علّق الوزير السابق سجعان قزي على آخر المستجدات الإقليمية، وانعكاساتها على الساحة اللبنانية، معتبراً أن "الواقع يُظهر العرب ضحية للولايات المتحدة الأميركية من جهة، وروسيا من جهة أخرى. فهُم، مع الأسف، ربطوا وجودهم وأمنهم عملياً بالحماية الأميركية تحديداً، التي لا تقدّم لهم أكثر من حماية وجود، دون أن تكون الى جانبهم في حسم الصراعات الكبرى في المنطقة، المتمثّلة بالصراع العربي - الإسرائيلي، وبوضع مدينة أورشليم "القدس"، والتمدّد الإيراني في المنطقة".
وفي حديث الى وكالة "أخبار اليوم"، اعتبر قزي أنه "ليس كافياً أن تُرسل واشنطن وزير خارجيتها مايك بومبيو الى المنطقة لطمأنة الإمارات والسعودية، في وقت تراجعت فيه عن المواجهة مع إيران وكلّ الكلام الديبلوماسي على أن الولايات المتحدة لم تسمح لإيران بأن تجرّها الى المعركة لا يُصرَف في السياسة، إذ لماذا ترسل واشنطن كلّ هذه الاساطيل والأسلحة الى المنطقة إذا كانت لا تريد الحرب فعلياً؟ فمن يقوم بهذه الإستعدادات، يجب أن يكون لديه القرار بالردّ على التحرّش الإيراني ليس بطائرة بلا طيار، بل تحرشّها بأكبر دولة في العالم".
وشدّد قزي على أن "العرب غير مرتاحين لا لعلاقتهم مع الولايات المتحدة، ولا لمؤتمر البحرين، ولا لكَوْن الكونغرس منع الإدارة الأميركية من بَيْع أسلحة الى السعودية. كما أنهم ليسوا مرتاحين لتصاريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول أن من كل الشرق الأوسط يهمّه أمن إسرائيل فقط، وأنه يحمي السعودية لأنها دفعت مالاً الى واشنطن كثمن لحمايتها. فهذا كلّه يدلّ على أن لا شراكة استراتيجية واقتصادية وسياسية بين واشنطن والعرب، بل وظيفة تقوم بها الولايات المتحدة مقابل المال"، لافتاً إلى أن "المؤسف يتعلّق أيضاً بأن رئيس أكبر دولة كبرى في العالم، أظهر بكلامه وكأن الولايات المتحدة دولة مرتزقة، تعطي الأمن لمن يدفع لها المال. وهذا ما يطرح السؤال حول ما إذا قامت إيران بدفع مبلغ 400 مليار دولار لواشنطن مثلاً، فهل هذا يدفع الأخيرة الى حماية الأولى؟ وهذا كلّه في حين أن واشنطن تعطي المليارات لإسرائيل في مواجهة العرب".
وأشار قزي الى أن "الخوف العربي من ردّة الفعل الأميركية هو الذي يدفع العرب الى المشاركة في مؤتمر البحرين. ومن المؤسف، كيف أنه يُمكن لدول المشاركة في هذا المؤتمر، بعدما ضمّت إسرائيل الجولان الى أراضيها، وبعدما نقلت الولايات المتحدة سفارتها الى القدس واعترفت بها عاصمة موحدة لإسرائيل، وأعلنت أنها لا تدعم حلّ الدولتَيْن. في حين أن سابقة خطيرة لم تشهدها الولايات المتحدة يوماً، وهي تقوم على تسليم ديبلوماسية أكبر دولة في العالم، لصهر ترامب، بحُكم القُربى العائلية"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن للفلسطينيين أن يقبلوا بـ "صفقة القرن"، بأي شكل من الأشكال ومهما كلّفهم الأمر، لأنها التصفية النهائية لأي أثر للدولة الفلسطينية".
وأضاف:"لا أستبعد إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه الآن، أن يعود نشاط المقاومة الفلسطينية. ومن هنا، نحن كلبنانيين يهمّنا قضية أساسية تتجاوز التضامن الفكري والمعنوي والسياسي مع القضية الفلسطينية، الى كيفية إنقاذ الديموغرافيا اللّبنانية والأمن القومي اللبناني والصيغة والميثاقية اللبنانية، من التوطين الفلسطيني"، مشيراً إلى أن "ما قامت به بعض القيادات أمس، واجتماع اللجنة اللبنانية - الفلسطينية ورفضها التوطين، كلّ تلك الخطوات عظيمة، ولكن رفض التوطين يحصل منذ عام 1948، ومنذ ذلك الحين يُقال أيضاً إن اللجوء الفلسطيني في لبنان هو موقّت ولكن لا توجد دولة فلسطينية اليوم لكي يعودوا إليها، ولا وجود عملياً لقانون حق العودة لكي يحترم وبالتالي، فإنه يتوجّب على لبنان أن ينفض الغبار عن اقتراح "الجبهة اللبنانية" خلال السبعينيات الذي كان يقوم على إعادة انتشار الفلسطينيين الموجودين في لبنان على الدول العربية والدول الأجنبية، القادرة جغرافياً وديموغرافياً ومالياً واقتصادياً على استقبالهم وتأمين الحياة الكريمة لهم".
وشدّد قزي على أن "لبنان ليس قادراً على توطين اللّاجئين الفلسطينيين، ولا هم يرتاحون للبقاء في المخيمات، في ظروف معيشية لا تليق بهم ولا بالإنسان، فضلاً عن أن وجودهم في لبنان كان يُمكن أن نتفهّمه لو كان خطوة أسهمت في تقدمهم نحو فلسطين ولكن وجودهم في لبنان شكّل خطوة أبعدتهم عن فلسطين، وألهتهم بالقضايا اللبنانية الداخلية"، مشيراً إلى انه "يتوجب على الدولة اللبنانية أن تطرح هذا المشروع القديم، بجرأة وبروح أخوية، لأنه المشروع الوحيد الذي يمنع التوطين، أما التصاريح برفض "صفقة لاقرن"، فهي مثل بيلاطس الذي يغسل يديْه من جريمة يعرف سلفاً أنها ستحصل".