خطف جبران باسيل مجلس الوزراء أمس، وطلب فدية سياسية قوامها تحويل أحداث الجبل الى المجلس العدلي، وأحرج في الوقت نفسه رئيس الحكومة سعد الحريري ومعه الوزراء، بتلويحه من وزارة الخارجية بـ″الثلث المعطل″ وبتجميد العمل الحكومي.
سلوك باسيل أدى الى تعريض التسوية السياسية مجددا للاهتزاز، والى إرباك الرئيس الحريري الذي وجد نفسه مضطرا للحفاظ على ماء وجهه بتأجيل جلسة مجلس الوزراء، والرد على باسيل الذي حاول أن يوحي للجميع بأن ″الأمر لي″ وأن “الجلسة الحكومية تنطلق على ″التوقيت البرتقالي″، حيث إنتظر الحريري والوزراء أكثر من ساعتين من الزمن لانتهاء إجتماع وزراء التيار الوطني الحر في وزارة الخارجية بالرغم من أن موعد الجلسة محدد مسبقا، ثم حضر الى السراي الكبير خمسة وزراء برتقاليين فقط للمشاركة في الجلسة وتأمين نصابها، لكن الحريري الذي بدا عليه الغضب رفض عقد الجلسة وقرر تأجيلها، ووجه رسالة مبطنة الى باسيل بأن ″لا أحد يلعب معي هذه اللعبة″.
في الشكل طرق باسيل الباب وأسمعه الحريري الجواب، لكن في المضمون يبدو أن صراعا من نوع آخر قد إنطلق، في ظل رفض الحريري إحالة أحداث الجبل الى المجلس العدلي طالما برأيه أن ″الأمور تتجه نحو الحلحلة وتسليم المتهمين باطلاق النار”، وفي ظل إخراج باسيل للمرة الأولى منذ تشكيل الحكومة ورقة ″الثلث المعطل″ والتهديد بها، وعدم إحترامه موعد إنعقاد جلسة مجلس الوزراء ومحاولته تأخيرها، الأمر الذي لا يمكن لأي رئيس حكومة أن يقبله خصوصا أن الحريري بدا أمس مهددا بشل عمل حكومته، ما يعني أن ما أقدم عليه باسيل أساء الى الحريري والى الوزراء، والى كل التيارات السياسية المشاركة في الحكومة، كما أساء الى صورتها.
من المبكر معرفة ما حصل في كواليس السراي الحكومي أمس، وهل أن تأجيل جلسة الحكومة كانت ردة فعل حريرية على تلويح باسيل بـ″الثلث المعطل″ سيكون لها تداعيات سلبية في الأيام المقبلة، أم أن وساطات سياسية جرت مع الحريري وباسيل أفضت الى تسوية تقضي بارسال الأخير خمسة وزراء لتأمين نصاب مجلس الوزراء، وباعلان الأول تأجيل الجلسة ″الى أن تهدأ النفوس″ كونه هو من يدعو الحكومة الى الانعقاد وهو من يمتلك الصلاحيات بتأجيل جلساتها. أم أن الحريري لم يكن يريد عرض بند تحويل أحداث الجبل الى المجلس العدلي على التصويت في الجلسة حفاظا على التضامن الوزاري وحرصا منه على عدم تفجير الحكومة من الداخل، فلجأ الى التأجيل.
يمكن القول إن الأمور ما تزال حتى الآن تحت السيطرة على الصعيد الحكومي، بالرغم من خسارة الرئيس الحريري بالنقاط، لكن السؤال الذي بدأ يطرح نفسه هو: هل سيعيد باسيل الكرّة مجددا ويهدد بالثلث المعطل؟، وفي حال أقدم على ذلك، كيف سيتصرف رئيس الحكومة؟، وأي مصير سينتظر التسوية الرئاسية والبلد؟..