عرض الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد باسم "الحراك الشعبي للانقاذ" في مؤتمر صحافي التطورات الأخيرة في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، لابرز التطورات والمستجدات، وعلى رأسها الموازنة التي سوف تعرض على الهيئة العامة لمجلس النواب الأسبوع المقبل، وقال: "نعلن موقفنا من مشروع الموازنة الذي لم يتضمن أي مراجعة جدية لأسس النموذج الاقتصادي الريعي المتقادم الذي يتحمل مسؤولية الأزمات الاقتصادية، فعكس هذا المشروع التمسك باتباع سياسة التقشف لتحميل الطبقات العاملة والوسطى تكاليف تلك الأزمات وتبعاتها الاجتماعية المريرة. بدليل الوقائع إن مشروع الموازنة - بخلاف ما يجري الترويج له راهنا - ليس مشروعا إصلاحيا، وهو لا يستند الى أي رؤية اقتصادية إنمائية، كما يعبر عن انحياز طبقي واضح للريع وللربح الرأسمالي ضد الأجور والحقوق الاجتماعية".
أضاف: "مشروع الموازنة قد رسخ توجهات ومقترحات إجرائية رئيسية تتميز كلها بطابع ضريبي رجعي، وسوف يكون لها أثر سلبي على أوسع الفئات العمالية والشعبية المتضررة من سياسات النظام القائم. وبناء عليه جئنا لنعلن أيضا عن التحركات التي ندعو لها لمواجهة هذه السياسات الاقتصادية - الاجتماعية المستمرة في الموازنة والتي افقرت اللبنانيين، وهي لا تزال باقية فيها. إلا أننا سنتطرق في البداية إلى أحداث الجبل وما نتج عنها من تعطيل للحكومة، وذلك بالنظر لخطورة تلك الأحداث وخطورة تداعياتها.
أولا: في ما يتصل بأحداث الجبل وتداعياتها إننا نؤكد من جديد على استنكار تلك الأحداث، وعلى إدانة المسؤولين عنها، وإدانة اللجوء إلى العنف وإلى التحريض الطائفي لمواجهة أي تباين أو خلاف.
كما نؤكد رفض منطق المحاصصة الطائفية والكانتونات، وعلى إدانة سلوك القوى السياسية الطائفية الممسكة بالسلطة، والتي تتقاسم موارد الدولة والوظائف العامة والمشاريع والالتزامات خدمة لمصالحها الشخصية والفئوية الضيقة متذرعة بحقوق الطوائف، وكل ذلك على حساب الدولة وحقوق المواطنين من كل الطوائف والانتماءات.
ولقد بات واضحا للبنانيين أن تلك القوى لا تتورع عن هز الاستقرار وتهديد السلم الأهلي والتضحية بمصالح البلد والناس خدمة لمصالحها الخاصة. كما بات واضحا أيضا أن المؤسسات الدستورية وانتظام عملها ليسا أولوية لديها، فهي تقوم اليوم بتعطيل عمل الحكومة، كما قامت في السابق بتعطيل عمل المؤسسات الدستورية الأخرى.
كل ذلك يدل على وصول نظام المحاصصة الطائفية إلى درجة الفشل والاهتراء، ويؤكد على ضرورة التغيير، تغيير الطبقة الحاكمة، ومدخله قانون جديد للانتخابات خارج القيد الطائفي يرتكز على النسبية الحقيقية والدائرة الواحدة، وقانون وطني للأحزاب في إطار برنامج واضح للإصلاح السياسي والاقتصادي - الاجتماعي. فطريق التغيير هو الطريق الوحيد لإنقاذ لبنان وتجنيبه خطر السقوط والانهيار".
