تتراكم النفايات في شوارع الأقضية الأربعة أو في أماكن تجميعها، والحلّ ينتظر إجتماع الحكومة. أمّا وزير البيئة فادي جريصاتي الذي أعلن خلال اليومين الماضيين الحلّ الموقت في مطمر تربل، فيلتزم الصمت رافضاً التحدث عن الموضوع، قبل عودة الحريري من الخارج.
وعن توقُّف البلديات عن نقل النفايات إلى مطمر تربل، يشير مستشار وزير البيئة المهندس شاكر نون إلى «أننا علمنا أنه طلب من البلديات التوقف عن نقل النفايات على الرغم من أننا لم نتبلّغ بذلك رسمياً من وزارة الداخلية»، لافتاً إلى أنّ «قرار نقل النفايات إلى المطمر أو توقيفه لا تتخذه وزارة البيئة». ويوضح أن «الصلاحيات في هذا المجال تعود إلى البلديات وإتحادات البلديات ومرجعيتها وزارة الداخلية». وبالنسبة إلى المطمر في تربل، فيشرح أنّ «البلديات هي التي تقدّم إلى وزارة البيئة مشاريعها لإدارة النفايات، إن لجهة إنشاء معمل أو مطمر أو «باركينغ» أو مركز فرز، وكلّها تخضع لدراسات وزارة البيئة التي تبدي رأيها. وما قُدّم إلينا هو إقتراح لإنشاء «parking» في تربل و»الباركينغ» يكون موقّتاً. ولقد كشفنا عليه وأبلغنا وزارة الداخلية بإمكانية اعتماده، فأعطت وزارة الداخلية توجيهاتها، بناءً على قرار وزارة البيئة إلى إتحادات البلديات المعنية للتحرك وتنفيذ القرار». ويركّز على أنّ «وزارة البيئة جهة استشارية تضع المعايير، أما الجهة التنفيذية فهي وزارة الداخلية عبر السلطات المحلية والبلديات».
ينطلق نون من مشكلة النفايات في الشمال ليُذكّر بأن هناك خطة متكاملة للنفايات قدّمتها وزارة البيئة منذ حزيران الفائت، لافتاً إلى «أننا ننتظر عودة الرئيس الحريري ووُعد وزير البيئة أن تكون خطة النفايات على جدول أعمال أول جلسة لمجلس الوزراء».
وعلى رغم توقُّف نقل النفايات إلى «الباركينغ الموقّت» في تربل إلى حين الإتفاق على الحلّ المستدام، تستمر وزارة البيئة بعقد الإجتماعات واللقاءات لتقديم شرح علمي عن مطمر تربل، ولتوعية الناس على مخاطر بقاء النفايات في الشوارع. وفي هذا السياق اجتمع نون أمس، مع إتحاد بلديات المنية، وشرح أنّ «هناك 100 طن تُرمى يومياً على طرقات المنية، ونوعية هذه النفايات التي تتراكم في الطرقات غير قابلة للفرز والمعالجة، وهذا أخطر نوع نفايات»، وقال للحاضرين: «بدلاً من أن تقبلوا بوضعها في «باركينغ» موقت إلى حين توافر الحل النهائي فضلتم تركها بين المنازل».
هذه النفايات التي تتراكم في شوارع الشمال ستذهب مباشرة إلى الطمر لأنها نفايات خطيرة وتراكمها يحول دون فرزها، ما يُشكّل أضراراً كبيرة، في حين أنّ نقلها إلى المطمر في تربل لا يُشكّل أيّ ضرر على ما يشرح نون. أمّا بالنسبة إلى تأثير النفايات في مطمر تربل على الأمطار الجوفية، فيؤكّد أنّ «هناك مغالطات، فالمطمر الصحي كناية عن «كيس نيلون» مُغلق يُمكن وضعه في أيّ مكان. وهناك تقنيات كثيرة لتأمين العزل، ومطمر الناعمة دليل على ذلك. هذه الضمانة». ويلفت إلى أنّ قرار وزيرة البيئة، بالنسبة إلى مطمر تربل، يقضي بالموافقة على «باركينغ» موقت لـ4 أشهر إلى حين تقديم وزارة الداخلية دراسة بيئية لمطمر صحي، لذلك الإحتجاجات غير مبرّرة علمياً.
