هل حاولنا أن نرى الوجه الآخر لبلدنا، لوطننا، لمدينتنا، لقريتنا، لزعمائنا، لمسؤولينا، لشيوخنا، لمفتينا، لقضاتنا، لتجارنا، وهل حاولنا أن نرى وجوهنا ذات ليلة واحدة.؟؟ نعم تتكلم عن الوجه الآخر.! هناك دوماً وجه آخر لأي وجه ولا نريد أن نراه ونحاول دائماً أن ننساه ونتناساه. ونريد رميه في داخلنا وذواتنا، لأننا نرتاع من قبحه وقذارته..
نعم الوجه الآخر هو سراديب مظلمة متوحشة، ومزاريب ومجاري مكشوفة، وذباب وحشرات ودخان، وموت وقتل وظلم، ومذاق الدم والتعدي "والسلبطة".. الوجه الآخر أننا نحن من أفسدنا البلد وشرَّعنا في حقِّنا الجريمة، ثمة جرائم نرتكبها كل يوم، نقترفها ولا نبالي لأنها ليست مذكورة في ألواحٍ ودُسُرٍ دستورية وقانونية وطائفية واتفاقية طائف، نحن من يرتكب هذه الجرائم بكل أريحية ومرتاحي الضمير والوجدان كبراءة طفلٍ في قماطه، ونأخذ باللوم على الضحية والمقتول والمغدور، كيف لهم أن يموتوا بكل سهولة، وكيف منعت لقمة العيش عن البائسين والضعفاء والفقراء والمحرومين من دون مطالبة بحقوقهم، وكيف دفنت قتلانا من دون أية مطالبة..
إقرأ أيضًا:" ما اجتمع إثنان إلا وكان جبران باسيل ثالثهما...! "
سنخبركم عن وجهنا الآخر، ووجوهنا الأخرى، عن لحانا الكثة والغليظة والمسترسلة بأذيال مشط تمسح عليها ملائكة السماء، وكيف كنا نداعبها ونلمسها كملمسم حيةٍ رقطاء، ونحوقل بالله، ونحن نسبح في تجاراتٍ رابحةٍ وشركاتٍ رائجةٍ لأحجارنا وأطفالنا، ونحسب كل صفقاتنا في المراحل القادمة، إنه صراع الأقوياء، وصراع القوة، ولو على حساب كلنا وكلكلنا، لا تبالوا يا زعماء البلاد والعباد، فأنتم طاهرون كطهارة ماء الورد وماء القراح، وأنتم أنقياء وأنقى وأصفى وأحلى كعرائس الجنان، وأنتم وأنتم أتقياء وربما تكونوا أنبياء بعضكم بمعاجز وبعضكم بلا معاجز ولكنكم موفقون بصفقاتٍ موفقةٍ بتوفيقٍ من ربِّ السماء، ولا يتلبسكم إنسٌ ولا جانٌّ، ونحن من يتلبسنا الشيطان لأننا ضعفاء فقراء، ويده ليست مغلولة علينا، لأننا شعبٌ نتقن فنَّ التصفيق للداخلين والخارجين على تراب هذا البلد والوطن، وجهنا الآخر نحن الشعب لأننا نعيش في صحراء قريش ويثرب والطائف، ونأكل من كثبان الرمال، ونشرب غبار العابق من سجائر النفايات، ونستمتع بالشمس الحارقة واللاذعة، ونعطش حتى نلعق الهواء المتلوث، ونجوع حتى نلتهم الحشرات، إنها ثقافتنا العربية والإسلامية الصحراوية، وفاؤنا صحراوي، وحبنا المخلص صحراوي، وهتافاتنا صحراوية، أدامكم الله وسدَّد خطاكم وخطواتكم... عاشت الزعامة المقدَّسة..؟؟!!