وأردف: "ثانيا: أما الموازنة فنرى أنها غير قادرة على معالجة أي من الازمات الاقتصادية أو المالية أو الاجتماعية التي يعاني منها اللبنانيون أشد المعاناة، بل سوف تساهم في مفاقمة هذه الأزمات، كما سوف تعرض لبنان لأفدح الأخطار وذلك للأسباب الآتية:
- الموازنة ترتكز على الخيارات والسياسات ذاتها المعتمدة منذ التسعينيات حتى اليوم، وهي التي قادت لبنان إلى المأزق الحالي.
ومن أبرز تلك السياسات:
أ - الاستدانة حتى شارف الدين العام عتبة 100 مليار دولار، وباتت فوائد هذا الدين تبتلع أكثر من ثلث الموازنة.
وفي الوقت نفسه أنفقت الدولة خلال العشرين سنة الماضية حوالي 250 مليار دولار.
ولا يخفى أن مؤتمر "سيدر" يعني المزيد من الاستدانة في مقابل بيع آخر ممتلكات الدولة: كالهاتف الخلوي، وحتى الطرقات الني سيصبح السير عليها ممنوعا إلا لمن يدفع الرسم المحدد.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أين ذهبت كل تلك الأموال؟ بينما لا مياه صالحة للشرب، ولا كهرباء، ولا ضمان شيخوخة، ولا تعزيز للتعليم الرسمي أو الجامعة الوطنية، ولا نقل عام، ولا بنى تحتية جيدة، ولا معالجة لمشاكل النفايات أو الصرف الصحي، ولا، ولا، لكن لغة الأرقام توضح ما يأتي:
77 مليار دولار ذهبت فوائد إلى خزائن المصارف وإلى جيوب عدد محدود من كبار المودعين.
20 مليار دولار أو أكثر ضاعت في دهاليز الصفقات والالتزامات لمشاريع الكهرباء.
ومليارات، ومليارات استولت عليها مافيات النفايات والتعهدات والالتزامات وسواها.
ب - تشجيع الاقتصاد الريعي على حساب الاقتصاد المنتج.
تواصل الحكومة اليوم سياسة رفع سعر الفائدة خدمة للرأسمال الريعي، مما يساهم في التضييق على قطاعات الإنتاج، ويضاعف من حجم الركود والكساد. بينما لا تعتمد اي توجه من شأنه الحد من ارتفاع الفوائد، وذلك على الرغم من أن تخفيض سعر الفائدة نقطة واحدة من شأنه توفير 900 مليون دولار على الخزينة، وتخفيض نسبة عجز الموازنة.
وعلى الرغم من أن السياسات والخيارات المالية والاقتصلدية المعتمدة منذ التسعينيات حتى اليوم قد أثبتت فشلها، وألحقت أفدح الأضرار بالأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن أطراف السلطة لا تزال متمسكة بها خدمة لمصالحها الخاصة ومصالح حلفائها من القوى المالية والريعية.
- محاولة تخفيض عجز الموازنة تلبية لاشتراطات "سيدر" على حساب القطاعات الحيوية ومحدودي الدخل.
في هذه المرحلة، وتلبية لاشتراطات مؤتمر "سيدر" وسعيا وراء الوعود بقروض خارجية جديدة، وضعت الحكومة أولوية تخفيض عجز الموازنة. فتوجهت إلى تخفيض موازنات قطاعات حيوية هي بأمس الحاجة إلى التعزيز، مثل التعليم الرسمي، والجامعة اللبنانية، والجيش، والشؤون الاجتماعية، وصناديق التعاضد، ومعاشات التقاعد للمدنيين والعسكريين وغيرها.
ونحن إذ نرفض رفضا تاما هذه التخفيضات والاقتطاعات، ونتضامن مع كل القطاعات المتضررة من الموازنة ونشارك في تحركاتها، كنا نتمنى لو أن الحكومة تقوم باستعادة أموال الدولة المهدورة والمنهوبة.
