في قراءة أوّلية لنتائج الزيارة، بدا واضحاً انّ رئيس الحكومة خرق خطاً احمر طالما امتنع ايّ مسؤول لبناني عن الاقتراب منه، حين تحدث عن الاستعداد للانتقال نحو تنفيذ البند العاشر من القرار 1701 الذي ينص على الانتقال من حالة وقف الاعمال العدائية بين لبنان واسرائيل الى حالة وقف دائم لإطلاق النار، ومن غير المعروف ما اذا كان الحريري سيواجه عاصفة سياسية من «حزب الله» وفريقه، تبعاً لهذا الموقف الذي تقرأ فيه اوساطٌ ديبلوماسية مطلعة محاولةً من الحريري لاستباق احداث كبرى في المنطقة، ولاستباق مؤتمر تُحضّر الادارة الاميركية لعقده في كامب ديفيد في الخريف المقبل لطرح مبادرة التسوية المعروفة بـ«صفقة القرن».
وتشير المعلومات الى أنه وبموازاة المواقف المتقدمة للحريري ورمزية استقباله وزير الخارجية في مزرعته في لقاء موسّع، أعقب لقاءً بروتوكولياً قصيراً لم يستمر اكثر من ربع ساعة في وزارة الخارجية، أطلع الجانب الاميركي الحريري على حقيقة الإجراءات والعقوبات التي ستتوسع في حق حلفاء «حزب الله»، وبالأسماء،علماً انّ الدوائر الاميركية غالباً ما تتكتّم تكتّماً شديداً على أيّ إجراء سيُتّخذ، حتى يصدر عن وزارة الخزانة الأميركية، سواءٌ كان سيُتّخذ بحق مؤسسات او افراد سياسيين او رجال أعمال. وقد تعمّد الحريري أن يقصي السفير بيار عيسى عن أيّ لقاء رسمي أو غير رسمي بسبب الخشية من تكرار تسريب محاضر اللقاءات مع المسؤولين الاميركيين، كما حصل في السابق.
وتضيف المعلومات انّ الأميركيين اعتادوا على التعامل مع الملف اللبناني، ومع زيارات مسؤولين لبنانيين كثر، لكنّ التعامل مع الرئيس الحريري مختلف في هذا التوقيت، فهو أتى طالباً الدعم الاميركي لمؤتمر «سيدر»، الذي لا يتوقع منه دولياً أن يحلّ الازمة الاقتصادية في حال لم تلتزم الحكومة اللبنانية تنفيذ إجراءات جدية لوقف الهدر والفساد، وبناء المؤسسات، وإقفال التهريب عبر الحدود، وهذا كلّه مشكوك بإمكانية تنفيذه في ظلّ الترهّل الذي يحكم كل مؤسسات الدولة، والذي لا يُحلّ بالوعود والالتزامات الكلامية، بل ببدء تنفيذ الإصلاحات تفادياً لانهيار الوضع الاقتصادي.
اما بالنسبة لموضوع «حزب الله» والتزام العقوبات، وتنفيذ القرار 1701 ، فتشير المعلومات الى انّ الحريري لم يقدّم أيَّ التزام واضح، بل عرض الوضع والتوازنات الداخلية كما هي، التوازنات التي لا تتيح هزّ الاستقرار في غياب أيِّ دعم عربي ودولي مؤثر يساهم في استعادة التوازن الداخلي، خصوصاً انّ هذا الوضع يتأثر بما تعيشه المنطقة من أحداث ابرزها أزمة العقوبات ضد ايران، وارتداداتها على لبنان، والخشية من دفع ثمن أيّ مواجهة مقبلة في المنطقة، أو دفع ثمن أيّ تسوية تمنع هذه المواجهة، ففي الحالين تبقى حسابات السلامة أكبر من الرهان على مواجهة تفتقد «عدّة الشغل» التي يُفترض أن تتأمّن عربياً ودولياً.