بعدما سقط إقتراحُ اكتتاب مصرف لبنان بسندات خزينة بقيمة 11 الف مليار ليرة بفائدة 1%، أصبح فرض رسم 3% على بعض السلع المستوردة نجم مشروع الموازنة بعدما كان الرسم المقترح 2%. الاقتراحُ مرفوض من التجار ومن المستهلكين على السواء ومن بعض النواب إلّا أنه وعلى ما يبدو لا بدّ للمستهلك أن يتجرع هذه الكأس التي ستصل اليه بزيادة على غالبية أسعار السلع بنسبة 5%، علماً أنّ هذا الرسم سيشمل أسعار البنزين.
يقول رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس إننا في الجمعية ندرك مفاعيل العجز التجاري لذا نصرّ على أنّ هناك حلولاً أخرى يمكن اعتمادُها وعلى رأسها رفع الصادرات بالسلع والخدمات إذ إنّ لبنان مؤهّل ليس فقط لتصدير السلع لأننا نملك قاعدة صناعية قوية في لبنان فحسب، إنما ايضاً نحن نبرع في قطاع الخدمات. من دون أن ننسى انّ ارتفاع العجز في الميزان التجاري يعود الى ظروف استثنائية لا سيما منها الصعوبات في التصدير في السنوات الاخيرة الى جانب النزوح السوري الذي يزيد بشكل كبير من الاستهلاك. لذا لا يجب تدمير القطاع التجاري وضرب الاستهلاك من أجل حلّ أزمة آنية لأنه ستكون لهذه الخطوات تبعات على النموّ الاقتصادي. أضاف: نحن لا نؤمن بالطرق العنفية في الاقتصاد، إنما بالمؤازرة. ونحن نعتبر انّ القطاع الصناعي مثل غيره من القطاعات في حاجة الى رعاية والى احتضان وانّ هناك عدة طرق لذلك، مثل فتح الاسواق في الخارج، بالتفاوض مع الدول المصدّرة بكثرة الى لبنان وقد نصل الى اتفاقيات شبه ملزمة بأن تضطر الدول المصدّرة الينا أن تستورد من بلدنا. كما يمكن إجراء مسح شامل عن الاصناف التي لدينا ميزة تفاضلية حقيقية فيها، إعطاء كل انواع الدعم على الطاقة على الفوائد على التصدير.... هناك مروحة واسعة من الطروحات التي يمكن اعتمادها أو اللجوء اليها قبل ان نضطر الى اتخاذ هذه الطروحات العنيفة التي يتمّ التداولُ بها حالياً.
وأكد شماس انّ الاستهلاك في لبنان تراجع كثيراً، على سبيل المثال تراجعت مبيعات السيارات نحو 20 في المئة منذ مطلع العام، كما تراجعت مقاصة الشيكات وهو المؤشر المعبّر الاول عن حركة الاستهلاك نحو 15 في المئة في خلال عام. وبالتالي إنّ ضرب الاستهلاك في لبنان هو عمل جنوني لأنه يمثل نحو 85 في المئة من اقتصادنا، بما يعني انّ اقل ضربة للاستهلاك هي ضربة مباشرة للنموّ الاقتصادي، واكبر دليل انّ النموّ الاقتصادي منذ مطلع العام حتى اليوم هو سلبي بما يعني ان ليس هناك نموّ انما تراجع اقتصادي. أضف الى ذلك، ضرب الموسم السياحي بسبب أحداث الجبل والدليل انّ أرقام النصف الاول من تموز سيّئة، وهذا مؤشر مقلق. انطلاقاً من هذه المعطيات نؤكد انه لا يمكن للقطاع التجاري ان يتحمل اية ضريبة ونخشى أن ترتفع نسبة التضخم.
وذكر شماس أنّ جمعية تجار بيروت ارتضت بأقل الحلول سوءاً وقبلت بنسبة 2% على رسوم الاستيراد، معلّلة ذلك انّ هذه النسبة لا تشعل التضخم ولا تشجّع على التهريب ولا تضرب الاستهلاك ولا تضرب التجار، خصوصاً وأنّ هذا الرسم موزّع على كل الأصناف.
