وعاد الخنجر ليقدم مرشحة ثالثة، وهي وصال العزاوي، الأستاذة المخضرمة في سلك التعليم الجامعي، التي سبق لها أن شغلت مواقع مهمة في مؤسسات جامعية بارزة. لكن رئيس الوزراء فاجأ الجميع خلال جلسة البرلمان الأخيرة، بتقديمه بمرشحة مغمورة، لم تعلن أي كتلة سياسية عن دعمها.
ولم يتوفر تفسير للسبب الذي دفع عبدالمهدي إلى هذا الخيار، لكن مصادر مطلعة تقول إن رئيس الوزراء ربما أيقن أن أي مرشحة يطرحها الخنجر على البرلمان، لن تمر، ما يعني أن الكابينة الوزارية ستبقى منقوصة، لذلك اختار مرشحة سنية للمنصب، لا تمثل أي طرف سياسي.
ولم يتردد البرلمان في تخييب ظن رئيس الوزراء العراقي، متمسكا بآليات التفاهم السياسي بين الكتل النيابية، التي تحكم توزيع الوزارات، إذ حصلت مرشحة عبدالمهدي على أصوات أقل من 30 نائبا، من بين 329 نائبا يشكلون البرلمان العراقي.
وتقول قيادات في المشروع العربي، إن تحالف البناء الذي يضم صقور الشيعة المقربين من إيران، لم يف بتعهداته السياسية مع الخنجر، الذي نفذ من جانبه جميع تعهداته. لكن القيادي البارز في حركة عصائب أهل الحق، نعيم العبودي، وهو عضو في البرلمان العراقي، قال إن القوى الشيعية في تحالف البناء دعمت مرشحتي الخنجر الأولى والثانية، بدلالة مرور الأولى في التصويت وحصول الثانية على 107 أصوات، بفارق بسيط عن حاجز العبور، مشيرا إلى أن الأطراف السنية هي من خذلت زعيم المشروع العربي.
ويقول النائب عن اتحاد القوى السنية، عبدالله الخربيط، الذي يتزعمه رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، إن الخنجر ما زال يفكر بعقل المعارضة، ويتعامل مع شركائه من خارج الحدود، داعيا زعيم المشروع العربي إلى التفاهم بموضوعية مع الأطراف التي يحتاج أصواتها لتمرير مرشحته إلى حقيبة التربية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الخنجر أعاد تقديم اسم وصال العزاوي لرئيس الحكومة، من دون وجود ضمانات بأن الأخير سيقوم بعرضها على البرلمان.
وتقول المصادر إن أحزابا سنية قوية، على غرار اتحاد القوى بزعامة الحلبوسي، أبلغت عبدالمهدي رفضها ذهاب حقيبة التربية إلى الخنجر، بسبب الإمكانات السياسية والمادية الكبيرة التي تمتلكها، ما يطرح خيار إجراء تعديل وزاري، يجري بموجبه منح حقيبة أخرى إلى المشروع العربي، على أن تذهب وزارة التربية إلى طرف سني آخر، يرجح أنه الحزب الإسلامي، الذي يملك 10 مقاعد في البرلمان، ويشغل أحد أعضائه منصب وزير التخطيط في الحكومة العراقية.
واعتبر مراقب سياسي عراقي أن منح حقيبة التربية يتعلق بجانب سياسي وآخر اقتصادي، وإذا ما كان الجانب الاقتصادي واضحا من جهة المنافع الشخصية فإن الجانب السياسي يمكن التحقق منه من خلال عمليات غسل الأدمغة التي مورست من أجل تطبيع طرق وأساليب التوزيع الطائفي للشعب العراقي وهو ما يُراد منه خلق أجيال لا تؤمن بالعراق التاريخي وتعلي من شأن المرويات الطائفية التي تضع حدودا فاصلة بين المكونات التي لم يعد يعنيها سوى المطالبة بحصصها من الدولة، من غير التفكير في استعادة المواطنة والعمل على تكريس المساواة في ظل وطن واحد.
وشهدت وزارة التربية أثناء المراحل السابقة صفقات فساد تتعلق ببناء مدارس لا تزال غير صالحة للاستعمال. كما تم طبع الكتب الدراسية الجديدة في سياق تغيير النهج التربوي في إيران ولبنان في إطار عمليات خفية أدرت على أصحابها المليارات من الدولارات.
ويتقاتل السياسيون السنة على الفوز بتلك الوزارة الثرية في ما يمكن أن تدره من أموال على الفساد وفي ذهنهم أن يزايدوا على ولائهم لنظام المحاصصة الذي لن يسمح إلا باستمرار المناهج الدراسية التي تعلي من شأن العزل الطائفي والولاء لإيران.