إحتلال معرض رشيد كرامي وداعش يتدخل كقوة إسناد
نشرت جهات إعلامية خبراً مقتضباً إحتوى تبني تنظيم داعش الإرهابي للعملية التي قام بها عبد الرحمن المبسوط عشية عيد الفطر الماضي في بيانٍ مقتضبٍ وملتبس من حيث الشكل والتوقيت على حـدٍ سواء ، في موقفٍ جاء متلازماً مع توقيت دخول الوزير جبران باسيل إلى طرابلس في خطوة تلاقي أعلى درجات الإعتراض رداً على مواقف باسيل الإستفزازية من قضايا المدينة ومجمل سلوكه السياسي.
• ثغرات البيان الداعشي
من حيث الشكل:
ليس من طبيعة تنظيم داعش أن يتأخر في تبني العمليات التي يقوم بها ، وقد مضى على عملية المبسوط وقت يبدو أنه كان كافياً ليتأكد التنظيم من أن أحداً غيره لن يتبنى العملية فبادر إلى نسبتها لنفسه ، بعد تآكل وجوده وتراجع دوره بشكل كبير ، وهذا يطرح علامات إستفهام حول أبعاد هذا الإعلان وحقيقته ، بالتزامن مع إفشال زيارة المستشار الثقافي الإيراني إلى طرابلس ، وما ظهر من رفضٍ واسع النطاق لدخوله إلى المدينة بعد إشتباكه المعلن مع الموحدين الدروز في جبل لبنان.
أما من حيث المضمون ، فإن نسبة العملية إلى داعش تشوبه ثغراتٌ كثيرة ، أهمها:
ــ أن عبد الرحمن المبسوط لم يكن محترفاً ، بعكس عناصر داعش المدربين تدريباً عالياً ، كما أنه لم تكن لديه خطة إخلاء ولا دعم لوجستي كافٍ لينفذ ما خرج من أجله.
ــ لم يجد المبسوط المال الكافي لتأمين السلاح والذخيرة ، فإضطر إلى بيع أثاث منزله ليشتري ما يرتكب به جريمته ، بينما يتولى تنظيم داعش تأمين كل هذه المتطلبات لتنفيذ عملياته ، وهذا يعني أن هناك مشغلين محليين إستطاعوا توجيه المبسوط بالشكل الذي يخدم مصالحهم الداخلية والخارجية ، مستغلين ظروفه الشخصية والنفسية والإجتماعية.
ــ لم يجد المبسوط أيّ بيئة حاضنة ولم يحصّل أي تعاطف حتى من أسرته ومحيطه ، وهذا يُسقط نظريات باسيل وتياره عن وجود إمتدادٍ لهذا العمل الإرهابي كما قال النائب نهاد المشنوق في مقابلة مع قناة أم تي في.
ــ تعرضت طرابلس لجملة تشهير شرسة من وزراء ونواب التيار العوني والأجهزة الأمنية المرتبطة به ، فكانت تصريحات وزير الدفاع الياس بوصعب المستفزة في مواجهة تصريحات اللواء عماد عثمان ، والتوقيفات المستغربة التي قام بها جهاز أمن الدولة ، وتحديداً توقيفه الشيخ أيمن خرما بدون وجه حق وإضطراره لإطلاق سراحه كونه بعيداً كل البعد عن الأعمال العنفية ، بينما المطلوب من كل الأجهزة الأمنية إعتماد الحزم والشفافية وإلتزام القانون ومنع تحويل هذا الجهاز أو ذاك إلى وسيلةٍ للإنتقام السياسي من طرابلس أو أي منطقة أخرى.
• لماذا دعشنة طرابلس
لأن طرابلس هي المعقل السني الأبرز الصامد في وجه موجات الهيمنة الإيرانية والسورية ، ولم تستطع مجازر التبانة في العام 1986 ولا موجات القتال الظالم الذي فرض على المدينة بين التبانة وبعل محسن ، ولا تفجيرات مسجدي السلام والتقوى ، أن تغيّر من خيارات الفيحاء السياسية والوطنية.
