حدثان بارزان سُجّلا خلال الايام القليلة الماضية، لا يمكن الفصل بينهما، ولا إنكار خطورة أي خطأ في الحسابات في مقاربتهما، وهما:
1- المواجهة مع اسرائيل.
2- إعلان حال الطوارئ الإقتصادية.
في الملف الاول، لا الرسائل التي نقلها الإلمان من تل أبيب، ولا تلك التي حملها المصريون إلى إسرائيل، ولا الدخول الفرنسي والاميركي على خط التهدئة، أخمدت نيران الإشتباك بين «حزب الله» والاسرائيليين.
فالحزب اختار الردّ بعناية قصوى تجنّباً لحرب لا يريدها، وكذلك فعلت اسرائيل. ولو كان لديها نيّة الحرب لما فوّتت عليها هذه الفرصة، وهي في الأساس لا تحتاج الى ذريعة عندما تقرّر شنّ أي عدوان في أي مكان وزمان في لبنان والشرق الاوسط.
غير أنّ ذلك لا يعني انّ الخطر زال، وانّ اسرائيل لن تكرّر اعتداءاتها على «حزب الله» والأصول الإيرانية في سوريا والعراق وغيرهما.
فالأولوية الإسرائيلية الاولى هي منع طهران من امتلاك سلاح نووي، مهما كلّف الأمر، امّا الأولوية الثانية فهي منع «حزب الله» من الحصول على «صواريخ دقيقة».
في المقابل، لن تنكفئ إيران عن تشديد الضغط على تل ابيب، من خلال محاصرتها بالصواريخ والمقاتلين المدرّبين تدريباً جيداً، من «حزب الله» في لبنان وسوريا شمالاً، ومن «حركة حماس» و«الجهاد الاسلامي» في فلسطين جنوباً.
وهذا يعني انّ «توازن الرعب» قد يؤخّر الحرب ولكنه بالتأكيد لن يلغيها ولن يزيل الرعب.
وما دامت الحال كذلك، والأيدي على الزناد، لن يكون هناك مناخٌ مشجّعٌ للسياحة والاستثمار، ولا قاعدة استقرار متينة للتحفيز الاقتصادي والإنقاذ المالي.
أما في مسألة إعلان حال الطوارئ الاقتصادية، فالتجارب تكذّب النيّات، والأفعال تناقض الأقوال. وقد أصبح كل مواطن خبيراً اقتصادياً ومالياً من كثرة ما سمع من تحذيرات وفضائح، وشبع من وعود وتطمينات ونصائح، والوضع يتدهور من سيئ الى أسوأ.
يشكون تخمة في القطاع العام، هم صنعوها.
يبحثون عن خفض رواتب واجور، هم رفعوها.
يبكون خسارة مليارات الدولارات على كهرباء غير متوافرة، هم أهدروها.
يلوّحون بملاحقة جرائم فساد، هم غطّوها وحموها.
يتقاذفون اتهامات بصفقات وسمسرات، هم رعوها.
ينبّهون الى انّ الوقت اصبح داهماً، وهم الذين سجّلوا ملاحم في هدر الوقت بتردّدهم وخلافاتهم وعجزهم، ومن يضمن صحوتهم لعدم الاستمرار في تضييع فرصة الاستفادة من قروض «سيدر» بعد سنة واربعة اشهر من إقرارها، على سبيل المثال؟.
لن ينجح إصلاح ولن يحصل إنقاذ، ما لم ينكفئ الكبار أولاً عن استغلال المناصب والنفوذ لكسب المال العام، ولن ينكفئوا، ما لم يمتنعوا عن توزيع المغانم على المقرّبين والمحظوظين وحماية الفاسدين، ولن يمتنعوا.