اشار السيد علي فضل الله الى ان المجلس النيابي يستمر بأخذ دوره في مناقشة مفردات الموازنة، للتقليل من الفساد والهدر فيها، ونرى في ذلك إيجابية نأمل البناء عليها لإخراج البلد مما يعانيه ولحفظ مصالح الطبقات الفقيرة والمتوسطة. وفي هذا الوقت، يعود إلى الواجهة المنطق الذي حذرنا منه، وهو المحاصصة على التعيينات بين القوى السياسية، التي تجلّت في أعلى مؤسّسة رقابية، المجلس الدستوري، ونخشى أن نجد لها تجليات في المواقع الأخرى، في الوقت الذي ندعو إلى العودة إلى الكفاءة وإلى منطق المؤسسات، وأن تكون المواقع بعيدة من التّسييس والارتهان.
وتابع قائلا خلال خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك،"نعيد التّأكيد على القوى السياسية أن ترأف بهذا البلد وبإنسانه، وأن تخرج من السّجالات التي سرعان ما تأخذ بعداً طائفياً ومذهبياً، والتي يبدو أنها لن تنتهي، فما أن نخرج من سجالات حتى تبدأ أخرى". اضاف إننا ندعوهم إلى أن يرتقوا إلى مستوى التحديات التي تواجه لبنان، لأنَّ من المعيب أن لا نفكّر في تحصين لبنان وتعزيز مناعته وصون وحدته في ظروف بالغة الحساسية والخطورة والتعقيد.
واشار الى أنَّ كل هذه الإغراءات المالية في ورشة العمل التي عقدت في البحرين لا تهدف إلى النهوض بالشعب الفلسطيني أو الدول التي تستضيف عدداً كبيراً من الفلسطينيين على أرضها، بقدر ما تهدف إلى الاعتراف بالكيان الصّهيونيّ، والتّطبيع معه، وإدخاله في نسيج المنطقة، وضمان تنازل الفلسطينيين عن أراضيهم المسلوبة وحقّ العودة وتقرير المصير وبناء دولتهم، ولو على جزء من فلسطين، وتوطين الفلسطينيين الموجودين في الشتات. واعتبر انها صفقة تقوم على اختزال كلّ هذا الصّراع التاريخيّ على الحقوق بحلّ يقوم على إغراءات مالية للتنازل عنها، وهي حقوق لا تقدّر بثمن، وماذا يبقى للشعب الفلسطيني إذا تنازل عن الحقّ في الأرض، والحق في الحرية، والحق في الكرامة والاستقلال. واعتبر إنَّنا أمام ما حصل، نضمّ صوتنا إلى كل الأصوات التي أعلنت رفضها ما جرى، وعبَّرت عن ذلك بالكلمات والمواقف أو بالمسيرات والتظاهرات التي انطلقت في أكثر من بلد عربي، حتى من البلدان التي شاركت في هذا المؤتمر.
واعتبر فضل الله انه لا بدَّ هنا من أن ننوّه بالموقف اللبناني المتمثل بعدم مشاركته في هذه الورشة، وبالموقف الرسمي الموحد الذي عبر عنه خير تعبير رئيس المجلس النيابي، عندما رفض أن يشارك لبنان ببيع فلسطين وقضيتها وشعبها بثلاثين من الفضة، وهو الموقف الذي شكَّل رافعة قوة للفلسطينيين. ودعا إلى التّأسيس على هذا الموقف، والعمل وفق خطة يتعاون فيها الجميع، من لبنانيين وفلسطينيين، لحفظ وحدة هذا الموقف، لا ليكون النواة للردِّ على المشاريع التي لا يراد من خلالها إسقاط القضية الفلسطينية فحسب، بل للردّ أيضاً على تمرير كل صفقات التوطين وإضعاف الدول العربية المتاخمة لفلسطين المحتلة، وعلى رأسها لبنان.