صفعةُ القرن الأميركية وصفعة القرن العربية، والصفعة بعد الصفعة تتلقاها فلسطين من أصحاب القرون، أين منها صفعة الإسكندر ذي القرنين لمدينة صور في القرن الثالث قبل الميلاد.
«جاريد كوشنير» ممثّلُ رئيسٍ يمثِّلُ دورَ البطولة في أفلام الرسوم المتحركة، وارثِ شعوذة الهنود الحمر سكانِ أميركا الأصليين، يحمل الى مؤتمر البحرين في الصحراء خطةً «من السلام الى الإزدهار» تعِـدُ الفلسطينيين بجنَّـةٍ تجري من تحتها الأنهار «ومن فوقها تجري الكهرباء في الضفّة الغربية»... أيتها الكهرباء كم من الجرائم تُرتكب باسمك.
الإزدهار، رهنٌ بتحقيق السلام، والسلام عليه السلامُ وعليه الصلاة، وعلى مذابحهِ تُضَـاءُ شموعٌ باردة.
مؤتمرٌ يقاطعهُ أصحابُ القضيةِ والحـقّ الضائع، يقـرّرُ فيه أعداءُ القضية مصيرَ وطـنٍ وشعبٍ وآمال أمّـة.
مؤتمرٌ مفروض على الإرادات في دولة البحرين، كأنما هو وعدٌ آخر لبلفور، وليس في هذا الزمان سلطان عثماني يصف نفسه بأنه ملك البحرين والبرّين، ومالك القضاء والقدر ليقرر شؤون البشر.
على مدى ما يكاد يقارب القرن... منذ 1948، كان الموقف العربي حيال القضية الفلسطينية أشبهَ بالمناحات والبكاء على الاطلال، والقضية العربية الأولى، مثلما جنَتْ هي على نفسها، كانت في الضمير العربي نشيداً مأتمياً يتردّد في حملات الغزو العربي – العربي، على ضفاف أنهارٍ من الدم.
ولا تزال الفروسية الجهادية في الأمة العربية الباسلة الخالدة، غارقة في دمائها من المحيط الى الخليج.
وحين تختلط الألقاب والأسماء بين الأشقاء والأعداء، ويبدو العدوّ من الشقيق أرحم، يصبح من حقّ «كوشنير» أن يتوجه الى الفلسطينين بالقول: «رسالتي إليكم، أنه على رغم ما يقول أولئك الذين خذلوكم في الماضي، فإنّ الولايات المتحدة لم تتخلَّ عنكم...».
هكذا.. يصبح الذئب حريصاً على دم يوسف بن يعقوب أحـدِ أنبياء اللـه من بني إسرائيل.
نحن أبناء الجيل، الذي تَّـفتحتْ عيناه على جريمة ذلك القرن، لا نزال نحفظ ما تردَّد على مسامعنا من خطاب ونستون تشرشل في مجلس العموم سنة 1941.. حين يقول: «إنّ اليهود طالبوا الحكومة البريطانية رسمياً، بأن تٌُطْلَق يدهم في فلسطين وأن يُضمّ إليها الجنوب اللبناني الذي يجري منه نهر الليطاني وذلك مقابل وضع اليهودية العالمية جميع إمكاناتها في خدمة بريطانيا..».
ونحن نعرف حجّة إسرائيل التي تعتبر ما ورد في الفصل الأول من سِفْـر يشوع بن نـون وصيةً إلهيةً تقول: «من البرّية ولبنان الى النهر الكبير، نهر الفرات، جميع أرض الحثيّـين والى البحر الكبير الذي في وجه مغارب الشمس تكون تخومُكمْ...».
عندما انطلقت شرارة الإحتكاك بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة خشينا أن تتحوَّل الشرارة الى سعـيرٍ تمتد ناره الى لبنان في ظلِ موقفٍ عبَّـر عنه السيد حسن نصرالله بـ«أنا أعلم» هذه المرة حين قال:
«في حال هاجمت أميركا الجمهورية الإسلامية الإيرانية فإنّ المنطقة كلها ستشتعل»...
أَما أن تصبح أرض لبنان معروضة للتوطين ومعرَّضة للإجتياح، عملاً بما جاء في خطاب تشرشل وسِفْـر التكوين، فنحن كلّنا إذ ذاك مع السيِّد ولتشتعل المنطقة بمن فيها ، فوق ما هي عليه من دمار واشتعال.
صفعة القرن هذه، تذكِّرني بذلك البيت الذي وصف فيه إبن الرومي الأحدب بقوله:
قصُرَتْ أخادِعُهُ وغارَ قَذالُهُ فكأنّه متربِّصٌ أن يُصْفَعَا (1)
أيها العرب: متى يستقيم الأحدب حتى لا يظل خاضعاً للصفْع.
1– الأخادع: عروق في العنق – قَذالُه: مؤخَّرة رأسه