يقولون : إن السياسة ليست علماً من العلوم التي يتعلمها الإنسان في مدرسة أو جامعة أو حوزة، أو يدرسها في كتابٍ أو في منهجية مقرَّرة عند أهل العلم والإختصاص، وإنما هي مجموعة أفكار قانونها التجارب التي تزيد في وعي وإدراك العقل عند الإنسان، لأن التجربة والتجارب زيادة في العقل والتعقل، وقاعدتها هي العمل من خلال التوقف عند منعطفات ومحطات ذات أهمية كبرى من أجل الحفاظ على المكاسب التي تحفظ السلطة من جهة، وتحفظ الشعب والمجتمع من جهة ثانية..
فالسياسة الإيرانية والأمريكية تعتمدان على هذه القوانين وعلى قواعد العمل من أجل تحصيل مكاسب تصب في خانة المصالح والمفاسد، ويبدو أن السياسة الإيرانية تعتمد على القاعدة العقلائية القائلة بأن " درء المفاسد أولى من جلب المصالح"..
اقرا ايضا : لكي لا ننسى يا دولة الرئيس نبيه بري..؟
والسياسة الأمريكية تعمل بعكسها، أي " جلب المصالح أولى من درء المفاسد"، ويمكن التعبير عنها بالقاعدة " العقلية" ـ تجوٌّزا ـ وفرقٌ كبير بين العقل والسيرة العقلائية، فالسياسة لا تحتاج إلى عقل بقدر ما تحتاج إلى عقلاء، ها هي السياسة الإيرانية بعقلائها وامتدت في المنطقة وبسطت سيطرتها منذ قيام الثورة حملت لواء القضية الفلسطينية ومروراً إلى منطقة الشرق الأوسط من العراق إلى اليمن والبحرين وسوريا ولبنان وفي كل بلدٍ مضطهد وفقير مدت له يد العون والمساعدة، وإنشاء حركات جهادية تحمل شعارات الموت لإسرائيل والموت للشيطان الأمريكي الأكبر، وامتدت هذه السياسة الى الخليج العربي وبسطت السيطرة بحيث لا يمكن للسياسة الأمريكية أن تجرؤ على ضرب إيران، وإن فرضت العقوبات عليها من باب العقل الأمريكي، إلا أنَّ عقلاء السياسة الإيرانية فرضت التعادل بهذه القاعدة،.. والفيلم الأمريكي لخصه مواطنٌ عربي ساذجٌ عندما سأل صديقه بعد حضورهما فيلماً عن حياة وآلام السيد المسيح (ع) عن رأيه بالفيلم، فأجابه إنه فلم فاشل، والسبب أن البطل يموت في آخر الفيلم..! من هنا لقد عوَّدتنا الأفلام وخصوصاً الأمريكية منها، ودائماً على أن البطل لا يقتل ولا يجرح ولا يموت ولو على حساب عشرات وعشرات الآف من الضحايا والمشردين، إنها سياسة الأفلام التي ينبغي أن نعقلها لأن الأمريكين يهددون شعوبنا وخليجنا بعظائم الويل والثبور وأن الديناصور الإيراني سيقتحمكم فعليكم أن تدفعوا لنا خيراتكم وثرواتكم وأرضكم ونفطكم من أجل حمايتكم لأنكم نحل تعيشون في قفيرٍ من العسل، والبعض يصفق لهذا النصر المبين، والكل ينظر لاهياً بالحنكة والحبكة السياسية التي ترغمنا على متابعة الفيلم الأمريكي الطويل، الذي لا يموت من أجل جلب حليب البقر والنوق، بل باستمرار حلب الثور والثوار.