خطوتان تأخذان معالجة الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية والقرار 1701 بالاتجاه الصحيح: الأولى استكمال الاتصالات الدبلوماسية مع عواصم القرار الدولي والقرار العربي، ودعوة هذه العواصم للتدخل لردع العدوان الإسرائيلي، والثانية، تصدّي الجيش اللبناني للخروقات الإسرائيلية المتمادية، ليل أمس، على طول المنطقة الممتدة بين العديسة وكفركلا..
واعتبرت مصادر لبنانية رفيعة ان ردّ الجيش يأتي في إطار تنفيذ قرارات المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد أمس الأوّل في قصر بيت الدين.
وفي وقت استبعد فيه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم اندلاع حرب مؤكداً ان الحزب سيرد على الاعتداء الإسرائيلي، وان «كل الأمور ستقرر في حينها»، تاركاً للأيام المقبلة ان تكشف التفاصيل..أرخى كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، عن ان الحزب غير مستعجل للرد على الاعتداء الإسرائيلي الأخير على ضاحية بيروت الجنوبية، حالة من الهدوء والارتياح على الجانب اللبناني، الذي ما يزال يمسك قلبه بيديه خوفاً من انزلاق الأمور نحو تداعيات غير محسوبة النتائج، في حين ظلت حالة القلق والتوتر تسود الجانب الإسرائيلي ولا سيما، المستعمرات القريبة من الحدود اللبنانية، حيث منعت سلطات العدو الجنود والمدنيين من الاقتراب من هذه الحدود لمسافة 5 كيلومترات، والطيران المدني من التحليق بمسافة 7 كيلومترات بعيداً، وتوقفت الدوريات العسكرية عن التجول في محاذاة الحدود، على طول الخط الأزرق من الناقورة وحتى مزارع شبعا، وبقي الجنود مختبئين في المراكز المحصنة عند هذه الحدود، من دون الظهور على الملأ، خشية من احتمال تعرضهم للرد من جانب حزب الله.
لكن التطور الميداني الذي حصل مساء أمس وتمثل بإطلاق الجيش اللبناني النار على ثلاثة طائرات مسيّرة حلقت فوق مراكزه على الحدود الجنوبية، أعطى إشارة إيجابية نحو انقلاب المعادلة، باتجاه استعادة الدولة قرارها بالتصدي للعدوان مهما كان حجمه وشكله، ترجمة لقرار المجلس الأعلى للدفاع الذي أكّد على حق اللبنانيين بالدفاع عن النفس، بكل الوسائل.
وفي تقدير مصادر سياسية متابعة، ان قرار تصدي الجيش اللبناني للطائرات الإسرائيلية التي تخترق الأجواء اللبنانية خطوة باتجاه استعادة قرار الدولة بحماية لبنان، وانه بقدر ما يتمسك اللبنانيون بالدولة وبحصرية السلاح الشرعي في يدها بقدر ما يتم تحصين السيادة، الذي اعرب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش عن خشيته من تراخي الدولة اللبنانية تجاه امساكها بهذه السيادة.
وكانت قيادة الجيش قد أعلنت في بيان لمديرية التوجيه، ان طائرة استطلاع مسيّرة تابعة للعدو الإسرائيلي آتية من الأراضي الفلسطينية المحتلة، خرقت الأجواء اللبنانية، عند الساعة 19.35 وحلقت فوق أحد مراكز الجيش في منطقة العديسة، فتصدى لها الجيش واطلق النيران باتجاهها ما اضطرها للعودة من حيث أتت، كما قامت طائرة استطلاع ثانية بالتحليق فوق منطقة كفركلا لبعض الوقت، وما لبثت ان غادرت الأجواء اللبنانية باتجاه الأراضي المحتلة.
وأضاف البيان ان طائرة ثالثة مسيّرة حلقت كذلك فوق المركز نفسه، وأطلقت النار مجدداً في اتجاهها فعادت ادراجها.
وأفادت معلومات ان الطائرات الثلاثة المسيّرة من نوع «درون» وهو نفس نوع الطائرتين اللتين سقطتا في الضاحية الجنوبية ليل السبت الأحد الماضي، وقد شوهدت الطائرات تحلق بالعين المجردة.
