ارتبط الإرهاب بالجماعات والتنظيمات الدينية. ذلك لم يعد من باب التكهن والتخمين. كل ما شهده العالم في السنوات الأخيرة من عمليات إرهابية كانت تلك التنظيمات هي من خططت لها ونفذتها.
وإذا ما كان هناك على سبيل الجدل تنظيم ديني يدعي أنه ينبذ العنف وقتل المدنيين فإنه في الوقت نفسه لا يجرؤ على إعلان ذلك الرأي من خلال اتخاذ موقف صارم وحازم يقضي بتجريم الجماعات التي تتبنى العنف وسيلة لترهيب المجتمع ومحاولة إخضاعه لشريعتها.
في حقيقة الأمر ما من تنظيم ديني لا يرغب في الوصول إلى الأهداف التي تسعى الجماعات الإرهابية إلى تحقيقها من خلال العنف. ذلك استنتاج لا يتطلب البحث عن براهين لكي يكون مقبولا.
أما أن تدفع جماعة الإخوان المسلمين أو حزب الله اللبناني عن نفسهما تهمة الإرهاب فذلك أمر يمكن توقعه من غير الحاجة إلى تصديقه. في كل حالات القتل لا تنظر المحاكم إلى اعتراف القاتل بجريمته كونها ركنا لا غنى عنه في الحكم عليه باعتباره قاتلا.
وإذا ما نظرنا إلى حركة النهضة بتونس باعتبارها واجهة إخوانية فإن سلوكها، داخل الحكم وخارجه، يجعلها تقف في قلب العاصفة التي تميل إلى التغيير عن طريق العنف. فهي وإن صمدت في خضم العملية الديمقراطية فإنها لا تؤمن بالديمقراطية إن تعلق الأمر بالآخرين.
سيكون حدثا مخيفا إذا ما هُزمت النهضة بطريقة ساحقة في أي انتخابات، رئاسية أو نيابية أو بلدية. ذلك لأنهم يتوقعون أن تخلع تلك الحركة أقنعتها المؤقتة لتُظهر وجهها الحقيقي.
ولأن التنظيمات الدينية تقيم علاقات خفية في ما بينها بسبب الاتفاق على الأهداف، فليس مستبعدا أن تكون حركة النهضة على دراية بالجماعة التي نفذت التفجيرات الأخيرة مع بدء الموسم السياحي.
النهضة لا تريد تونس بلدا سياحيا. فالسياحة بالنسبة لها هي الفساد بعينه. أما سرقة أموال الدولة وأصوات الناخبين وتلقي أموال من دولة أجنبية والتآمر من أجل إسقاط الدولة المدنية بكل صوره فكلها من وجهة نظرها ليست فسادا.
النهضويون، كما هم الإخوان في مختلف تسمياتهم، يعتمدون على إقامة دولة ريعية فقيرة، يعتمد شعبها في حياته على المعونات التي تقدمها الدول التي تتبنى الفكر الإخواني. حركة النهضة تشبه في ذلك حركة حماس.
لهذا لن يكون من باب الخيال السحري أن تتحول تونس إلى غزة إذا ما تمكن الغنوشي من حكمها. يا له من مصير بائس.
ليست هناك مبالغة. ذلك لأن الرجل الذي يعتمد في تمويل حركته على قطر ولم يتعرض للمساءلة حتى الآن، بإمكانه أن يحول تونس إلى صحراء يتجول فيها الإرهابيون الذين يتم تصديرهم إلى مختلف أنحاء العالم العربي في حملة سفريات، شبيهة بتلك الحملة التي توجهت إلى سوريا أيام حكم النهضة.
يمكن تخيل تونس في ظل حكم الغنوشي بلدا لا يزرع زيتونا ولا تينا ولا عنبا ولا برتقالا، ولا تنتج معاصره خمرا أو زيت زيتون، ولا تستقبل الآلاف من فنادقه المقامة على البحر ملايين السياح القادمين من مختلف أنحاء الأرض بثقافاتهم المختلفة.
تونس تلك لن تكون سعيدة بتاريخها المدني بشعرائه وفلاسفته وأدبائه وموسيقييه ونسائه المناضلات، هي تونس التي ستأوي الإرهابيين القادمين من كل مكان. هناك دول تحلم بتحويل تونس إلى محطة لتصدير الإرهابيين.
من كل هذه المعطيات يمكنني أن أستنتج أن حركة النهضة التي تزعم أن لا صلة لها بالعنف هي من أشد الداعين إليه حماسة من خلال ما تخطط له وما ترغب في الوصول إليه.
لا تجد حركة النهضة ما يقلقها في الإرهاب الذي يضرب تونس، فهي تضمن أن لا يضرب الإرهاب تونس إن تحولت البلاد كلها إلى حاضنة للإرهاب.
ليس هناك مكان للطاهر الحداد ومحمود المسعدي وأبي القاسم الشابي في تونس التي تقودها النهضة.