بيانات، إتصالات، لقاءات فيما التحركات «ع النار». أربع محطات تختصر المسار الإعتراضي الذي تسلكه الأحزاب والأندية الطالبية في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) حيال قرار تسديد الأقساط في العملة الأجنبية. فبعدما انشغلت الخلايا الطالبية تباعاً في صياغة البيانات الإستنكارية نهاية الأسبوع المنصرم، كثّفت إتصالاتها مطلع هذا الأسبوع، فيما ينتقل اليوم البعض الآخر إلى عقد لقاءات.
أما في الكواليس فالكل على أتم الاستعداد للتحرك، ولكن ينتظرُ اللحظة المناسبة منعاً لأيّ «دعسة ناقصة» على أبواب العام الجامعي فيما البلد يمرّ في ظروف سياسية متشنّجة ولا يحمل أيَّ تأويلٍ لتحرّك طالبي أو «زكزكة» حزبية.
«أمل»
يبدو طلاب حركة «أمل» في المرحلة الثالثة من المسار الإعتراضي، فبعدما استنكر مكتب الشباب والرياضة المركزي في حركة «أمل»- شعبة الجامعة الأميركية في بيروت، في بيان له، «القرارَ الجديد للجامعة والتسديد بالعملة الأميركية الدولار بدلاً من الليرة اللبنانية»، داعية «جميع الطلاب إلى التضامن والتحرك من أجل حماية عملتنا الوطنية».
عند العاشرة صباح اليوم سيلتقي مسؤول مكتب الشباب والرياضة المركزي لحركة «أمل» د. علي ياسين عميد شؤون الطلاب في الأميركية الدكتور طلال نظام الدين للوقوف عند تداعيات القرار وتوقيته.
وفي هذا السياق، يوضح ياسين: «أنّ توقيت قرار الجامعة في هذا الوضع الاقتصادي الذي لا نُحسَد عليه يثير الريبة ويخلق التساؤلات حول خلفيّته، ويؤثر سلباً على ثقة المؤسسات العاملة بالليرة».
ويناشد ياسين خلال حديثه لـ«الجمهورية» إدارة الجامعة التراجعَ عن القرار قائلاً: «نناشد الإدارة، التي تعلم تماماً الأثرَ السلبي لقرارها على الوضع المالي الوطني، إعادة النظر في قرارها».
ويضيف: «سبق أن استفسرنا عن القرار المؤلم وتبلّغنا أنّ الجامعة انضمّت إلى تجمّع 800 مؤسسة أميركية ما دفعها للتعامل بالدولار، ولكن في الوقت نفسه لطالما كانت للأميركية في بيروت وقفاتٌ وطنية كبيرة في لبنان، منذ الحرب الأهلية إلى يومنا هذا، من هنا ونظراً إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي نمرّ به، علينا أن نُعزّزَ ثقتنا بالليرة الوطنية، إذا اهتزّت الثقة بها اهتزّ الاقتصاد، لذا نعوّل كثيراً على لقائنا اليوم مع رئيس مكتب شؤون الطلاب لننقلَ له هواجسنا».
«التقدمي الإشتراكي»
بدورها، إستهجنت منظمة الشباب في الحزب التقدمي الاشتراكي خطوة إدارة الجامعة «الأميركية»، معتبرة أنها «ضربةٌ للثقة بالعملة الوطنية اللبنانية التي تتعرّض لضغوط عديدة في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تهدّد سلامة الاقتصاد اللبناني».
في هذا السياق يؤكّد مفوض الشباب والطلبة في الحزب التقدمي الاشتراكي محمد منصور «أنّ القرار الذي أصدرته الجامعة يشكّل ضربةً للثقة بالعملة المحلية، وهومستهجَن ومدان، لذا نحن في صدد الإعداد لتحرّك وبدأنا في إجراء الاتصالات وإعداد الأرضية نظراً إلى أننا نتطلّع إلى تحرك جامع بين القوى الحزبية والأندية الطالبية كافة».
ويوضح في حديث لـ«الجمهورية»، «الجامعة هي صرحٌ وطنيٌّ عريق، ولاشك في أنها تبدّي مصلحة البلد على أيّ اعتبار، فلا يمكن للإدارة إلّا أن تثق بالعملة وتحديداً في هذا الظرف الاقتصادي الصعب»، مشيراً إلى أنّ «الوضع الاقتصادي لا تنقصه ضربات أو أيّ حركة ترتدّ سلباً على العامود الفقري الذي هو الاقتصاد».
ويتابع: «قد يتعذّر علينا التحرك داخل حرم الجامعة نظراً إلى أنه شهر آب والكل في إجازة، ولكن لا شك في أننا سنتحرك في غضون ساعات ريثما تكتمل الاتصالات بين الأندية».
«المستقبل»
«منِقبض لبناني ومندفع دولار!». رغم التريّث الذي يبديه طلاب تيار المستقبل، إلّا أنهم كزملائهم يشعرون وكأنهم أُصيبوا بالصميم، فيوضح مسؤول ملف الجامعات الخاصة في «المستقبل» بكر حلاوي في حديث لـ«الجمهورية»: «كنا حذرين منذ اللحظة الأولى لمعرفتنا بالقرار نظراً إلى أنّ بيان الجامعة مقتضَب وغير واف، ولكن طالبنا الجامعة بتوضيحات حول خلفيات موقفها وأسبابه، وبدأت تصلنا الأجوبة منها المقنع وغير المقنع».
