كل مصالحةتاريخية وأنت بخير وصحة وسلامة يا معالي الوزير ملحم رياشي.
مع كامل الاحترام والتقدير للجهود الجبارة التي بذلها الوزير السابق ملحم رياشي مع صديقه النائب كنعان، في حياكة خيوط اتفاق معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، والسهر على إخراجه وتنفيذه وتنصيب الجنرال عون رئيساً للجمهورية، ومن ثمّ تسليم زمام السلطة وشؤون البلد للوزير جبران باسيل، المستقوي بحزب الله، الحزب الذي عطّل البلد لحوالي ثلاث سنوات لفرض الرئيس الذي اختاره من بين ثلاثة موارنة "أقوياء". نقول مع هذا الإحترام الذي لا يخلو من عتبٍ وأسىً، لا نستطيع أن نوافقك الرأي اليوم بعد المصائب التي حلّت بالبلد بعد اتفاق معراب، وأداء الوزير جبران باسيل الكارثي، بأنّ المصالحة التي تمّت في معراب قبل حوالي ثلاث سنوات هي مصالحة تاريخية، وأنّها مُلك الناس، وفي القلوب والنفوس، فحبّذا لو أنّ معالي الوزير رياشي يتخلّى قليلاً عن المُكابرة والهروب إلى الأمام، وحبذا لو أنّه يُحاكم هذه المصالحة محاكمة تاريخية جادّة، لاكتشف ربما أنّها كانت "سقطة" تاريخية لمسار القوات اللبنانية وتاريخها، سقطة لأنّها أسقطت البلد بكامله بين يدي من لا يُؤتمن على حارة في بلدة صغيرة أو زاروب ضيّق، وإذا أردنا أن نحكم "تاريخياً" هذه المرّة وبصدق لاعترفنا واعترفتم، بأنّ مصالحة مارمخايل عام ٢٠٠٥ بين حزب الله والتيار الوطني الحر هي مصالحة تاريخية بامتياز، فقد حقّقت لحزب الله اختراقاً "مارونياً" عزّ نظيرُه، ممّا سمح له بإحكام القبضة على كافة المستويات السياسية والأمنية والإجتماعية والاقتصادية والإدارية في طول البلاد وعرضها، ومصالحة مارمخايل التاريخية هي التي أنجزت استحقاقات سيذكرها التاريخ طويلاً، من اجتياح بيروت عام ٢٠٠٨ ومحاصرة الزعيم وليد جنبلاط في منزله وتهديد حياته، إلى اتفاق الدوحة بعد ذلك، وانخراط حزب الله في الحرب الاهلية السورية، وإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري عام ٢٠١١، حتى وصلنا إلى انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية عام ٢٠١٦، وحالُ البلد في أزمة محتدمة على كافة المستويات، وأبرزها الإقتصادية والمالية والبيئية، وثالثةُ الأثافي وزير الخارجية الذي يتنقّل في البلد ناشراً الفِتن والقلاقل، مُتنكّراً للشريك المسيحي الذي حملهُ على الاكتاف، وبوّأهُ مناصبه العالية، وللمفارقة يحرص على أن يبقى أميناً وخادماً لحزب الله، علّهُ يحمله إلى رئاسة الجمهورية كما حمل عمّه الرئيس عون من قبل.
كل مصالحة"تاريخية" وأنت بخير وصحة وسلامة يا معالي الوزير ملحم رياشي.