واعترفت قوات الاحتلال بإطلاق النار على طائراتها الاستطلاعية، لكنها قالت في بيان ان «هذه الطائرات أنهت مهتها من دون اضرار».
ولوحظ ان تصدي الجيش للطائرات المعادية، لم يوقف التحليق في الأجواء اللبنانية، حيث افيد عن تحليق طائرتي استطلاع معاديتين من نوع MK الأولى خرقت أجواء بلدة مروحين في القطاع الغربي، والثانية في أجواء بلدة رميش في قضاء بنت جبيل.
وكان سبق هذا التطور الميداني، توتر بين الجيش اللبناني وقوات الاحتلال على خلفية سقوط 4 قنابل مضيئة عند الطرف الغربي لبلدة شبعا إلى الشمال من الخط الحدودي الفاصل في محور بركة النقار. واعتبر الجيش ما حصل خرقاً برياً غير مبرر، وتقدم بشكوى لدى قوات «اليونيفل» وتوجهت إلى محور بركة النقار لجنة مشتركة من الجيش اللبناني و«اليونيفل» واعدت تقريراً مفصلاً عن الحادثة.
يُشار إلى ان وزير الدفاع الياس بو صعب كان توقع حصول ردّ لبناني رسمي على الخروقات الإسرائيلية، وقال خلال جولة في البقاع ان «الجيش وعند أوّل فرصة لن ينتظر وسترون ماذا سيحصل مع طائرة أو أي عمل إسرائيلي»، مشيراً إلى ان «علينا تكثيف العمل من أجل تحصين الداخل اللبناني لمواجهة العدو الإسرائيلي بمواقف موحدة».
وفي السياق أيضاً، قالت معلومات رسمية ان رئيس الجمهورية ميشال عون تابع لليوم الرابع على التوالي تطورات العدوان الإسرائيلي على الضاحية من خلال التقارير التي وردت إليه عن التحقيقات التي تجريها النيابة العامة العسكرية وردود الفعل المحلية والخارجية على العدوان، وكذلك تنفيذ القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى للدفاع في اجتماعه الطارئ في بيت الدين.
وليلاً، أوردت المصادر الرسمية ان سرباً من الطائرات الإسرائيلية حلق في سماء قرى جنوب الليطاني.
السفراء العرب
في هذه الاثناء، واصل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، حراكه الديبلوماسي لتفعيل شبكة أمان واقية من الاعتداءات الإسرائيلية، وما قد يستتبعها من تطورات وردود، ومن أجل إعادة احياء قواعد الاشتباك التي أرساها القرار 1701 وعدم الانزلاق نحو وضع يطيح بالقرار ذاته. فبعد استدعائه سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لهذا الغرض، استقبل أمس في السراي سفراء الدول العربية الذين حضروا جميعاً، باستثناء سفيري اليمن وقطر اللذين التقاهما بعد ذلك منفردين، فيما لم تتم دعوة السفير السوري.
وذكرت معلومات لم تتأكد من ان الحريري طلب من السفراء عقد اجتماع لمجلس الجامعة العربية لادانة العدوان الإسرائيلي، فيما قال سفير الكويت عبد العال القناعي ان السفراء أكدوا وقوف الدول العربية وتأييدها وحرصها على أمن واستقرار لبنان، وما يتخذه من إجراءات وسياسات كفيلة بالحفاظ على امنه واستقراره وسلامة أراضيه، مشدداً على ان «الاستقرار في هذا البلد مطلب وحرص عربي، وان يكون لبنان بمنأى عن كل ما يُهدّد امنه واستقراره».
وفي عين التينة، أكّد رئيس المجلس النيابي نبيه برّي خلال لقاء الأربعاء النيابي، ان ما حصل من إجماع لبناني حول إدانة ورفض العدوان الإسرائيلي كان بمثابة أولى بشائر الانتصار على مستوى الوحدة الوطنية.
