لا شك بأن أميركا وحلفاءها بالمنطقة يمارسون أقصى درجات الضغط والحصار على إيران وأذرعها، وما الحشود العسكرية الاميركية الضحمة التي استقدمت إلى ساحة النزال ألا مؤشر على ذهاب الامور إلى حدها الاقصى مما يضيق أفق الخيارات عند الاطراف إلى مفرقين، فأما الذهاب إلى طاولة التفاوض تحت وطأة هدير حاملات الطائرات وقاذفات الB52، فيكون لحظتئذ أقرب إلى خضوع الايراني منه إلى التفاوض، وإما الحرب .
في لبنان الساحة الأهم للاذرع الايرانية لن تكون بمنأى عن مجريات الاحداث، فحزب الله المتمركز داخل حكومة يقود دفتها عمليا حليفه جبران باسيل بدون منازع وبدون أي "حس" يذكر لرئيسها سعد الحريري ولا للاطراف السياسية الأخرى لدرجة أننا كمتابعين للشأن اللبنان نكاد ننسى أسماء باقي مكونات الحكومة فلا الرئيس بري بوارد إستعادة دور المايسترو المعهود ولا جنبلاط يكاد يكون له فاعلية وكذلك الحال مع القوات اللبنانية المحاصرة أصلا .
اقرا ايضا : المقاومة ليست مزهرية وباسيل ليس مقاومً
هذا الوضع الذي لم يكن ليحلم به حزب الله في أوج قوته بعد 7 ايار "المجيد" والذي يتيح له التفرغ أكثر لدوره الاقليمي. لا أعتقد أنه غائب عن بال أصحاب القرار ولا أظن بأنه مطلوب في لحظة الاحتدام التي نعيشها هذه الايام .
إن وجود سعد الحريري على رأس الحكومة في ظل عهد ميشال عون وتفرد صهره على الساحة السياسية مما يعني جر لبنان إلى المحور الايراني لن يكون مرحب به من المحور الآخر وهذا يعني أن سعد الحريري سيجد نفسه أمام خيارين إما استعادة دوره وهذا يعني تفعيل مبدأ "النأي بالنفس" وتقليص دور باسيل وعمه وبالتالي التصادم مع تعنت العهد وسلوكياته الاستئثارية، وإما الاستقالة من الحكومة وفرط عقدها حتى وإن أدى ذلك إلى التعجيل بالانهيار المرتقب والذي سيكون مطلوبا إنسجاما مع الاجواء السائدة بالمنطقة، إذ من غير المنطقي أن تكون المنطقة مشتعلة فيما حزب الله مبتسما داخل الحكومة .