وكانت السفارة الأميركية في لبنان قد أصدرت في 7 أغسطس الجاري بيانا متعلقا بتداعيات حادثة قبرشمون التي جرت في 30 يونيو الماضي، والتي راح ضحيتها مرافقيْن للوزير صالح الغريب المقرب من رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب الدرزي طلال أرسلان.
وفيما تولى حزب الله رعاية ضغوط سياسية ضد جنبلاط واتهام حزبه (التقدمي الاشتراكي) بأنه وراء كمين كان يهدف إلى اغتيال الوزير اللبناني، رفض جنبلاط إحالة القضية على المجلس العدلي، وهي محكمة للنظر في الجرائم السياسية، نافيا أي طابع مؤامراتي للحادث، واضعا إياه داخل سياق الظروف المتوترة التي رافقت زيارة قام بها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل إلى المنطقة. ووصل أمر التصعيد إلى مستويات عالية حين نقل عن رئيس الجمهورية اللبناني، ميشال عون، أنه يعتبر حادثة قبرشمون مؤامرة كانت تستهدف صهره باسيل.
وفيما شنّت أوساط جنبلاط هجوما على الرئاسة وعلى المؤسسات القضائية “غير الحيادية” التي تحركها السياسة في البلد، صدر بيان السفارة الأميركية، والذي اعتبر نادرا في دعوته إلى عدم تسييس القضاء والحفاظ على نزاهته في هذه القضية.
واعتبر البيان تدخلا أميركيا واضحا لحماية جنبلاط، ووضع خطا أحمر للجدل الذي دار حول الحادثة، وكان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت النخبة الحاكمة إلى تنظيم مصالحة في بعبدا بين جنبلاط وأرسلان وإيجاد مخارج قضائية لإنهاء هذه الأزمة.
وتلفت مصادر سياسية لبنانية إلى أن موقف واشنطن الجديد كان لافتا وهو يعبر عن اختلاف مقاربة إدارة ترامب عن إدارة أوباما، إلا أنه يحتاج إلى سلسلة إجراءات وقرارات تكميلية تعيد تصويب توازنات داخلية رجحت لصالح إيران وحزب الله بسبب الفراغ الذي تركته سياسة اللاقرار التي اعتمدتها واشنطن والعديد من حلفائها الغربيين في العالم حيال لبنان.
وتقول هذه المصادر إن حزب الله يتمتع بحضور داخل البرلمان اللبناني وبشعبية داخل الطائفة الشيعية وبتمثيل داخل الحكومة اللبنانية، إلا أن أكثر ما يستقوي به أمام المجتمع الدولي هو الغطاء المسيحي الذي يوفره تيار الرئيس عون برئاسة باسيل والذي حافظ على لحمته منذ إبرام “ورقة التفاهم” بين عون وأمين عام الحزب حسن نصرالله عام 2006.
وتخلص هذه المصادر إلى أن أي عقوبات تتحدث عنها أوساط الإدارة في واشنطن قد تستهدف شخصيات مسيحية مقربة من عون وداعمة لحزب الله ستؤدي إلى انفضاض هذا التحالف، وبالتالي فقدان الحزب للورقة المسيحية في البلد.
وتخلص بعض المصادر إلى أن ما سيحمله رئيس الوزراء اللبناني من واشنطن مما اطلع عليه هناك، لن يكون ناجعا إذا لم تواكبه أجواء أميركية دولية إقليمية جديدة تقنع اللبنانيين وحزب الله بأن الأمور تبدلت وأن المشهد الدولي الجديد بات يتطلب إعادة تموضع الجميع لصالح دعم الدولة اللبنانية وحدها على حساب الدويلة التي يتمسك في تظهيرها حزب الله وحلفاؤه.