- نطالب باستعادة المليارات المهدورة والمنهوبة من أموال الدولة: يجري نهب اموال الدولة من خلال رفع سعر الفائدة، والتهرب الضريبي، والتهرب الجمركي، والسمسرات في استيراد المشتقات النفطية، ومشاريع المحاصصة في الكهرباء، ومشاريع السدود غير المجدية مثل سد بسري وغيره، فضلا عن الأموال الطائلة التي تذهب إلى جيوب المحظيين عوضا عن خزينة الدولة وبرعاية أطراف السلطة.
- التهرب الجمركي تصل قيمته إلى ملياري دولار، ويكفي أن ترفع أطراف السلطة أيديها عن المعابر الشرعية وتقفل المعابر غير الشرعية حتى تزيد مداخيل الجمارك مليار دولار على الأقل.
- وإذا توقف التواطؤ الرسمي مع التهرب الضريبي فمن شأنه أن يدخل إلى الخزينة مليارا آخر.
ولنا أن نسأل هنا: لماذا إعفاء سندات الخزينة بالعملة الأجنبية من الضريبة، ما يجعل الخزينة تخسر 200 مليون دولار سنويا؟ و3 مليار دولار من سنة 2004 حتى اليوم؟
- ولماذا رفضت الحكومات المتعاقبة العرض الجزائري والعرض الكويتي لاستيراد النفط لمؤسسة الكهرباء من دولة لدولة؟ وما من شأنه أن يوفر على الخزينة 500 مليون دولار سنويا، ويساهم في تخفيض حجم العجز في مؤسسة الكهرباء.
- أملاك الدولة البحرية والنهرية ومشاعاتها هي إما مصادرة من قبل القوى النافذة، أو مؤجرة ببدلات هزيلة. فلماذا لا تستعيد الدولة حقوقها القانونية المشروعة في هذه الأملاك؟ ما يمكن له أن يدخل مبالغ كبيرة إلى الخزينة.
ونكتفي اليوم بذكر هذه الأمثلة لأن ميادين النهب لموارد الدولة لا حصر لها".
وتابع: "المؤسف أن تتجاهل الحكومة استعادة هذه الواردات المنهوبة بمليارات الدولارات، لأسباب مجهولة لكن بات الجميع يعلمها، وأن تمد يدها إلى جيوب ذوي الدخل المحدود، وإلى موازنات القطاعات الحيوية التي كان يتوجب عليها زيادة الإنفاق عليها بدل تخفيضه، لقد اجتهدت لجنة المال النيابية، تحت ضغط التحركات الاحتجاجية في الشارع، في الحد من الاقتطاعات والتخفيضات غير المشروعة وغير المبررة، إلا أنها التزمت بسقف أولويات الحكومة وخياراتها الأساسية، لذلك جاءت تعديلات اللجنة على الموازنة محدودة، ولا تدخل أي تغيير جوهري عليها.
- نرفض ضرب قطاعات الإنتاج
من المعروف أن للموازنة وتوجهاتها والخيارات التي تقوم عليها التأثير البالغ على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
ومن جملة الأزمات التي يعاني منها لبنان الركود الاقتصادي والكساد التجاري، فضلا عن التراجع والانهيار في الصناعة والزراعة.
أ - لا لتهميش الزراعة
لم تعرف الزراعة طيلة هذه المرحلة إلا الخسائر وكساد المواسم. أما وزارة الزراعة التي لم يخصص لها إلا موازنة هزيلة هي غائبة عن مآسي المزارعين.
وفي الوقت الذي يجري فيه إغراق الأسواق بالتهريب، لا أحد يهتم بالمزارعين أو يساعدهم على تسويق منتجاتهم، أو على فتح أبواب التصدير لها. وهم واقعون تحت رحمة مافيا الأدوية الزراعية المحمية من قبل السلطة.
ب - تراجع خطير للصناعة والحرف
أما على صعيد الصناعة والحرف فإن المصانع والمحترفات تقفل يوما بعد يوم، وألوف العمال يسرحون لينضموا إلى جيش العاطلين عن العمل.
