خلاصة نتائج سياسة التيار العوني ( مع مؤازرة حزب الله الحاكم بالطبع) أزمات مالية واقتصادية خانقة تتناسل من بعضها البعض، أزمات بيئية لا لا مثيل لها ولا سابقة
لم يشهد تاريخ لبنان الحديث ظاهرة غريبة تحكّمت فيه كما فعلت الظاهرة العونية، فقد ظهر الجنرال عون(والذي أصبح رئيساً للجمهورية منذ حوالي ثلاثة أعوام ) في مسرح الاحداث اللبنانية الحامية منذ مشارف ثمانينيات القرن الماضي، على عتبات الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام ١٩٨٢، ظهر كأحد رجالات قائد القوات اللبنانية الرئيس الراحل بشير الجميل، في صورة نادرة يستقبل ضباطاً إسرائيليّين عند منطقة المتحف وسط مدينة بيروت، ثم ما لبث أن ظهر كقائد فوج عسكري في حرب الجبل، ليتولّى بعد ذلك قيادة الجيش اللبناني في عهد الرئيس أمين الجميل، الذي أسند إليه فيما بعد رئاسة حكومة عسكرية رباعية عندما خلت سدّة الرئاسة الأولى، وما لبثت أن أصبحت حكومة مبتورة بعد استقالة الضباط المسلمين، ليخوض بعد ذلك معركة الإلغاء الطاحنة مع القوات اللبنانية بقيادة الدكتور سمير جعجع، ويستكملها بعد ذلك في حرب التحرير العبثية مع القوات السورية، لينتهي به الأمر مّتمّرداً على شرعية رئيسين مُنتخبين: الرئيس الشهيد رينيه معوض والرئيس الراحل الياس الهراوي، لينتهي به الأمر لاجئاً في السفارة الفرنسية في بيروت، وبعدها لاجئاً سياسياً في فرنسا حتى العام ٢٠٠٥، تاريخ عودته إلى لبنان، ليستفيد من شحذٍ عاطفي وسياسي مسيحي، فيحصل على أكبر كتلة برلمانية، ولينصرف بعدها إلى بناء تياره السياسي الذي دعاه: تيار الإصلاح والتغيير.
حتى هذا التاريخ ظلّت الأمور السياسية والحزبية للجنرال عون في سياقها الطبيعي، حتى لمع نجم صهره "المُدلّل" جبران باسيل، الذي خسر معاركه الإنتخابية في منطقة البترون لدخول البرلمان لمرّتين متتاليين، ليُعوض عن ذلك بالمناصب الوزارية له ولمناصريه ومرافقيه، ولعلّ أهم معركة سياسية ربحها وفرضها باسيل على اللبنانيين أجمعين كانت إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري عام ٢٠١١، ليضع بعد ذلك يدهُ على وزارات الخدمات الحساسة ( الطاقة والاتصالات والاقتصاد)، ويتسلّم أخيراً مقاليد وزارة الخارجية، بعد إسناد وزارات الخدمات لمُستشاريه، ولتنحرف معه الظاهرة العونية انحرافاً خطراً بعد انتخاب الرئيس عون رئيساً للجمهورية، ليتفشّى بعد ذلك الفساد في كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات الرسمية المستقلة، وتظهر بدعة المحاصصة بأبشع صورها، مع إطلاق العنان لحملات التمييز العنصري والديني ، العنصري ضد النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيّين، والطائفي ضد شركائه المسلمين،" الخبثاء" الذين يتطاولون على حقوق المسيحيين المهدورة، والتي لا يستعيدها إلاّ الوزير باسيل عبر حملات طائفية مقيتة في طول البلاد وعرضها، فينتهك الدستور والقوانين التي تحفظ التوازن الوطني وحقوق المواطنين المتساوية.
خلاصة نتائج سياسة التيار العوني ( مع مؤازرة حزب الله الحاكم بالطبع) أزمات مالية واقتصادية خانقة تتناسل من بعضها البعض، أزمات بيئية لا لا مثيل لها ولا سابقة، احتقانات طائفية تنتشر كالجُثث المُفخّخة، لا يدري اللبنانيون كيف يُعالجونها قبل انفجارها، مع أنّهم يتحسّسون روائحها العفنة، والأغرب من كل ذلك أنّ البعض (والبعض هنا يشمل من تبقّى من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وتيار المستقبل) يُراهن على قدرة الرئيس عون على إنقاذ سفينة "التايتانيك" كما أشار إلى ذلك الرئيس عون نفسه، مع العلم أنّ التايتانيك غرقت، وغرقت معها أحلام ركابها أجمعين.
العلّةُ يا سادة، كانت وما زالت في رُبّأن السفينة، فهل من يتّعظ ويبادر لإنقاذ ما يمكن انقاذه، لعلّ وعسى.