ثمن البرنامج النووي باهظ على الشعب الإيراني ويثقل كاهل أزمة اقتصاد البلاد.
تسبب قرار إيران، الاستمرار في تحدي الولايات المتحدة برفع نسبة تخصيب اليورانيوم عن الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي المبرم سنة 2015، في تعميق خوف الإيرانيين من أن تظل بلادهم في حالة أزمة طويلة الأمد.
وزاد تشاؤم الإيرانيين إثر إعلان طهران أنها رفعت مستوى تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء أعلى من المسموح به بموجب الاتفاق، الأمر الذي يعني تجاوز الخطوط الحمراء التي تضع حتى “الحلفاء” الأوروبيين عند باب الانسحاب.
وقالت ربة بيت تدعى فيروزة (43 عاما) في مدينة بابلسر، “نعم الحياة صعبة بسبب العقوبات. أعتقد أن ثمن هذا البرنامج النووي باهظ على الشعب الإيراني”.
وأخذت المواجهة بعدا عسكريا إذ اتهمت واشنطن طهران بمهاجمة ناقلات نفط وأسقطت إيران طائرة أميركية مسيرة، الأمر الذي كان الدافع وراء ضربات ترامب التي لم تكتمل. وبموجب الاتفاق النووي مع القوى العالمية تم رفع العقوبات التي ظلت سارية سنوات على إيران لتتمكن من إبرام صفقات تجارية عالمية مقابل فرض قيود على البرنامج النووي. لكنها لم تكد تجني أي فوائد حتى قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق.
والهدف من سياسة ترامب التي تقضي بفرض “ضغوط قصوى” على إيران هو دفعها إلى قبول قيود أشد صرامة على نشاطها النووي والتخلي عن برنامجها الصاروخي وتقليص دعمها لفصائل متشددة في صراعات الشرق الأوسط.
وسجلت أسعار السلع الأساسية ارتفاعات كبيرة في إيران كما تتزايد أعداد الباحثين عن فرص العمل في صفوف الشبان الإيرانيين. وفي أبريل توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد إيران للسنة الثانية على التوالي ومن الممكن أن يصل معدل التضخم إلى نسبة 40 بالمئة.
وقالت فيروزة “انظر إلى سوريا والعراق واليمن، هذه الدول تعاني منذ سنوات وأنا لست مؤيدة للنظام الإيراني لكن العقوبات تضر الناس لا قياداتهم”. وشهدت أسعار الخبز وزيت الطهي والسلع الأساسية الأخرى زيادات كبيرة. كما أرغم خفض قيمة الريال الإيراني بأكثر من 60 بالمئة بعض المصانع الصغيرة على إغلاق أبوابها بسبب ندرة المواد الخام والعملة الصعبة.
وقال غربان علي حسيني، المدرس في مدرسة ابتدائية في مدينة شيراز، “المعيشة غالية جدا. والأسعار ترتفع كل يوم تقريبا. مرتبي يبلغ نحو 200 دولار وعندي طفلان”. وأضاف “أعمل في ثلاث وظائف ومع ذلك أجد صعوبة في توفير احتياجات أسرتي. يجب أن تكف أميركا عن إلحاق الأذى بالناس الإيرانيين أمثالي من خلال فرض عقوبات على بلدنا”.
وتقول السلطات الإيرانية إن نسبة العاطلين عن العمل تبلغ 15 بالمئة من مجموع قوة العمل. وتعد المرتبات زهيدة في الكثير من الوظائف الرسمية، الأمر الذي يعني أن الرقم الفعلي لمن ليس لهم عمل مناسب من المرجّح أن يكون أعلى بكثير.
وقال سوروش، الذي يلقي اللوم على سياسات المواجهة التي تتبعها القيادات الإيرانية، “أريد أن أعيش حياة طبيعية. أنا حاصل على شهادة جامعية لكني عاطل عن العمل ويائس وحزين. والآن مع هذه التوترات أصبحت أقل تفاؤلا وخائفا”.
ويقول الكثير من الإيرانيين إنهم سئموا الصراع الذي تسببت به القيادة في البلدين. وتقول نيرة صدقات، المدرّسة المتقاعدة البالغة من العمر 56 عاما، في مدينة بوشهر “أتوسل إليكم أيها القادة السياسيين في أميركا وفي إيران أن تسمحوا لنا بالعيش في سلام”.