ومما يؤسف له أن الإنتاج الصناعي الذي كان يمثل في أواخر الثمانينيات 24 % من الناتج المحلي، لم يعد يمثل اليوم إلا أقل من 14%. وكان 70 % من استهلاك اللبنانيين من الإنتاج الوطني، إلا أنه تراجع اليوم إلى ما دون 10 %. وبينما يستورد لبنان ما قيمته أكثر من 20 مليار دولار، فإن ما يصدره لا يزيد عن 3 مليار دولار. الأمر الذي له تأثيره السلبي البالغ على الميزان التجاري العام وعلى ميزان المدفوعات، ويساهم في ازدياد الطلب على العملات الصعبة.
ومما لا شك فيه أن توفير الرعاية للانتاح الوطني الصناعي والزراعي، وتشجيع التصدير وتحفيزه، من شأنهما أن يحدا من العجز في ميزان المدفوعات. غير أن الموازنة لا تولي ميزان المدفوعات ما يستحقه من اهتمام.
ج - الموازنة تساهم في تفاقم الأزمة الاجتماعية وتدني مستوى المعيشة.
الخيارات السياسية والاقتصادية والمالية للحكومات السابقة، وللحكومة الحالية، لها نتائجها الكارثية على الصعيد الاجتماعي.
وهو ما يظهر في ما يأتي:
- ارتفاع معدل البطالة إلى 30 %، وإلى 40 % وسط جيل الشباب الذين بات هاجسهم الوحيد الهجرة إلى خارج لبنان.
- تراجع مستويات المعيشة بشكل حاد، ووقوع مليون لبناني تحت خطر الفقر.
- تراجع أوضاع الخدمات العامة، ومن بينها المستشفيات الحكومية، والتعليم الرسمي، وغيرها من الخدمات.
أما التخفيضات والاقتطاعات في الموازنة فهي تساهم في مفاقمة الأزمة الاجتماعية عوضا عن معالجتها، وهو ما ينذر باضطرابات اجتماعية خطيرة العواقب".
وختم سعد: "بناء لكل ما تقدم نحن لا نوافق على الموازنة ولا على توجهاتها ومرتكزاتها. وندعو كل أبناء الشعب اللبناني إلى التحرك الاحتجاجي، وإلى المشاركة في تحركات مختلف القطاعات المتضررة التي بات من الضروري بناء علاقات التعاون في ما بينها" لافتا الى "ان الحراك الشعبي للإنقاذ يصر على المطالبة بأن تقدم الحكومة إلى مجلس النواب قطوعات الحساب منذ العام 2004 ولغاية العام 2017 وفقا لأحكام الدستور وقانون المحاسبة العمومية. ونتمنى من السادة النواب عدم الولوج بمناقشة الموازنة قبل مناقشة وإقرار قطوعات الحساب عملا بأحكام المادة 118 من نظام مجلس النواب الداخلي.
ونشدد باسم الحراك على دعوة جميع القوى الوطنية والشعبية والنقابية والقطاعية للمشاركة في الاعتصام الاحتجاجي في ساحة رياض الصلح عند الخامسة من بعد ظهر يوم الثلاثاء المقبل في 16 الحالي.
مع التأكيد على أن التحرك الذي ندعو إليه هو تحرك سياسي تحت شعار: من أجل الإنقاذ ومواجهة مخاطر سياسات الانهيار الاقتصادي والمالي، ومن أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية. وفي الوقت نفسه نطلق الدعوة لعقد المؤتمر الوطني للانقاذ بهدف توحيد جهود كل المعارضين الحقيقيين لنظام المحاصصة الطائفية وتوجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
سعد دعا للمشاركة في اعتصام الثلاثاء: التغيير الطريق الوحيد لإنقاذ لبنان وتجنيبه السقوط والانهيار
سعد دعا للمشاركة في اعتصام الثلاثاء: التغيير الطريق الوحيد...لبنان الجديد
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
الوكالة الوطنية
|
عدد القراء:
445
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro