ما وصلت اليه هذه القضية يمكن ايجازه بأنه سلك الطريق نحو الحل، الذي ينتظر اجتماع الحكومة اللبنانية، فيما تستمر الاتصالات بين المعنيين لإخراج الحل بما لا يحمّل وزير العمل وزرَ تجاوز تطبيق القانون، وبما يؤمن للجانب الفلسطيني الحق في العمل كلاجئ مقيم على الاراضي اللبنانية من دون التعرض لمضايقات وفخاخ ناتجة بمعظمها من تداول السلطة وتعاقب وزراء العمل على الوزارة.
وترى مصادر فلسطينية أنّ هدف الفلسطينيين في لبنان ليس قتل الناطور، بل أكل العنب، والاعتراض حصل على الإجازة المسبقة للعمل، لأنّ هذا الاجراء يزيد مأساة الفلسطينيين، ويرتّب عليهم اعباء لا يمكنهم تحمّلها، وتشير المصادرالى انّ الجانب الفلسطيني يتفادى منذ وقت طويل الدخول في كل ما له علاقة بالأطراف الداخليين، وانه بتوجيهات من السلطة الوطنية الفلسطينية، يركز على حمل قضية شعبه، وعلى احترام القوانين اللبنانية، وهذا ما حصل في قضية إجازات العمل، التي لم ينقطع التنسيق فيها مع وزارة العمل، ومع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني.
وتكشف المصادر عن انّ الحوار مستمر ولم ينقطع، وتضع تغيّب الفلسطينيين عن اجتماع لجنة الحوار في خانة تفادي إعطاء امل في حل حاسم لم يكن متوافراً، وهو ما كان سينعكس سلباً على الشارع، وما سيصعّب بالتالي القدرة على ضبطه، علماً أنّ القيادة الفلسطينية وكل الفصائل، التزموا جميعاً في اجتماعين عُقدا في السفارة الفلسطينية ضم الفصائل ونخب الفلسطينيين، بوضع ضوابط للتحرك منذ البداية، فلا تحرك خارج المخيمات حتى بدعوة من أطراف لبنانيين، ولا حرق للإطارات ولا شغب، ولا خروج عن القانون، ولا احتكاك مع الأجهزة الأمنية والعسكرية، بل انضباط حرصت «فتح» والفصائل على تطبيقه توخّياً لتحقيق المطلب الوحيد بإلغاء إجازة العمل، هذا المطلب الذي لم يضعه الفلسطينيون في خانة المؤامرة أو الاستهداف، وهم يعملون باستمرار على ملاقاة الجانب اللبناني لإيجاد حلّ.
يكمن المطلب الفلسطيني، حسب المصادر، في تشريع وضع قانوني سليم ومستدام لا يترك الباب مفتوحاً للمفاجآت، ولا يؤدي في كل مرة يتغيّر فيها وزيرُ عمل، الى أن يطرأ وضع يعيد قصة المطالب الى بدايتها، وهذا امر ممكن بالتوافق مع وزير العمل والحكومة، والمجلس النيابي الذي يفترض أن يشرع قانون العمل في هذا الاطار. وتشير المصادر الى انّ الموقف من وزير العمل ليس سلبياً وانّ الحوار معه مستمر، وهذا يفترض أن يؤدي في النهاية الى حلّ القضية وعدم تحولها عبئاً على لبنان والفلسطينيين على السواء.
وأبدت المصادر العتب على البيان الذي صدر عن مجلس المطارنة الموارنة الذي اتّهم الفلسطينيين بأنهم يشنّون حملة على الدولة اللبنانية، وسألت: أين هي الحملة المزعومة؟ نحن ندافع عن حقوقٍ يضمنها القانون الدولي، وأعلنّا التزامنا القانونَ اللبناني، والتزامنا أمنَ لبنان واستقرارَه، وهذا واجب علينا تجاه بلد استضافنا عشرات السنين.
في كل الأحوال، إنّ الهدوء الذي يحكم هذا الملف مرشح للاستمرار على وقع الحوار، وقد طلب رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة موعداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لمحاولة إيجاد حلّ في هذا الملف، فيما يبقى الحلّ الموقت معلقاً في انتظار انتهاء الأزمة الحكومية، إذ وعد الرئيس سعد الحريري بعد التنسيق مع الرئيس نبيه بري الجانب الفلسطيني بتجميد تنفيذ القانون، لمدة تراوح بين شهرين وستة أشهر في انتظار تعديله في مجلس النواب.