قالت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، انّ المنطقة وسط هذه التطورات تتجّه الى التصعيد، وما يثير القلق، انّ مؤشرات هذا التصعيد توحي بأنّ رقعته ستكون واسعة، وتأثيراته ستنسحب على مساحة المنطقة.
لكن مرجعاً سياسياً لبنانياً قلّل من احتمالات التصعيد الخطير، وقال لـ»الجمهورية»: «حتى الآن ما زلت اعتقد انّ احتمالات الحرب ضعيفة جداً، إلاّ أنّ ذلك لا يعني أنّها ليست ممكنة، والمؤسف اننا في لبنان ما زلنا نتلهى ببعض التفاصيل الصغيرة، والجولات السياسية في غير مكانها وزمانها، فيما المطلوب هو أن يستنفد لبنان كل طاقاته السياسية والرسمية في رصد تطورات المنطقة، ومحاولة بناء التحصينات الداخلية، وأقلّها إعادة ترتيب البيت الحكومي المفكّك حالياً. فعلى الأقل ان نكون جاهزين لأي احتمالات ومحاولة منع تمدّد سلبياتها الى لبنان في حال سلكت الأمور مسار التصعيد اياً كان شكله».
حادثة قبرشمون
داخلياً، لم يُسجّل بعد أي تقدّم ملموس على صعيد معالجة مضاعفات أحداث الجبل الأخيرة. وفي هذا الصدد اكّدت مصادر سياسية لـ»الجمهورية»، انّ الاتصالات الجارية لتذليل مضاعفات حادثة قبرشمون وذيولها لم تؤدِ الى اي نتائج ايجابية حتى الآن، الامر الذي من شأنه أن يبقي الوضع الحكومي في دائرة التعطيل.
وردّت المصادر سبب التعثر القائم، الى اصطدام المساعي بتصلّب الافرقاء المعنيين، وعدم التنازل عن سقوفها العالية. إلّا انّ مرجعاً سياسياً قال لـ»الجمهورية»: «حتى الآن الامور صعبة، إلاّ انها ليست مقفلة. وهذا الأسبوع، يُفترض ان يطرأ شيء ايجابي على هذا الصعيد، إذ لا يجوز ابداً ان نكون في أزمة صغيرة، فنصبح في ازمة كبرى يصبح من الصعب علينا إحتواءها». واشار الى «انّ حال الحكومة معطلة نتيجة الظروف التي طرأت في الآونة الاخيرة، وما يُخشى منه هو أن يطول هذا التعطيل، الامر الذي يفسخ الحكومة اكثر فأكثر ويجعلها في مهبّ احتمالات سلبية لن تكون في مصلحة احد».
وكشفت مصادر وزارية لـ «الجمهورية»، انّ رئيس الحكومة سعد الحريري، عبّر عن استيائه من تعطيل الحكومة، وأنه لا يستطيع ان يقبل بهذا الوضع، مهما كانت المبررات، خصوصاً انّ هذا التعطيل يهدّد بضياع فرص ايجابية ينتظرها لبنان، كذلك يعطّل توجّه الحكومة الى الاستفادة من مؤتمر «سيدر».
وقالت هذه المصادر: «إنّ مرحلة ما بعد إقرار مجلس النواب مشروع قانون الموازنة، هي مرحلة «الشغل الحقيقي» للحكومة، لكن المؤسف ان ليس هناك ما يؤشر حالياً الى إعادة انطلاقة الحكومة مجدداً، بل على العكس فإنّ الامور تنحى في اتجاه عكسي».
وتوقعت مصادر سياسية ان تحدث هذا الاسبوع مفاجأة على صعيد المعالجات، خصوصا في ظل معلومات تحدثت عن انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدخل بقوة على خط المساعي الجارية لتمكينها من التوصل الى النتائج المرجوة، إذ انّه يبدي استياء كبيراً مما جرى، ويردّد امام زواره على ضرورة معالجة الوضع السائد، لأنّ إستمراره يهدّد البلاد بمخاطر كثيرة في ظل الأزمات التي تعانيها على مختلف المستويات.