ويضيف: «إذا بقي القرار سارياً وفق ما هو ظاهر، حكماً سنعترض لأنّ الطلاب في معظمهم لبنانيون ومدخولهم لبناني»، مشيراً إلى أنهم «قرّروا التحرك من الداخل قبل الخارج وفي الميدان، علّنا نتمكن من تصحيح المسألة وتصويبها قبل أن تتأزّم أو تأخذ أيَّ منحى آخر».
«القوات»
أما بالنسبة إلى حزب القوات اللبنانية، فيعتبر رئيس دائرة الجامعات الأميركية في مصلحة طلاب «القوات» جو مايك حشاش في حديث لـ«الجمهورية» أنّ «الصورة لا تزال ضبابية، ولكن تطبيق قرار الإدارة سيؤذي الطلاب ويكبّدهم مصاريف إضافية، لذا بوسع المعنيين وتحسّساً مع أوضاع الطلاب إجراء تخفيض بمصاريف معيّنة كتعويض على الطلاب مقابل الفوارق التي سيتكبّدونها».
أما عن خطوة «القوات» التالية، فيجيب حشاش: «سنحتكم إلى مراجع إقتصادية لمعرفة حجم تداعيات القرار، كذلك سنُراجع مراجعَ قانونية للتأكد ما إذا كان قرار الجامعة يمكن تطبيقُه في لبنان، كذلك سنتواصل مع الأندية والأحزاب الزميلة لتنفيذ ما يمكن القيام به».
ويضيف: «لكن في الوقت نفسه لن ننسى أنّ الجامعة هي خاصة وأميركية لذا قد يصعب فرضُ أيّ شيء عليها أو إلزامُها بقراراتٍ محدّدة».
ويتابع: «قد يكون خلفَ قرار الإدارة تخوّف عام من الوضع الاقتصادي في لبنان، ولكن بشتى الأحوال أمام الإدارة ألف حلّ للتعويض على الطلاب والتخفيف عنهم».
الـ«AUB» توضح
بالمقابل، وبعدما كانت قد نشرت الجامعة على موقعها الإلكتروني، أنها: «ابتداءً من خريف عام 2019، ستبدأ في تحرير الفواتير بالدولار الأميركي بدلاً من الليرة اللبنانية مقابل الرسوم الدراسية والسكن والرسوم الأخرى، والفواتير من العملات الأخرى يتم صرفُها بسعر الصرف في السوق»، موعزةً السبب إلى «انضمام الـAUB إلى التطبيق المشترك للقبول في حوالى 900 مؤسسة أميركية ودولية»، يوضح مسؤول المكتب الإعلامي في الجامعة الأميركية سيمون كشر في حديث لـ«الجمهورية»: انه «منذ نحو سنة بدأ العمل على مشروع انضمام «الأميركية» في بيروت إلى ما يُسمى Common application وهذا نظام إداري عالمي يساعدنا أكثر على ضمّ طلاب من حول العالم إلينا، وهذه مسألة تقنية صرف، ومن بين الشروط المفروضة للإنتساب إلى هذه المجموعة أن نتعامل بعملة عالمية»، مؤكداً «أنّ الجامعة كانت تتمنّى التعامل بالليرة البنانية، ولكن يجب علينا التعامل بعملة عالمية».
ويضيف: «اللغط الحاصل مع الطلاب هو لماذا نحن مجبرون أن ندفع بالدولار، ولكن في الحقيقة هم ليسوا مجبرين بالدولار، بوسعهم الدفع في أيّ عملة يريدونها، فتعامل الطالب بالنسبة إلى تسديد الأقساط ليس مع الجامعة مباشرة إنما مع المصرف»، مشيراً إلى أنّ «البعض فسّر القرار بشكل خاطئ»، مؤكداً أنّ «أبواب الجامعة مفتوحة لسماع مختلف آراء الطلاب، وهي تبدّي مصلحة الطالب فوق كل إعتبار».
الـ«LAU» تستنكر
وفيما تناقلت بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية عن حذو الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) حذو الـAUB، إستنكرت إدارة الـLAU كل ما يتم تداوله «عن الأقساط بالدولار»، موضحة: «منذ ثمان سنوات درجت الـ LAU على تقاضي الأقساط الجامعية بالدولار الاميركي، ولم تضع الجامعة يوماً أيَّ شرط على الطلاب لسداد أقساطهم بأيِّ عملة أجنبية بل قدّمت وتقدّم لهم جملة خيارات لتسديد الأقساط بما يضمن مساعدتهم على تجاوز الاوضاع الصعبة».
وأضافت: «التعامل بالعملة الوطنية يمثل مفخرةً لجامعة الـ LAU، التي تؤثّر ايجاباً في محيطها الأقرب والأبعد، وتشكل عاملاً مساعداً للاقتصاد الوطني اللبناني على مستويات عدة. ويهمّ الجامعة التذكير بإعلان رئيسها الدكتور جوزف جبرا عن الأثر الاقتصادي للجامعة على الاقتصاد الوطني، ويقدّر بحوالى 1.35 تريليون ليرة لبنانية، ما يعادل 897 مليون دولار أميركي في القطاعات الاقتصادية المختلفة».
«ليش بعد فينا ندفع!»
ختاماً، في الوقت الذي يختلف فيه الطلاب حول تسديد الأقساط بالدولار أو بالليرة اللبنانية، تعلو أصواتُ فئة منهم لا يستهان بها تُعبّر عن وجعها وسط الظروف الاقتصادية الصعبة: «ما همنا إذا كانت الأقساط بالدولار أو بالليرة اللبنانية، من الأساس لم يعد بوسعنا تسديدها أو مواصلة تعليمنا في الجامعات الخاصة»، متمنّية إستبدالَ معركة التسديد بالدولار بمعركة زيادة الحسومات وتوسيع مروحة المِنح».