في العام ٢٠١٦ ورد كتاب الى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي يفيد بوجود معمل لتصنيع حبوب الكبتاغون المخدرة في جرود احدى بلدات البقاع الأوسط المحاذية للسلسلة الشرقية، حيث كان يتم ادخالها الى سوريا من خلال المعابر التي يسيطر عليها حزب الله، ومنها الى بعض الدول العربية والخليجية، فيما بعضها كان يتم تصريفه داخل الاراضي السورية، خصوصا في المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات المسلحة.
تسرب الخبر الى الجهات الأمنية في حزب الله فسارعت الى فتح تحقيق عاجل بعدما تبين من خلال المعطيات ان المعمل الذي أفيد عنه يقع داخل معسكر تابع لاحدى المعاونيات الجهادية في الحزب.o
وبعد جمع الافادات من المعنيين عن إدارة المعسكر، وإحالة الملف الى المكتب التنظيمي (جهاز قضائي حزبي) للبت فيه، تبين أن المسؤول عن تغطية المعمل ونشاطاته وعمله داخل المعسكر هو قيادي عسكري من الصف الاول يدعى "محمد حيدر" المعروف في اوساط الحزب باسم "أبو علي حيدر".
وبما أن القيادي المذكور يتمتع بنفوذ كبير داخل الحزب، وهو من الدائرة الضيقة المقربة من الأمين العام، فقد تم اقفال الملف وتلف الافادات والتنبيه على الشهود بعدم الحديث بالأمر مجددا تحت طائلة المحاسبة، خصوصاً أن "حيدر" كان يتولى أمر الكبتاغون من الجهة اللبنانية فيما كان يكمل المهمة من الجانب السوري مسؤول الملف الامني هناك المدعو "الحاج صالح" (ملف ٩٠٠٠) يعاونه "الحاج سلمان" وهما مسؤولان أمنيان سنأتي على ذكرهما في مقال لاحق.
ونحن هنا لا نتهم الحزب بتجارة المخدرات أو حماية المروجين، ولا ندعي وجود قرار رسمي بالأمر، ولكننا نؤكد أن بعض القياديين ومنهم "محمد حيدر" قد استغلوا نفوذهم لترويجها من خلال المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا، وهو أمر -للأمانة- ازعج قيادة الحزب التي وجدت نفسها مكبلة أمام هذا الواقع بعدما اكتشفت ان بعض كبار مسؤوليها متورطون في الامر، بينما كان السيد يردد في خطاباته (مطمئناً) أن حزبه سيكافح تجارة المخدرات وسيساعد الدولة في القبض على المروجين لأن الأمر بات يهدد بيئة المقاومة بالدرجة الأولى بعدما وصلت نسبة متعاطي المخدرات في مناطقها الى ما يقارب ١١% ، وهي نسبة مخيفة، وقد اعتبرها الحزب جزءً لا يتجزأ من الحرب عليه.
وبعد عدة تحقيقات اجراها الحزب تبين بنتيجتها تورط بعض كبار المسؤولين، صدر قرار عن مجلس الشورى نص على معاقبة المتورطين في تجارة المخدرات من افراد الحزب بالفصل دون تقاضي تعويضاتهم، وشدد على شمول القرار لمادة الكبتاغون، باعتبار ان البعض كان لا ينظر اليها كمواد مخدرة (بل منشطة)، أو انه كان يعتبر تصديرها للدول والمنظمات المعادية حلالا من الناحية الشرعية، وقد عُمم القرار على خلفية البطاقات المالية لأفراد الحزب.
وبعد عدة أشهر القى فرع الامن الجنائي السوري القبض على احد مهربي المشروبات الروحية والهواتف الذكية من لبنان الى سوريا، فتبين أنه ابن القيادي "محمد حيدر" الذي تدخل سريعا واستخدم نفوذه لاطلاق سراح ابنه بعد ثلاثة ايام من توقيفه في ادارة الامن الجنائي في باب مصلى بدمشق.
وهنا نسأل سيد الحزب : لماذا يستقوي حزبك على الضعفاء ويقاضي صغار افراده على أمور تافهة، فيما يوقف التحقيقات ويميّعها حين تتعلق التهمة بمسؤول نافذ او احد ابنائه او حاشيته؟
الا تعلم ان الله اهلك امماً من قبلكم كانوا اذا سرق الشريف تركوه واذا سرق الضعيف اقاموا عليه الحد؟!!!
فاعتبروا يا أولي الالباب ...
مصطفى الامين