أزمة النفايات هذه تطاول الأقضية الشمالية الأربعة، إلّا أنّ أثرها الأكبر كان على قضاء زغرتا، ويؤكّد رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني خير لـ«الجمهورية» أنّ «توقّف جمع النفايات من الطرقات ونقلها إلى مطمر تربل تقرّر على أثر الإحتجاجات الشعبية»، مشدداً على «أننا في الأساس، نفذنا قراراً اتخذته الدولة، فالسلطة هي من اختارت هذا العقار لأنها وجدت أنه مناسب ويستوفي الشروط الصحية والبيئية، من رئيس الحكومة سعد الحريري إلى وزيري البيئة والداخلية والبلديات». ويقول: «نحن كإتحاد بلديات مرجعيتنا الدولة، وسبق أن حددنا مواقع عدة لإستخدامها كمطامر داخل زغرتا وخارجها، إن في الكورة أو الضنية أو غيرها، ولكن تمّ الإعتراض عليها وعُرقل اعتمادها. وأيّ مطمر يُعتمد سيستقبل نفايات الجميع في الأقضية الأربعة وليس نفايات فئة واحدة من الناس أو تيار سياسي معيّن».
إذاً توقّف نقل النفايات بحكم «الأمر الواقع» بعد تعرّض الشاحنات والآليات إلى التكسير، ويقول خير: «الواقع فرض نفسه. لم يكن بإمكاننا الإستمرار بنقل النفايات إذ كان الموضوع سيتحوّل صراعاً مناطقياً – طائفياً». وعن اعتراض أهالي المنية –الضنية على مطمر تربل، يشير إلى أن «فاعليات الأقضية جميعها كانت متفقة على هذا المطمر حتى الفاعليات في الضنية»، لافتاً إلى أن «نفايات المناطق والأقضية نفسها كانت تُجمع وتُرسل وتُرمى في مكب عدوة في الضنية منذ 15 عاماً، ولم يكن هناك الهجمة نفسها، على رغم أنّ مكب عدوة كان عشوائياً وغير صحي».
ويشدّد على أنّ «هذه المشكلة تطاول المجتمع كلّه في كلّ المناطق ومن كلّ الأطياف. وعلى الدولة أن تحلّ المشكلة، لا أن تضعنا في المواجهة مع مجتمع يرفض هذا الحلّ»، مطالباً الحكومة بـ«حل حاسم لرفع الضرر عن أهالينا، فالنفايات بين منازلنا والأمراض تنتشر، وخصوصاً لدى الأطفال».
وماذا يفعل الإتحاد في هذا الإطار؟ يجيب خير: «نبحث عن عقار للحل المستدام، فضلاً عن تنظيمنا حملة متواصلة للفرز من المصدر»، مشيراً إلى «مشروع موّله الإتحاد الأوروبي عُرض منذ ثلاث سنوات لكن تعذّر إيجاد عقار أدّى إلى سحبه».
وعلى صعيد بلدة زغرتا تحديداً، يقول رئيس البلدية أنطونيو فرنجية لـ«الجمهورية» إنّ «النفايات تملأ شوارعنا أمّا نقل النفايات فتوقّف بهدف تبريد الأجواء، إذ تمّ حرف الموضوع عن مساره البيئي الصرف إلى اتجاه طائفي، وذلك إلى حين الوصول إلى حلّ من دون أيّ تشنُّج».
الإحتجاجات أوقفت نقل النفايات إلى «parking» تربل، وتوقُّف نقل النفايات أوقف الإحتجاجات. وبرز في السياق، تعرُّض الشاب محمد مراد نجل رجل الاعمال كميل مراد الذي قدّم الأرض في تربل لتتحوّل «باركينغ» للنفايات، لكمين مسلح على الاوتوستراد باتجاه الطريق البحري القديم في الهري في منطقة البترون، حيث قامت مجموعة من المسلحين بإطلاق النار عليه ما ادى الى اصابته بجروح في خاصرته وإشتعال سيارته التي تمكن من القفز منها. لم يتبيّن بعد إذا كانت هذه الحادثة مرتبطة بمطمر تربل أو خلفياتها أسباب أخرى. لكن مجرّد توقف نقل النفايات إلى مطمر تربل يثبت مرة جديدة غلبة سلطة «الأمر الواقع» على سلطة الدولة، ويبرهن عن الفشل الناتج من تخبّط المسؤولين وعدم ثباتهم على قراراتهم المتخذة بصفة رسمية.