التجديد لليونيفل: صيغة ملطفة
من جهة ثانية كان موضوع التجديد لقوات الامم المتحدة في جنوب لبنان «اليونيفيل» المفترض بداية الشهر المقبل، مدار بحث بين وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي وبين القائمة بأعمال السفارة الفرنسية في بيروت سالينا غرونيه كاتالانو، كما عرض معها الأوضاع العامة في لبنان خصوصا الوضع الأمني بعد العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت والخطوات التي تتخذها الدولة اللبنانية لمعالجة تداعياته.
ونقلت كاتالانو موقف بلادها «الداعي الى ضرورة ضبط النفس لاسيما وان لبنان على مشارف التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب، خصوصا ان فرنسا ساهمت مع دول أخرى في اعتماد «قرار ملائم» من شأنه التمديد للقوات الدولية سنة إضافية».
وذكرت مصادر وزارية متابعة للموضوع لـ»اللواء» ان لا تغيير جذريا في الصيغة الفرنسية المطروحة ضمن المشروع الفرنسي الذي سيُرفع الى مجلس الامن الدولي مساء اليوم، ولكنها قالت: ان هناك صيغة ملطّفة جدا بالنسبة لمطالبة بعض الدول بأن تشمل مهمة اليونيفيل دخول الاملاك الخاصة للتفتيش، بحجة البحث عن سلاح. وتكتمت المصادرعن تفاصيل «الصيغة الملطّفة»، لكنها قالت:ان الصيغة هي ذاتها صيغة السنة الماضية لكن مع إضافة بسيطة غير جوهرية لاتمس بسيادتنا او تُضفي اعباء جديدة على الجيش اللبناني.
وقالت المصادر:ان الصيغة لا زالت تتم مناقشتها في مجلس الامن عبر مندوبة لبنان (الدكتورة امل مدللي) وبإشراف مباشر من وزير الخارجية جبران باسيل، والرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري والوزير علي حسن خليل في جو هذه المناقشات، لأن موضوعا بمثل اهمية التجديد لليونيفيل «ليس بمزحة».
وكان الوزير باسيل طالب الأمم المتحدة عندما التقى كوبيش أمس في قصر بسترس «بادانة الاعتداءات الإسرائيلية واخذها بالاعتبار عند التجديد لمهمة القوات الدولية، مؤكداً التزام لبنان بالقرار 1701».
تعيينات في مجلس الوزراء
إلى ذلك، رجحت مصادر وزارية ان يعمد مجلس الوزراء إلى اجراء تعيينات في المراكز الشاغرة في وزارة العدل، مشيرة إلى ان اللمسات الأخيرة لها وضعت ليل أمس وتستكمل صباح اليوم.
وأوضحت انه بات شبه محسوم ان يتم تعيين رئيس مجلس شورى الدولة وتعيين القاضية رلى جدايل بمنصب المدير العام لوزارة العدل، والقاضي غسّان عويدات في منصب النائب العام التمييزي، فيما لا تزال الأمور المتعلقة بهيئة التشريع والتفتيش ونواب حاكم مصرف لبنان الأربعة غير واضحة، لكن إذا تمّ التوافق في الساعات المقبلة، فاحتمالات التعيين تبقى قائمة اليوم (مع الإشارة إلى ان معلومات ترددت ليلاً عن زيارة لباسيل إلى بيت الوسط)..
وعلى صعيد آخر، علمت «اللواء» ان اجتماعا اخر عقده الرئيس عون امس بعيدا عن الأضواء ضم خبراء اقتصاديين محسوبين على مختلف والجهات الحزبية وشارك فيه عدد من الوزراء عرف بينهم الوزير عادل افيوني.
وقالت مصادر مطلعة ان رئيس الجمهورية كان يستمع الى افكار الخبراء دون تقديم اي ورقة ويأتي هذا الإجتماع استكمالا للقاء الأول معهم وقبيل الآجتماع الإقتصادي في قصر بعبدا يوم الاثنين المقبل.
وأعلن عون، امام موفد من منفذية الشوف في الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة رئيس الحزب فارس سعد: «اننا سنعتمد خلال الأيام القليلة المقبلة خطاً تصحيحيا» لتعزيز الاقتصاد، وقد نشهد تدابير صعبة ولكنها ضرورية، فالمريض قد لا يعجبه طعم الدواء ولكن يجب ان يتناوله كي يشفى». داعيا اللبنانيين «الى اعتماد سياسة تقشف على كل المستويات لتخطي هذه الازمة الصعبة».
