زعزعت تعيينات أعضاء المجلس الدستوري التي أقرتها الحكومة اللبنانية، أوّل من أمس، علاقة الحليفين الاستراتيجيين تيّار المستقبل والقوات اللبنانية، بعد إقصاء الأخيرة عن هذه التعيينات وحرمانها من أي ممثل لها في هذا المجلس، مقابل استئثار التيّار الوطني الحرّ برئاسة الوزير جبران باسيل بكامل الحصّة المسيحية، وحصوله على خمسة أعضاء من أصل عشرة، ما دفع "القوات" إلى تحميل رئيس الحكومة سعد الحريري ضمناً مسؤولية إقصائها، وإبرام اتفاقات ضمنية مع باسيل وفريقه.
واعترف القيادي في "المستقبل" النائب السابق مصطفى علّوش في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، أن أوساط تيار المستقبل بمعظمها غير مرتاحة للتماهي مع جبران باسيل. وعبّر عن أسفه على أن "نتائج تعيينات المجلس الدستوري ستفتح جرحاً في علاقة المستقبل مع القوات اللبنانية قد لا يلتئم بسهولة"، لكنه استطرد قائلا: "إذا أخذت القوات حقها في التعيينات الإدارية التي ستحصل قريباً، فقد تغطي بعضاً من هذا الخلل، لكن إذا استكملت عملية استبعادها فستصبح المشكلة أكبر".
ورغم حالة الاستياء التي تعمّ أوساط الطرفين، فلا يزال سجال المستقبل والقوات تحت سقف الاحتواء انسجاماً مع رغبة قيادتيهما، وحرصهما على عدم دفع العلاقة إلى نقطة اللاعودة، وأوضح القيادي في القوات اللبنانية النائب السابق أنطوان زهرا، أنها "ليست المرّة الأولى التي يحصل فيها خلاف بوجهات النظر مع حلفائنا في المستقبل الذين يتناغمون في التعيينات مع جبران باسيل، لذلك نحن نشدد على اعتماد الآلية القانونية في التعيينات، التي تقوم على مبدأ الكفاءة والعلم والنزاهة بدل التبعية السياسية".
وعبر زهرا في تصريح لـ"الشرق الأوسط" عن أسفه على أن "المجلس الدستوري سلطة قضائية عينت بالسياسة، والمثير للاستغراب أن الأعضاء المعينين ليسوا خبراء دستوريين". وسأل: "كيف يستقرّ الوضع في لبنان ونحن لا نزال تحت رحمة المحاكم الاستثنائية (المجلس العدلي والمحاكم العسكرية) بعد 30 عاماً من انتهاء الحرب الأهلية، وكيف نصل إلى حكم دولة القانون ما دام القضاة يعينون على أساس ولائهم السياسي؟".
ورداً على ما سربته مصادر المستقبل بأن القوات اللبنانية رفضت أن تأخذ حصتها بعضو من الطائفة الأرثوذكسية أو الكاثوليكية، وأصرّت على أن يكون مارونياً، أوضح زهرا أن هذا كلام حق يراد به باطل. وقال: "هم يعرفون أن جميع المرشحين من الأرثوذكس والكاثوليك ينتمون إلى التيار الوطني الحرّ، وبالتالي كانوا يريدون منّا أن نتبنّى مرشّح غيرنا"، مشدداً على أن القوات اللبنانية تبنّت ترشيح المحامي الدكتور سعيد مالك، وهو صديق وليس منتمياً إلى القوات ولكن أيدنا تعيينه بالاستناد إلى كفاءته العلمية ومناقبيته، وبوصفه خبيراً دستورياً من الطراز الرفيع.