وتولى رئيس البرلمان محمد الناصر بحسب الفصل 84 من الدستور، منصب الرئاسة بشكل مؤقت لمدة أدناها 45 يوما وأقصاها 90 يوما.
وعقب لقاء جمعه بالشاهد، وآخر بأعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، أعلن محمد الناصر في تصريح للتلفزيون الرسمي نفسه رئيسا للبلاد ثم أدى لاحقا اليمين.
واعتبر أن “الدولة ستستمر وحسب دستور تونس فإن رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) هو الذي يتولى رئاسة الجمهورية”.
وقال عبدالله العبيدي، المحلل السياسي والدبلوماسي السابق، “إن الفصل المرتبط بشغور الحكم ينص على أن يتولى رئيس مجلس النواب منصب الرئاسة لمدة لا تقل عن 45 يوما ولا تزيد عن 90 يوما”.
وأشار العبيدي في تصريح لـ”العرب” إلى أنه يقع خلال هذه الفترة تنظيم انتخابات مبكرة وسابقة لأوانها، مؤكدا على أن الدستور التونسي يعفي رئيس مجلس نواب الشعب من بعض صلاحيات رئيس الجمهورية كحل البرلمان مثلا. كما أن ليس من حقه الترشح للانتخابات الرئاسية.
وقال نبيل بوفون رئيس هيئة الانتخابات إنه سيجري تقديم موعد الانتخابات الرئاسية الذي كان مقررا في 17 نوفمبر.
وأضاف أنه بعد وفاة قائد السبسي سيتم تقديم موعد الانتخابات الرئاسية وفقا للدستور الذي ينص على أن يكون لتونس رئيس جديد في غضون ثلاثة أشهر.
وأكد عبدالرزاق المختار أستاذ القانون الدستوري لـ”العرب” ضرورة تقديم الانتخابات الرئاسية عن التشريعية وأن يتم الإعداد لها في غضون شهرين أو ثلاثة وفق ما ستقرر الهيئة المستقلة للانتخابات.
وامتلك الباجي قائد السبسي خبرة سياسية واسعة مكنته من نيل منصب رئيس حكومة انتقالي في 2011 في فترة حساسة تمر بها البلاد آنذاك وتمكن من الوصول بها إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
وأسس الرئيس الراحل حزب “نداء تونس” في 2012 ودخل به الانتخابات على قاعدة مناهضة الإسلاميين وتمكن من الفوز بغالبية مقاعد البرلمان آنذاك وبرئاسة الجمهورية، وأعلن في وقت لاحق دخوله في تحالف وتوافق سياسي مع النهضة على الحكم.
وضمّ هذا الحزب يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين إلى حزب “التجمع” الحاكم في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
لكن الرئيس الراحل لاقى انتقادات من داخل حزبه لتحالفه مع حركة النهضة في الحكم عقب انتخابات 2014 وكان ذلك أحد أسباب الخلافات التي عصفت بنداء تونس حيث شهد انشقاقات أدت إلى إضعافه وخسارته الأغلبية وانقسامه.
وقال راشد الغنوشي في تدوينة على حسابه بفيسبوك، الخميس، إن “حكمة قائد السبسي وصبره وسعة صدره جنّبت شعبنا ويلات التدافع والتصادم وقادت مرحلة الانتقال الديمقراطي”، وحث على المزيد من “اليقظة للتصدي لأي تشويش على المسار الديمقراطي للبلاد”.
ويقول أحد المقربين من الرئيس الراحل، والذي عمل معه لفترات طويلة، إنه يمتلك “ذكاء سياسيا حادا وبراغماتية استثنائية”.
وتزامن رحيل رئيس الجمهورية مع احتفال تونس بذكرى إعلان الجمهورية عام 1957 الذي كان من المقرر أن يلقي خلاله خطابا.
ويقول مراقبون محليون إن قائد السبسي الذي عرف عنه دفاعه المستميت عن قيم الجمهورية رحل في ذكرى الجمهورية، وهي مفارقة تخدم الرجل لكونها بمثابة اعتراف بأنه دافع عن تلك القيم إلى آخر لحظة في حياته.
ومن أبرز مواقف الباجي، الذي يرفع راية الدفاع عن حقوق المرأة ويتبنى أفكار الزعيم المؤسس الحبيب بورقيبة، في ذلك، أنه ألغى تعميما وزاريا يمنع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم.
كما أعلن، في أغسطس الماضي، دعمه لمشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الأمر الذي أثار جدلا كبيرا في البلاد.
والقانون المطبّق حاليا المستمدّ من الشريعة، يقضي بأن يرث الرجل ضعف ميراث المرأة في حال كانا على المستوى نفسه من القرابة.
وقال الرئيس التونسي الراحل في خطاب ألقاه بمناسبة يوم المرأة في 2018 “أقترح أن تصبح المساواة في الإرث قانونا” ولم يطرح مشروع القانون للمناقشة والمصادقة عليه منذ أن تم تقديمه للبرلمان في أكتوبر من العام نفسه.
كما عبّر قائد السبسي عن رغبته في تنقيح الدستور وخاصة في ما يتعلق بالنظام السياسي المتبع في البلاد وجعله نظاما رئاسيا يمنح للرئيس سلطات إضافية، ويمكن البلاد من حالة الارتباك التي أفضت إليها بسبب نظام سياسي هجين لا يخول لأي سلطة التحرك بحرية.