ومن مستلزمات الدعشنة أن يواصل تنظيم داعش حضوره (الوهمي) في المدينة ، ومن هنا جاء إعلان تبنيه لعملية المبسوط.
• الموجبات الإيرانية لتحريك داعش
يشنّ جبران باسيل مدعوماً من "حزب الله" حرب إلغاءٍ على الموحدين الدروز في جبل لبنان وعلى أهل السنة مركزاً على طرابلس.
دأب تنظيم داعش على مدى تاريخه ، على إصدار بياناتٍ ومواقف وتنفيذ عمليات مشبوهة في العالم العربي أو في عواصم الغرب ، في الأوقات والظروف التي يكون فيها النظامان الإيراني والسوري في حالات حرجة ، مثل كشف إرتكاب نظام الأسد لمجازر بالسلاح الكيماوي ، فتم تحريك تنظيم داعش شرقاً وغرباً لصرف الإنتباه الدولي عن جرائم الأسد وداعميه ، وهذا هو دأب التنظيم.
• التحالف الموضوعي بين داعش وأتباع حلف الأقليات
واليوم ، أعلنت طرابلس بمجمل رأيها العام رفضها لقيام جبران باسيل بإقتحامها وليس زيارتها ، فلا زيارة بالإكراه أو في ظل الرفض وعدم الترحيب.
وفي هذا التوقيت بالذات ، يخرج بيان داعش ليعلن تبنيه لعملية المبسوط ، في موقفٍ من شأنه إعطاء مادة ومبرّر مجاني لإثارة الإتهام من جديد للمدينة ، سواء على لسان باسيل مباشرة ، أو من خلال أدواته السياسية والإعلامية.
• عويضة مدعو للإستقالة
يعتدي تنظيم داعش على سمعة طرابلس ، ويقوم جبران باسيل بإحتلال معرض الشهيد رشيد كرامي الدولي ، بدون الرجوع للرأي الفعلي لمجلس إدارته ، بل من خلال ضغوط وزير الوصاية (وزير الإقتصاد) منصور بطيش لتأمين إستخدام قاعات المعرض لإستقبال باسيل في لقاءٍ سياسي حزبي.. مع التذكير بأن إدارة المعرض سبق أن منعت الرئيس نجيب ميقاتي من إستخدام قاعاته في الحملة الإنتخابية الماضية بدعوى منع النشاط السياسي فيه ، وللسبب نفسه تم منع محاضرة الشيخ راتب النابلسي قبل أن تضطر الإدارة للتراجع تحت وطأة ثورة الرأي العام.
وربما يجب هنا دعوة مجلس الإدارة وتحديداً رئيسه أكرم عويضة إلى الإستقالة الفورية ورفض هذه الإهانات المتواصلة ااتي يمارسها وزراء الوصاية العونيون عليه وعلى مجلس الإدارة ، وعلى أبناء طرابلس رفض تولي الإدارة ، ما لم يتم تعديل قانون المعرض وتحريره من هذه الوصاية الجائرة التي تحول دون أي تطوير لمرافقه المتداعية.
والسؤال الأكبر: أين رجالات طرابلس وقياداتها ، أين نوابها ومن يتصدرون تمثيلها؟ لماذا يرتدي الرئيس نجيب ميقاتي القفازات ولماذا يستحي النائب سمير الجسر في التعبير عن موقف أبناء المدينة ، وكيف يمكن فهم موقف النائب السابق محمد الصفدي في عرض خدماته المجانية أمام باسيل..
ربما ليس على أكرم عويضة وحده الإستقالة ، بل على نواب طرابلس ووزرائها الإستقالة بعد أن عجزوا عن فرض هيبتهم في وجه هذا الفتنة الجوالة..
• طرابلس عصية على العدوان
ستبقى محاولات الإستهداف من النظامين الإيراني والسوري لطرابلس قائمة ، وما تفجيرا مسجدي السلام والتقوى عنا ببعيدين..
وطرابلس رفضت تنظيم داعش ولفظته وهو في ذروة قوته ، ولن يستطيع إحياء وجوده فيها وهو في طور التلاشي والإنتهاء..
يقتحم جبران باسيل معرض رشيد