ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أمس، قداسا في كاتدرائية سيدة العطايا - أدما، في مناسبة اليوبيل الكهنوتي الذهبي والفضي لعدد من كهنة الأبرشية البطريركية المارونية في منطقة جونيه.

وبعد الانجيل، القى البطريرك الراعي عظة قال فيها: "أنتم اليوم تجددون وعدكم الكهنوتي وعهد الحب والأمانة للرب يسوع وللكنيسة، وقد جعلاكم "وكلاء أسرار الله" (1كور1:4)، ويحافظان على هذا العهد مع كل واحد منكم. إنه عهد معرفة أعمق للمسيح، ومحبة أكبر، وعهد التزام الرسالة الموكولة منه إلى الكنيسة ومنها إلى كل واحد منكم ومنا. ومعا أفرادا وجسما كهنوتيا حول الأسقف تحملون هذا الالتزام "كنزا في آنية من خزف"، متكلين، من أجل حمايته، على قدرة الله الفياضة لا على قدرتكم، كما كتب بولس الرسول إلى أهل كورنتوس (راجع 2كور4: 6-7).

وقال: "ائتمنتم على خدمة المائدتين: مائدة كلمة الله، ومائدة جسد الرب ودمه. هما مائدة واحدة: المسيح نفسه هو الكلمة التي نحتفل بها ذبيحة فداء، بواسطة الخبز والخمر والمحولين جوهريا إلى جسده ودمه، ونتناولها خبزا سماويا لحياة نفوسنا. لكن هذه المائدة المزدوجة في حاجة إلى عناية خاصة ومتقنة وورعة من أجل حسن تهيئتها والدعوة إليها وتوزيع نعمها. غير أنها مائدة الكاهن نفسه اليومية. أجل اليومية، لكي منها يغتذي، ويستمد روحانيته، وخدمته القربانية المعطاءة والمضحية والباذلة وإلا جف روحيا واعتمد مسلكا آخر ونهجا آخر".

وأضاف: "ائتمنا على خدمة المصالحة مع الله وبين الناس، وجعلنا المسيح سفراءه للمصالحة (2كور5: 18و20). إنها خدمة أساسية في رسالتنا الكهنوتية إذ ليس أجمل وأسعد من سلام الضمائر. لكن هذه الخدمة تصطدم بثلاث عقبات: الأولى، فقدان الحس بالخطيئة وبمفهومها عموما، والثانية، إنهماكنا في العديد من المسؤوليات على حساب هذه المسؤولية الأساسية، ما جعل المؤمنين يشعرون بقلة جديتها، والثالثة، الخلافات والنزاعات القائمة بين الناس والمستعصية على أي محاولة للمصالحة الروحية أولا مع الله على المستوى العمودي، وتاليا بين الناس على المستوى الافقي، سواء في العائلة بين الزوجين أم في المجتمع الأوسع. ولئن كانت الخلافات السياسية ولدت إنشطارا اجتماعيا بين الناس، يبقى من واجب الكهنة ألا ينجرفوا في أي لون سياسي أو حزبي، ليستطيعوا المحافظة على دور الوسيط والمصلح".

وتابع: "لا ننسى أننا مؤتمنون على خدمة المحبة الاجتماعية تجاه الفقراء والمعوزين والمرضى، ما يقتضي تنظيم هذه الخدمة في رعايانا، أولا، ثم بالتعاون مع المؤسسات، انطلاقا من دعمها. ولا ننسى أن الكرازة (Kerygma) تؤدي إلى الليتورجيا، وهذه إلى الدياكونيا (أي خدمة المحبة). فلا فصل بين هذه الثلاث التي تشكل جوهر رسالتنا الكهنوتية. فالكرازة من دون الليتورجيا تفقد كل قيمتها والليتورجيا من دون خدمة المحبة تفقد قيمتها ايضا".