يؤكد السفير اليمني في فرنسا رياض ياسين لـ«الجمهورية» أنّ «الوضع في اليمن يسير نحو إدراك المجتمع الدولي ومبعوثه أكثر فأكثر، أنّ الميليشيات الحوثية ومِن ورائها ايران لا يرغبون بالوصول الى حلّ سلمي للقضية اليمنية». ويوضح أنه «منذ 5 سنوات ومع بداية انقلاب الميليشيات على الشرعية وسيطرتها على صنعاء وكل مناطق اليمن تقريباً كانت أكثر من 5 جولات من المشاورات، بدأت في جنيف في حزيران 2015 مروراً وانتهاءً بستوكهولهم في كانون الأول 2018». ويشير ياسين إلى أنّ «كل هذه المشاورت والجولات والجهود الحثيثة التي بذلها غريفيث وسلفه، بما فيها زياراته المكوكية مؤخراً الى موسكو وسلطنة عمان وغيرها، لم تؤد الى أدنى نجاح يمكن ان تُبنى عليه خارطة طريق للوصول الى حلّ سلمي للحرب في اليمن».
ويوضح أنّ «الحوثيين قلة قليلة لا تتجاوز الواحد في المئة من عدد السكان، وهي تحارب اليمنيين». ويضيف: «بدعم دول التحالف العربي إستطعنا ان نحرّر أكثر من 75 في المئة من الأراضي اليمنية من سيطرة الميليشيات الحوثية، بعد انقلابها في أيلول 2014 وسيطرتها على اليمن بسهولة». ويشير إلى أنّ الحوثيين «أصبحوا محاصرين حالياً في صنعاء وفي أجزاء من الحديدة».
ويشدّد على أنّ الحوثيين «يعتقدون أنهم قادرون على فرض أمر واقع بقوة السلاح والعنف، ويعملون على استمرار هذه الحرب، ما يرفضه الشعب اليمني بكامله وكذلك الدول الاقليمية المحيطة مثل المملكة العربية السعودية، والامارات وكل دول العالم لأنّ ذلك يعني الرضوخ لهذه الميليشيات التي ما فتأت تهدّد، ليس فقط أمن المنطقة واستقرارها، ولكن أيضاً أهم مضيق في العالم وهو مضيق باب المندب المائي».
وفي هذا السياق يأتي تأكيد المتحدث الرسمي لقوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي، أمس، أنّ القوات البحرية للتحالف أحبطت محاولة للحوثيين لاستهداف إحدى السفن التجارية جنوب البحر الأحمر بواسطة قارب مسيّر مفخّخ بالمتفجرات، الأمر الذي نَفته القوات الحوثية.
إيران وواشنطن
ولا تنحصر الحرب اليمنية في أراضي اليمن ومحيطه البحري، بل لها امتدادات وتأثيرات على دول الخليج المحيطة. فكما يشارك التحالف العربي بقيادة السعودية في الحرب اليمنية إلى جانب الحكومة ضد الحوثيين، لا يوفّر هؤلاء فرصة لضرب السعودية. وباتَ استهداف مطارَي أبها وجازان المدنيين من خلال الصواريخ والطائرات المسيّرة هدفاً دائماً للحوثيين ما أدّى إلى سقوط ضحايا بين قتلى وجرحى في أبها، بالإضافة إلى أماكن مدنية واستراتيجية وحيويّة أخرى في المملكة.
ووسط كلّ هذا التوتر الأمني لا تفرّق واشنطن بين الحكومة الايرانية و«أذرع إيران ووكلائها الذين تدعمهم طهران بالمساعدة والتمويل والتدريب». ولا يوفّر البيت الأبيض فرصة ليؤكد أنه «عندما يكون هناك هجوم لـ«حزب الله» أو الحوثي تكون إيران هي مسؤولة عنه».
وبالتالي، لا شكّ أنّ مستقبل اليمن والسلام فيه وأمن المنطقة المهدّد من قبل الحوثيين مرهون بجلوس إيران على طاولة المفاوضات مع واشنطن، خصوصاً أننا نلاحظ أنّ الحوثيين كثّفوا ضرباتهم على السعودية مع تشديد واشنطن عقوباتها على طهران. ويشير ذلك إلى أنّ ايران تستخدم هذه الذراع اليمنية لترسل رسائل إلى دول المنطقة مفادها أنها قادرة على تهديد أمنها، في حال لم يُرفع طوق الخناق الاقتصادي عنها.
من جهته، يؤكد السفير اليمني في فرنسا أنّ «أي مفاوضات قادمة بين ايران وأميركا أو أيّ جهة تستطيع أن تتكلم مع ايران سيكون المبدأ الأساسي فيها وَقف التدخلات الايرانية في المنطقة ولجمها». ويشدد على أنّ «ايران يجب أن توقف تدخّلها غير المشروع في شؤون اليمن والامارات ولبنان وسوريا وغيرها من الدول».
ويرى أنّ «التزام إيران فعلياً وبلا مواربة في هذا الجانب هو بدء السير في الطريق الصحيح نحو حلّ المشكلة اليمنية»، موضحاً أنّ الحلّ في اليمن «ليس بذلك التعقيد والصعوبة» اذا ما التزمت إيران بعدم دعمها الحوثيين «وتزويدهم بمختلف أنواع الأسلحة وبالطائرات المسيّرة والصواريخ الايرانية التي يطلقونها على المملكة العربية السعودية وعلى الداخل اليمني».
تجنّب الحرب بيد إيران
كذلك يعتبر ياسين أنّ اتجاه الأوضاع المعقّدة حالياً في اليمن والمنطقة «يعتمد على نظام ايران وتفكيره وإرادته بأن يجنّب بلده والمنطقة والعالم الدخول في حرب صعبة جداً، وبأن ينقذ اقتصاده». ويضيف: «أمّا إذا أصرّ النظام الايراني على الاستمرار في نفس النهج من التصعيد وتوتير المنطقة فهو سيكون الخاسر الأول، فصحيح أنّ الجميع سيتأثر بهذه الحرب لكنّ ايران مَن سيتأثر فعلياً إذ ستكون هناك تبعات صعبة جداً لهذه الحرب لا يمكن التنبؤ بها».
ويحذّر من أنّ «كل الحروب التي وقعت، وخصوصاً في الخمسين أو الستين سنة الأخيرة، أنتجَت ظروفاً صعبة جداً، وبسببها تفتّت بلدان كثيرة، كما غيّرت الجغرافيا السياسية بشكل أو بآخر». ويلفت ياسين إلى أنّ «من مصلحة الايرانيين التصرّف بعقلانية حتّى ينقذوا شعبهم والمنطقة».