرف لبنان بفائدة ١٪ ليُدَيّنها بفائدة ١٧٪ في مصرفه ، وقد حَرَمَ بالتالي الشباب اللبناني من الإسكان، ولم تُحَرِّكوا ساكناً ، وبتَقليص الوفود المسافرة المرافقة للشخصيات السياسية ، وبعدم فَتح صالونات الشرف في المطارات بمبالغ خيالية ، وبعدم إعفاء الشركات الكبيرة من مُتَوجِّباتِهاً الضريبية ونحن وأنتَ نعلم من يمتلكُها ...
أيها الرئيس ميشال عون، يا رئيس العهد القوي، إن كانت لديكَ النيّة ، فأنتَ تعلَم جيّداً وبالأَسماء وبالأرقام من هم الذين نهبوا البلد، وهي أرقام كافية لسدِّ العجز ... فلماذا أيها الرئيس ميشال عون هذا الصمت الرَّهيب المُخيف ؟؟؟... أيها الرئيس ميشال عون، أين صوتكَ الصارخ الرافض للظلم والذي كان يُزَلزل الأرض قبلَ إنتخابكَ رئيساً ؟؟؟ ... أيها الرئيس ميشال عون، ما الذي يمنَعَكَ من قلبِ الطاولة على الفاسدين ليُكَرّسَكَ الشعب رئيساً تاريخيّاً ؟؟؟... أيها الرئيس ميشال عون أنتَ الأَعلَم بأن الكراسي والمراكز إلى زوال ، أمّا وَقفات العزَّة والكرامة فهي أبدية أزلية ، وبأن الشعوب وحدها تَصنَع الرؤساء والأمجاد الحقيقية ، وبأن التاريخ لا يُنصف إلاّ الزعماء الذين أَنصَفوا شعوبهم...أيها الرئيس ميشال عون، أعذرني فأنا لستُ كرفاقي الطامحين ممَّن يُجيدون التملّق والتزلّف للحصول على مصلحة أو مركز، لأن جرئَتي وصدقي هما مركزي الأَعلى في حياتي ، فأنا ولدتُ حرَّةً عبدةً الله ولرضاه ولضميري وللحق فقط، والحقيقة أقولها على قَطعِ رأسي وحتى إن كانت ستُنصِفُ خَصمي ضدَّ أبي....
أيها الرئيس ميشال عون، أنا لم أَختَر مهنة المحاماة عن عبَث ولم أمارسها يوماً بهدَف مادي، إنّما لشَغَفي في الدفاع عن المظلومين والمَقهورين فقط ، فكيفَ إذا كانوا إخوَتي في الوطن وجَيش بلادي ؟؟؟؟.... أيها الرئيس ميشال عون، في نهاية رسالتي التي كتبتُها وما كنتُ أتمنّى ، أقول لكَ يا مَن ناَدَيناكَ بَي الكل، بأنَّهُ على قدَرِ محبَّتي لكَ وأمَلي الكبير بكَ كان عَتَبي ...