واوضح اننا «وجهنا الدعوة الى رؤساء الاحزاب اللبنانية لبحث الازمة الاقتصادية، لأننا نعتبرها ازمة وطنية ولا يجب الوقوف عند الأسباب فقط رغم انها مهمة، انما يجب ان نأخذ الإجراءات لنتحمل مسؤوليتنا، وهو امر صعب بالفعل، انما لا بد منه لنتمكن من الخروج من الازمة، مع التشديد على أهمية عدم الاستماع الى الشائعات التي تنقل الازمة من واقع الى آخر وتؤدي الى الهلع والبلبلة».
وفي عين التينة، وضع الرئيس برّي النواب في اجواء اللقاء الاقتصادي المرتقب في القصر الجمهوري مشيراً الى انه في امكان اللبنانيين على المستويات الرسمية وذوي الاختصاص التي تشارك والمدعوة الى الاجتماع الخروج بنقطتين اساسيتين في الحد الادنى وبخطة متوسطة المدى واخرى بعيدة المدى. النقطة الاولى الوصول الى موازنة 2020 ضمن سقف منخفض وفي الوقت الدستوري، النقطة الثانية هي الكهرباء التي تشكل ثلث العجز في الموازنة العامة».
وأمل برّي في ان يشكل اللقاء فرصة اساسية لاتخاذ قرارات جوهرية، مجدداً التأكيد على وجوب العمل من اجل تنفيذ كافة القوانين التي ما زال يتم تجاهل تطبيقها واصدار المراسيم التطبيقية حيالها.
«ديبكا» والعرض المزعوم
وليلاً، زعم الموقع الإلكتروني العبري «ديبكا» أن إسرائيل رفضت رفضا قاطعا اقتراحا مقدما من «حزب الله»، يقضي بالرد بشكل محدود لإغلاق ملف سقوط الطائرتين الإسرائيليتين المسيرتين، اللتين سقطتا في الضاحية الجنوبية من بيروت قبل عدة أيام.
وادعى الموقع العبري أن عرض حزب الله جاء عبر وسطاء سريين أو قنوات سرية، بهدف إغلاق صفحة هاتين الطائرتين المسيرتين اللتين سقطتا في الضاحية، ليلة السبت/ الأحد الماضي، وكذلك الغارة التي شنتها الطائرات الإسرائيلية على مدينة عقربا السورية.
ورأى الموقع الإلكتروني نقلا عن مصادر أدعى أنها مصادر عسكرية واستخباراتية أن إسرائيل ردت على عرض «حزب الله»، الخاص بتفادي عمل عسكري كبير، بأن تل أبيب سترد على أي هجوم يشنه «حزب الله»، بغض النظر عن الهدف الذي يطاله، سواء أكان محدوداً أم لا، أو كونه هدفا عسكريا أو مدنيا.
وأضاف الموقع الإلكتروني العبري بأن سلاح الجو الإسرائيلي يتواجد على مدار الساعة في المجال الجوي اللبناني، لدرء أي هجوم من «حزب الله»، وهو ما يعني أن رد الفعل الإسرائيلي سيكون قويا في حال إقدام الحزب اللبناني على أي عمل داخل إسرائيل.
وحذر الموقع العبري «حزب الله» من أن سلاح الجو الإسرائيلي سيستهدف لبنان، دون تحديد وجهة الأهداف اللبنانية، وبأنه في الوقت الذي يهدد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بالرد القوي داخل إسرائيل، فإنه لم يقم بأي عمل منذ ليلة السبت/ الأحد الماضي، حينما أغارت طائرتين مسيرتين إسرائيليتين على الجنوب اللبناني، الأولى كانت للاستطلاع والثانية كانت تحمل مواد متفجرة.
وتوقع الموقع الإلكتروني الإسرائيلي بأن «حزب الله» سيقوم بالرد على الغارة الإسرائيلية قبيل إجراء انتخابات الكنيست الإسرائيلي رقم 22، المقررة في السابع عشر من الشهر المقبل، بهدف إرباك حسابات المنافسين.