وأيهما اسوأ على المستهلك الضريبة على القيمة المضافة أو الرسم الجمركي؟ نسأل، فيجيب شماس: هناك نظريتان متضاربتان حول هذا الموضوع الّا أنه لا يمكن الجزم أيهما اسوأ لأنّ رسم 2% على الواردات يمكن أن يزيد أكثر من ذلك على المستهلك، وذلك باختلاف كل قطاع وحسب طبيعة السلعة. ولفت شماس الى انه يمكن للسياح وغير المقيمين أن يستردّوا الضريبة على القيمة المضافة، بينما الرسم الجمركي يطاول الكل وبالتالي إنّ مردودها سيكون أكبر، لكننا في جميع الاحوال نحن نتحدث عن مفاضلة بين خيارين سيّئين، وبعدما قبلنا على مضض برسم 2%، نحن ضد رسم 3% على الواردات. وأوضح «عندما قبلت جمعية تجار بيروت السير برسم 2% كان من اجل حلّ مشكلة في البلد، وكان هناك تصوّر بأنّ الكل سيساهم وأنّ هناك مروحة من الحلول ومنها تقليص الإنفاق العام بشكل كبير، لكنّ شيئاً من هذا القبيل لم يحصل».
أضاف: «عملياً لم يبقَ في الموازنة الّا الضريبة على فوائد المصارف ورسم 3% على الواردات، وكلاهما يضرب الاستهلاك، والقطاع التجاري على السواء». شماس تساءل أين اصبحت بقية الطروحات لخفض الإنفاق بشكل كبير التي تطالب بها المؤسسات الدولية وصندوق النقد؟
وبالتالي إننا امام موازنة مخيّبة ستكون لها نتائج سيّئة على النموّ الاقتصادي.
فهد
وإذا كان الرسم الجمركي على بعض السلع المستوردة سيرتفع الى 3 في المئة فهو سيزيد أكثر من ذلك عندما تصل السلعة الى المستهلك، على عكس الضريبة على القيمة المضافة. ويوضح رئيس جمعية أصحاب السوبرماركات في لبنان نبيل فهد أنه بتطبيق هذا القرار سترتفع الأسعار بنسبة 5% على المستهلك، لذا نحن كتجار نؤيّد رفع الضريبة على القيمة المضافة وليس على الرسوم الجمركية لأنّ الضريبة على القيمة المضافة تزيد الأسعار بنسبة أقل لأنها تبقى محصورة بالاستهلاك وليس الواردات، انما هذه الخطوة لا تفيد لحماية الصناعة على عكس الضريبة على الاستيراد التي تحمي الصناعة اللبنانية.
وأكد فهد أنّ نصف المستوردات التي سيطالها الرسم الجمركي لن يتأثر حجم استيرادها مثل: اسعار البنزين والمازوت والسيارات... أي انّ رسم 3% لن يخفف من العجز في الميزان التجاري وبالتالي لن يتأثر عجز ميزان المدفوعات وعليه إنّ هذه الخطوة غير سليمة لأنها لن توصل الى النتيجة المرتجاة، انما هناك خطوات عدة يمكن اللجوء اليها تفي بالغرض أكثر.
واعتبر فهد اننا في وضع اقتصادي انكماشي لا يسمح بفرض رسوم على السلع، لأنّ هذه الخطوة ستزيد من التضخّم وبما أنه لا حركة مبيعات في السوق فإنّ هذه الخطوة تسرّع من الانهيار الاقتصادي.
أما عن السلع التي يقترح فهد أن يلحقها الرسم الجمركي ويمكن ان تساهم في خفض عجز الميزان التجاري، قال: لا شك انّ هناك بعض السلع التي يتمّ إنتاجها في لبنان بجودة ونوعية ممتازة وقادرة على منافسة السلع الاجنبية، منها: المواد الغذائية، قطاع المفروشات، منتوجات البلاستيك، المنتوجات الخشبية....