يرى أحد الباحثين في شؤون الهند وباكستان أن خطوة نيودلهي المثيرة للجدل بإلغاء الوضع الخاص لمنطقة جامو وكشمير المتنازع عليها، تمثل لحظة مهمة في السياسة الإقليمية لجنوب آسيا، وأن هذا القرار كان دافعه السياسة الداخلية الهندية.
ويؤكد الباحث في مركز الأمن والتعاون الدولي بجامعة ستانفورد الأميركية أصفانديار مير، أن آثار هذا القرار سوف تتجاوز الهند وسوف يُجبَر عدد من الدول -بما فيها باكستان والصين والولايات المتحدة- على إعادة ضبط سياساتها الخارجية، وسيراقب اللاعبون الرئيسيون الآخرون -مثل تنظيم القاعدة- التطورات عن كثب.
ويضيف أن القرار سيزيد النزاع في جنوب آسيا، وأكد على مراقبة أربعة أشياء يراها مهمة من وجهة نظره، وهي:
احتمال تزايد حدة المنافسة بين الهند وباكستان
فمع التحرك الحالي، ترى باكستان أن الوضع الراهن الذي استمر سبعة عقود قد انتهك رمزيا، وهذا الشعور ينبع جزئيا من رد الفعل السياسي المعاكس في وادي كشمير على التغيير، ويبدو أن باكستان تشعر بالقلق من أن السلوك الهندي الآن غير واضح.
كما تخشى أن الهند قد تشجع الهجرة إلى المناطق ذات الأغلبية المسلمة في كشمير التي يميل سكانها إلى الاستقلال، أو إلى باكستان، وبهذه الطريقة تتغير ديموغرافية الإقليم.
التأثير على السياسات الإقليمية بما فيها أفغانستان
فالولايات المتحدة على وشك التوصل إلى تسوية مع حركة طالبان الأفغانية، ساعدت باكستان فيها. وإذا تمت التسوية فستتيح للولايات المتحدة إنهاء حربها التي قاربت على 18 عاما، وسحب قواتها من البلد.
وفي المقابل قد تتعهد طالبان بمنع "الإرهابيين" الدوليين من استخدام الأراضي الأفغانية، وبدء محادثات سلام لتقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية.
وعليه فإن قرار الهند سيؤثر على ما إذا كانت هذه التسوية يمكن أن تستمر، ومن المحتمل أن تذكر باكستان الولايات المتحدة بأنها كانت مهمة في عملية السلام الأفغانية ونفوذها على طالبان، على أمل أن تقوم الولايات المتحدة بمعاتبة الهند.
3- الجماعات "الإرهابية" قد ترى تلك الخطوة فرصة
فقد أصدر زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في أوائل يوليو/تموز، رسالة شديدة اللهجة تستهدف الهند بعنوان "لا تنسوا كشمير"، وقرار الهند يغذي هذا السرد.
وسيرى المسؤولون التنفيذيون في التنظيم الذين سعوا لفترة طويلة إلى السيطرة على المقاومة الكشميرية وتقليص نفوذ باكستان، تحرك الهند فرصة إستراتيجية لتوسيع مشروعهم الجهادي في كشمير.
وستسعى أيضا الجماعات الأخرى العابرة للحدود الوطنية -مثل تنظيم الدولة- إلى الاستفادة من الغضب في وادي كشمير، وقد ترغب الجماعات التي تركز عملها في كشمير ومقرها باكستان في استهداف المدن الهندية.
4- تدخل الولايات المتحدة والصين حتمي
قرار الهند سيكون خبرا غير مرحب به في واشنطن، وليس فقط لعواقبه السلبية المحتملة على السياسة الأميركية في أفغانستان. فخلال السنوات القليلة الماضية أرادت الولايات المتحدة أن تكون الهند شريكة في تحالف ناشئ ضد الصين الصاعدة.
ومن منظور الولايات المتحدة، فقد انحرفت الهند عن مسارها وكانت تحيط نفسها بتحالفاتها، بما في ذلك شراء أنظمة صواريخ من روسيا. ومن قلقها على سلام الديمقراطية الهندية قدمت واشنطن انتقادا مقعنا لسياسة مودي القومية الهندوسية، وفي رأيها فإن تغيير وضع كشمير من جانب واحد هو خطوة أخرى في الاتجاه الخاطئ.
وختم الباحث تحليله بأن هذا التغيير سيزيد أيضا تعقيد علاقة الهند مع الصين، فقد طالبت بكين بأنها يجب أن تسيطر على أجزاء من منطقة لاداخ ذات الأغلبية البوذية في كشمير، وتحرك الهند يجعل لاداخ منطقة منفصلة خاضعة للسيطرة الفدرالية، وبذلك تستخف بمطالبة الصين القديمة.
وفي الوقت الحالي فإن من المرجح أن تدعم الصين جهود باكستان لحشد المؤسسات المتعددة الأطراف ضد الهند، وفي منتديات مثل مجلس الأمن الدولي قد تعزز الصين أيضا تحالفها العسكري مع باكستان وتوفر غطاء للأعمال الاستفزازية ضد الهند.