الإنهيار المالي والتطمينات الكاذبة

لقد ابتلى الله لبنان واللبنانيين ببلاء قلّ نظيره، وهذا البلاء يترجم اليوم بهذا العهد بكل مؤسساته وتفريعاته بداية بالأزلام والحاشية وصولا إلى المؤسسات والتركيبة الحاكمة القائمة على التسويات القائمة هي أيضا بدورها على المحاصصة والمصالح.

 

لم تنته أزمات اللبنانيين مع هذا العهد المليء بالنفايات والفلتان السياسي والبيئي والأمني والإنهيار المعيشي، بل امتدت بفعل الإهمال وغياب الرقابة والمحاسبة إلى الإنهيارات المالية والإقتصادية بفعل الفساد والسرقة والإعتداء على المال العام، وفي المقابل ومع غياب أي مؤشرات للحل الجدي فإن سياسة الكذب والمماطلة وتضليل اللبنانيين باتت السياسة الحالية المعتمدة من رأس الهرم ونزولا، ففي الوقت التي نشهد فيها الإنهيار المستمر للعملة اللبنانية يخرج علينا حاكم مصرف لبنان بتطمين جديد حول وضع الليرة فيما تتزايد الفوضى المالية في السوق اللبناني وآخرها تسعيرة شركات الخلوي التي قاربت 1686 للدولار والموقف الذي صدر أمس عن نقابة أصحاب المحطات وما تبعه في نقابة الصيادلة حول رفع اسعار الأدوية مجددا .

 

الواقع المستجد والخطير يستمر معه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتطمين اللبنانيين حول الاستقرار المالي وفي الوقت نفسه يحاول رئيس الجمهورية بدوره بث الطمأنينة وأن عصاه السحرية ستقوم بحل الأزمة بل وأكثر من ذلك يعلن أنه سيحاسب كل من يبث الشائعات المغلوطة عن الوضع المالي في استهتار واضح ومقصود بعقول اللبنانيين الذي يدركون عمق الأزمة وأن الحلول شبه معدومة وما يطلق من تطمينات من هنا وهناك مجرد أكاذيب ومحاولات لتضليل الرأي العام اللبناني.

 

يضاف ذلك كله المحاولات البائسة والتافهة والمملة للتأثير على تقرير وكالة "ستاندرد أند بوز" في شأن تصنيفها للبنان وكذلك تقرير "فيتش" حيث تحاول الحكومة والجهات الرسمية التأثير على التقارير منعا للفضيحة وطمسا للحقيقة التي يهرب منها الجميع.

 

إن التعاطي الرسمي مع هذا الأمر البالغ الخطور والاستمرار في سياسة الكذب والتضليل هو تخل كامل عن المسؤوليات، بل هو إصرار وإمعان في الكذب والتضليل، فيما ليس هناك أي أفق للمعالجة مع هذه الطبقة الحاكمة التي باتت مسؤولية عن كل الإنهيارات التي تشهدها البلاد.