إطلالة باسيل
وفيما استمر اطراف حادثة قبرشمون في تبادل التصعيد عبر المنصّات السياسية والاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع ردود فعل حول الجولات التي يقوم بها وزير الخارجية جبران باسيل على المناطق، وآخرها على طرابلس وعكار وزغرتا وما رافقها من توترات سياسية ومواقف عالية النبرة، فإن اللافت هو اطلالة باسيل اليوم عبر تلفزيون «ان.بي.ان»، في مقابلة حوارية اثيرت حولها تساؤلات، ان لجهة توقيتها، او لجهة القناة التلفزيونية، ليس فقط حول رمزيتها الاعلامية، بل حول مرجعيتها السياسية.
«الإشتراكي»
وعلى الضفة الأخرى وضمن حراك الحزب التقدمي الإشتراكي لشرح موقفه من احداث قبرشمون والشحار الغربي، علمت «الجمهورية» انّ وفداً منه سيزور ظهر اليوم رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل في بيت الحزب المركزي في الصيفي، على ان يزور رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الخميس المقبل.
وقالت مصادر الحزب لـ «الجمهورية»، انّ الجولة «تهدف الى التشديد على انّ سلسلة التفاهمات والمصالحات السابقة لا يجب ان تتأثر بما جرى، فالجبل تجاوز الأيام الصعبة، والحفاظ على ما تحقق يحتاج الى جهود الجميع بلا استثناء ولن تؤثر بعض الأحداث عليها».
جنبلاط
وغرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ليل أمس عبر «تويتر»، فقال: «نحن لسنا قطاع طرق». ثم استتبعها بتغريدة أخرى: «أكرّر نحن لسنا قطاع طرق، لكن يبدو أن البعض لم يفهم».
الحريري يعود اليوم
وفي الوقت الذي اصرّت فيه اوساط «بيت الوسط» على الإشارة الى انّ زيارة الرئيس سعد الحريري الى الخارج «خاصة» من دون ان تكشف اي معلومات عن مكان وجوده، لفتت عبر «الجمهورية» الى أنّه سيعود الى بيروت في الساعات المقبلة لاستكمال مساعيه لعقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل والتفاهم على بعض الخطوات الضرورية التي تعيد العجلة الحكومية الى الدوران والبت بقضايا اساسية منها الموافقة على قطوعات الحسابات العائدة للأعوام الممتدة من 2004 وحتى العام 2017 .
وفي جديد المواقف، قال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون، في حديث تلفزيوني، إنّ إجتماع الحكومة بات مرتبطاً بمعالجة تداعيات حادثة قبرشمون، خصوصاً بالنسبة إلى المسار المتعلق بتسليم المطلوبين. واشار إلى «أننا لا نريد نقل الواقع المتفجّر إلى طاولة مجلس الوزراء»، موضحاً «أنّ تأخير موعد جلسة مجلس الوزراء يعود إلى محاولة تفكيك هذا اللغم».
الراعي
وفي المواقف أيضاً، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في قداس الأحد الأول في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان: «نود التأكيد أنّ مصالحة الجبل هي الكنز الذي نتمسّك به وهي فوق كل اعتبار، ذلك أنّ سلامة الوطن هي من سلامة الجبل، ونعمل وندعو الى العمل معاً في سبيل توطيد أركان المصالحة سياسياً وواقعياً وخلق فرص عمل للجميع لكي يعود العيش معاً الى سابق عهده، وثانياً اعتماد خطاب سياسي يجمع ولا يفرّق، يسير الى الامام ولا يعود الى الوراء، يبني ولا يهدم، يتعاون ولا يقصي، يأتي بمشاريع اقتصادية وإنمائية ولا يردّد كلمات وشعارات من دون مضمون سوى التأجيج».
ولاحظ «انّ الشعب سئم مناكفات السياسيين على حسابه وعلى حساب تعطيل عمل المؤسسات وعلى حساب قيام دولة العدالة والقانون والرقي».