ترفض اوساط مطلعة على موقف الإدارة الاميركية، وعلى بعض ما يمكن ان تتضمنه خطة القرن، هذه «التهيؤات»، وتضعها في خانة الشعبوية واللاإطّلاع، وتعتبر ان معظم السياسيين اللبنانيين يركبون الموجة ولا يجرؤون على مقاومتها، خشية إتهامهم بالموافقة على التوطين، الذي يشكل خطيئة في الوجدان اللبناني.
وتوجز الأوساط الخطة التي تقوم بها الادارة الاميركية، بشقيها الاقتصادي والسياسي ما سيُعلن عنه قريباً بالآتي:
ـ أولاً، لا تتنازل الخطة عن مبدأ إنشاء دولة فلسطينية، وأكبر الأدلة مشروع ربط الضفة بغزة، في حين أن النزاع الذي يمكن أن ينشأ بعد إعلان الخطة النهائية هو حول حدود هذه الدولة لا على مبدأ قيامها، والمقصود هنا حدود الضفة الغربية من أراضي العام 1967، التي أنشأت فيها اسرائيل المستوطنات لفرض حدود جديدة. تشير الاوساط الى انّ ما يمكن ان تتضمنه الخطة لحل مسألة الحدود لا يزال غير واضح، مع ترجيح ضم المستوطنات الى إسرائيل، واعطائها السيادة على غور الأردن، لكن السؤال كيف سيتم تعويض الفلسطينيين؟ هل بتبادل أراضٍ، أم بتعديل خط الـ 1948 ليشمل مجمعات سكانيّة فلسطينية، مع ضعف هذا الاحتمال؟
ـ ثانياً، على رغم من نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس، فإنّ الترتيبات النهائية للقدس لم تعطَِ إسرائيل السيادة عليها بنحو كامل، فهناك افكار لإقامة عاصمة فلسطينية في أبوديس، كما انّ مسألة السيادة على المراكز الدينية والأحياء العربية لم تُحسَم (سترد في الخطة).
ـ ثالثاً، إن الشق الاقتصادي الذي أعلن في الخطة هدفه بالنسبة الى الفلسطينيين تثبيتهم في الضفة وغزة، وإلّا لما كانت رصدت هذه المبالغ لإنهاض الاقتصاد الفلسطيني ونفض البنية التحتية المتهالكة، وربط الاقتصاد الفلسطيني باقتصاد اسرائيل والدول العربية المجاورة، ومنها لبنان ومصر والأردن وسوريا، والهدف من ضخّ هذه الاموال في هذه الدول هو إنشاء بنية تحتية لمنطقة تجارة كبرى، هي منطقة عبور وترانزيت بين أوروبا وآسيا وأفريقيا.
ـ رابعاً، إنّ التوطين في لبنان أو دول الشتات غير وارد في الخطة، فهذه الدول ترفض التوطين، ومصلحتها تكمن في حل النزاع العربي ـ الاسرائيلي، وإنشاء دولة فلسطينية سيعطى بموجبها كل فلسطيني في الضفة وغزة والشتات جواز سفر باسم دولته، وهذا يعني أن اللاجئ الفلسطيني سيصبح مواطناً أجنبياً يحمل جواز سفر دولته.
تختم الأوساط بالاشارة الى أنّ كل مَن يعارض «صفقة القرن» في لبنان، خصوصاً من الفريق الذي لا يوافق على سياسة «حزب الله»، يعاني من نقص في «الداتا» او في التواصل مع الإدارة الاميركية، التي لم تحدد لمسؤول لبناني موعداً منذ فترة طويلة. وتشير الى انّ ما بين الحَرَد والمقاطعة والرفض المطلق، وما بين المشاركة ونيل المطالب، تسهل معرفة الإتجاه الأفضل، فالحرد أدّى تاريخياً الى التقهقر من سقفٍ مرتفع الى سقفٍ متدنِّ، أما إستسهال المواقف الشعبوية فهو يصب في طاحونة المشروع الايراني، الذي يطمح الى الإمساك بالورقة الفلسطينية، بعد ان أمسك بورقة لبنان والعراق واليمن وسوريا، وهي أوراق تفاوضية يسعى دائماً لاستعمالها مع الولايات المتحدة الاميركية، بالنيابة عن اصحاب القضية الأصليين.