والمطلوب من الجميع في الداخل اللبناني قراءة الواقع بعيداً عن رفع السقوف السياسية والمناكفات.
من الواضح على ما يبدو ان الحكومة اسيرة لدى بعض الاطراف السياسية المستمرة بإطلاق المواقف التصعيدية من خلال تمسكها بمطالبها التي يعتبرها البعض بأنها غير توافقية، وهذا الامر يؤدي بطبيعة الحال الى استمرار مصالح البلاد والعباد اسيرة تلك الاطراف في غياب جلسات مجلس الوزراء .
ولكن رغم ذلك، فإن الرئيس سعد الحريري لن يكل او يمل من إبقاء الاتصالات والمشاورات مفتوحة في كل الاتجاهات للوصول الى نقطة التقاء تجمع الحكومة، وتعيد دورة عمل المؤسسات الى طبيعتها، لانه لا يجوز تعطيل عمل السلطة التنفيذية مهما تكن الظروف.
وعليه فإن مصادر وزارية اكدت عدم نضوج الاتصالات بعد، وبالتالي فإن الحل لا يزال غير متوافر، وذلك على الرغم من الجهود التي تبذل من قبل سعاة الخير، والتي لم تتوقف منذ حادثة البساتين في 30 الشهر الماضي. وتؤكد المصادر ان الوزراء لم يتبلغوا حتى مساء امس اي موعد لعقد جلسة للحكومة، على الرغم من ان الرئيس الحريري كان يأمل ويتمنى ان يقدم الجميع التنازلات، وان تليين المواقف من اجل ان يدعو الى الجلسة هذا الاسبوع، خصوصا لان امام الحكومة وحسب المصادر الكثير من الملفات الاساسية والضرورية لبحثها والبت بها، لا سيما ان اخر جلسة لمجلس الوزراء مضى عليه قرابة الشهر .
بعض المصادر ابدت اسفها لغياب اجتماعات الحكومة في هذه الظروف الدقيقة التي احوج ما نكون فيها للانتاجية وهي حكومة الى العمل، وتذكر المصادر بالعراقيل والعقبات التي بدأت توضع بوجه الرئيس الحريري حتى قبل تشكيل حكومته، وكيف تسلح بالصبر ولا يزال من اجل اتمام مهمته، وتعتبر بانه رغم تكثيف رئيس الحكومة للاجتماعات التي يعقدها والتي تتناول الكثير من الملفات والمواضيع، إن كان عبر اللجان الوزارية او غيرها، فإن الامر يحتاج في نهاية المطاف لانعقاد مجلس الوزراء واقرار القرارات بشكل نهائي لكي تصبح سارية المفعول .
إقرأ أيضًا:" الحكومة العتيدة الى اين ؟ "
وتبدي المصادر انزعاجها لاثارة ملف النفايات الحساس في مرحلة سياسية دقيقة وهو الذي طاف فجأة الى السطح، خصوصا ان هناك ملفات اخرى كثيرة يتم العمل عليها من قبل الرئيس الحريري الذي يعمل بجدية بكل الملفات على الرغم من الظروف التي يمر بها.
وعن كيفية الوصول الى مخرج للازمة الحكومية، تشدد المصادر ان على الجميع وضع مصلحة البلد كاولوية، وترك الاجهزة الامنية والقضائية ان تقوم بمهامها وواجباتها لاتخاذ القرارات المطلوبة في حادثة البساتين وغيرها .
وتعتبر المصادر ان لا احد استهان بهذه الحادثة، ولكن ظروف البلد دقيقة وربما فان التصويت على موضوع احالة الحادثة الى المجلس العدلي يزيد التوترات السياسية والانقسامات داخل الحكومة وهذا الامر بطبيعة الحال لا يخدم احد . وتلفت المصادر إلى أن آخر الاتصالات التي جرت على خط السراي وكليمنصو وخلدة ستظهر نتائجها في الساعات المقبلة من خلال قرارات حاسمة، وإلا هناك أزمة كبيرة وفراغ في العمل المؤسساتي لا يطال فقط السلطة التنفيذية بل سيطاول كل مؤسسات الدولة، ومن خلال هذه الأجواء هناك صيغ كثيرة طُرحت في الأيام الماضية ولا يمكن الاستمرار في رفضها أو رفع السقف السياسي ،لذلك فإن الأيام القليلة المقبلة ليست نزهة سياسية أو أنها على هامش الإجازة الصيفية للطبقة السياسية برمتها، لا بل البلد مقبل على أزمات كبيرة ربطاً باستحقاقات داخلية وإقليمية، والمطلوب من الجميع في الداخل اللبناني قراءة الواقع بعيداً عن رفع السقوف السياسية والمناكفات لأن رئيس الحكومة ردد أكثر من مرة والأمر عينه للكثيرين أن الهيكل سيسقط على الجميع في حال لم تُطلق عجلة العمل الحكومي لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتحريك العجلة الاقتصادية بعد إقرار الموازنة، ومن خلال هذه التحذيرات والمخاوف والقلق الذي ينتاب غالبية اللبنانيين هل باستطاعة أي طرف أن يتحمل وزر التعنت والتصلب لأن اللعبة السياسية المحلية والإقليمية أضحت مشرعة على كافة الاحتمالات في خضم توالي الأحداث والتطورات الدراماتيكية المحيطة، ويبقى السؤال الاساس عن خلفية الاصرار والتمسك من قبل بعض الاطراف بمحاصرة الحكومة بملفات حادثة البسلتين وغيرها ، رغم الانقسام الحاصل في البلد حول هذه القضية، داعية الجميع الى النظر بمصلحة البلاد العليا .