وذكرت مصادر تابعت حركة الرئيس بري انه استمع من النائب حمادة الى هواجس وشكوى جنبلاط من إداء العهد برئاستيه الاولى والثالثة وبخاصة إداء الوزير جبران باسيل، بإهتمام شديد، ووعد بمتابعة الموضوع، لكن المصادر اشارت الى ان من بين ما يحول دون الاسراع في تحرك بري اولا غياب الرئيس الحريري عن البلاد، وثانيا انشغال بري بالجلسة التشريعية والتعيينات، والاهم متابعته الحثيثة لما تسرب عن بدء سريان تطبيق «صفقة القرن» عبر مؤتمر المنامة الاقتصادي وما تسرب من الخطة الاقتصادية للصفقة عن مليارات ستخصص للدول المجاورة لفلسطين المحتلة ومنها لبنان، والتي تستضيف مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، ما ادى الى إعلان الرئيس بري صراحة موقفه الرافض لصفقة القرن ولمسارها المالي والاقتصادي الذي يؤكد المضي في مؤامرة توطين الفلسطينيين والغاء حق العودة واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وتشير اوساط المقربين من جنبلاط الى ان حملته ونوابه ووزراءه على الرئيس الحريري مردها تجاهله لمطالب جنبلاط واقتراحات وزرائه ونواب كتلة اللقاء الديموقراطي حول المواضيع المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، والتي كانت ايضا موضع اعتراض او تحفظ او ملاحظات اكثر من جهة سياسية، ما ينفي الشبهة الشخصية عنها، لكن جاء إعلان الوزير وائل ابو فاعور غير المباشر عن مخاوف جنبلاط من سير الرئيس الحريري في إتفاق تعيينات ادارية خاص مع الوزير باسيل، يراعي خصوم جنبلاط في الطائفة الدرزية، ليعبر عن جزء من اسباب المشكلة، اضافة الى اعتبار جنبلاط ان التسوية السياسية بين رئيس الحكومة ورئيس «التيار الحر» جاءت على حسابه في كثير من الامور.
لكن المقربين من جنبلاط يؤكدون انه ليس خائفا من محاولة فرض «الثنائية الدرزية» عليه فهذا الامر غير ممكن في ظل استمرار جنبلاط متقدما في زعامة الطائفة الدرزية، وليس هناك مشكلا كبيرا مستعصيا على الحل بينه وبين رئيس الحكومة، لكنه يعتبر «ان المشكلة هي في إداء الوزير باسيل وتغطية رئيس العهد له، وفي الممارسة الاستفزازية التي يقوم بها باسيل بشكل خاص، وبطريقة تخالف اتفاق الطائف نصّا وروحا». ويشير المقربون من جنبلاط الى ان هناك مقاربات مختلفة ومتناقضة تماما بينه وبين باسيل، كما بين باسيل والحريري، وبين باسيل و«القوات اللبنانية»، وبين باسيل وقوى سياسية اخرى.
ويوضح المقربون من جنبلاط ان الرئيس بري لن يتدخل حاليا بشكل مباشر لتقريب وجهات النظر بين الحريري وجنبلاط، قبل اتضاح صورة الوضع الاقليمي المتوتر، سواء من جراء محاولات فرض «صفقة القرن» او التوتر القائم في الخليج، لأنه يعتبر انها اولويات اكبر من خلاف يمكن معالجته سياسيا .
بالمقابل، يرى مطلعون على موقف العهد والوزير باسيل، انه يتعرض لحملة غير مبررة نتيجة خطاب سياسي معين يتعلق بحقوق المسيحيين في الدولة وبكيفية إدارة الدولة، ولو كان يعبّر عنه احيانا بطريقة فجّة وخاطئة او لا تعجب الاخرين، ويقول هؤلاء: ان البعض يتّبعُ أداءً يريد من خلاله ان يفرمل اندفاعة باسيل ويمنعه من التعبير عن موقفه السياسي ووجهة نظره في الاوضاع القائمة والملفات والقضايا المطروحة، ويتساءل هؤلاء: هل ممنوع على باسيل ان يعبّر عن موقفه السياسي وهو رئيس اكبر كتلة نيابية وكتلة وزارية، بينما مسموح لكل الاطراف الاخرى ان تقول ما تريد وبالطريقة التي تريد؟
ويعتبر المطلعون على موقف باسيل، ان أداء الاخرين تجاه «التيار الوطني الحر» قائم على الافتراضات والغاء حق الاخرين بالتعبير عن مواقفهم، ويقولون: من قال ان التعيينات مثلا ستتم من دون موافقة جنبلاط او الوقوف على رأيه؟ ثم من قال اصلاً ان كل التعيينات حصل عليها توافق بين الحريري وانها ستتم قريباً؟ مشيرة الى ان المستعجل حاليا في التعيينات هو انتخاب حصة المجلس النيابي من اعضاء المجلس الدستوري، ولاحقا يتم تعيين نواب حاكم المصرف المركزي وبعض التعيينات القضائية بعدما تنضج الاتصالات والتوافقات حولها، وللنائب جنبلاط رأيه فيها بالطبع، لكنه يقوم بحملة استباقية لضمان حصته في التعيينات وفي امور إجرائية اخرى.