وأعرب عن امتنانه لأهالي إسطنبول، قائلا “أنتم من حافظ على سمعة ديمقراطية تركيا أمام أنظار العالم بأسره” في إشارة إلى تشكيك أردوغان بالنتائج وفرض إعادة الانتخابات.
ومهما تكن نتائج انتخابات، الأحد، على رئاسة بلدية إسطنبول، فمن المؤكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خرج منها أضعف من ذي قبل، بعد أن اهتزت صورة رجل تركيا القوي، وعادت كلمة “خسارة” إلى حساباته السياسية، بعد أن غادرتها منذ سنوات.
وتوجّه سكان إسطنبول مجددا إلى صناديق الاقتراع، الأحد، لانتخاب رئيس لبلديتهم بعد إلغاء فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو في الاقتراع الأول الذي أجري في 31 مارس.
واعتبر عدد من المراقبين أنّ هذه الانتخابات الجديدة ستؤدي إلى إضعاف أردوغان، أيا تكن النتيجة قبل إعلان فوز أكرم إمام أوغلو.
وستترك خسارة إسطنبول أثرا كبيرا على القاعدة المحافظة في تركيا. ومن المحتمل أن تشهد الأيام المُقبلة المزيد من التطورات مثل تقدم الرئيس الأسبق لتركيا عبدالله غول وأحمد داود أوغلو بقوة إلى مجال العمل السياسي، مع احتمال حدوث انشقاقات كبيرة داخل المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية.
ويرى محللون أنّ الحكومة التركية تتمسك بإسطنبول لأنّ المدينة تمنح رئيس بلديتها موارد ضخمة ومنصة سياسية من الدرجة الأولى. وبدأ أردوغان نفسه مسيرته السياسية كرئيس لبلدية إسطنبول وقال مرارا إنّ “من يفوز بإسطنبول، يفوز بتركيا”.
وقال الكاتب التركي أرغون باباهان إن إسطنبول هي صورة مصغرة لتركيا بكاملها، وهي المدينة التي ولد فيها حزب العدالة والتنمية حتى ارتقى إلى ما وصل إليه في الوقت الحالي. كان تراجع حزب العدالة والتنمية إلى نسبة 30 بالمئة في إسطنبول (إذا استبعدنا نصيب حزب الحركة القومية في نسبة اﻟ45 بالمئة من الأصوات، وكذلك استغلاله المقيت لسلطاته، وتوجيه آلة الإعلام لصالحه) إيذانا بوصول عهد أردوغان إلى نهايته.
ويشرح الأستاذ المساعد في جامعة بلكنت بأنقرة بيرك إيشن أنّ إسطنبول “هي الوقود المشغّل لماكينة حزب العدالة والتنمية”. وتابع أنّ البلدية تمنح عقودا “بالمليارات من الدولارات عبر المناقصات العامة والخدمات، ما يضع العدالة والتنمية على اتصال مباشر بالناخبين”.
وفي حملة انتخابات 31 مارس، شارك الرئيس التركي في غضون خمسين يوما في مئة وتجمعين في كافة أنحاء البلاد. ولكن في حملة الانتخابات الحالية خفّض بشدة إطلالاته.
ويبرر النائب غولر ذلك بأنّ خلال حملة انتخابات مارس “كان الرئيس يتوجّه إلى تركيا بأسرها. الآن، يوجد اقتراع واحد فقط، في إسطنبول”.
ولكنّ بيرك إيشن يعتبر أنّه إذا تراجع أردوغان، فلكي لا يمثّل “وجه الخسارة” الممكنة، وأيضا “لأنّه شخصية استقطابية” في وقت اتجه فيه العدالة والتنمية نحو “استراتيجية مصالحة”.
يختصر باباهان الكاتب في موقع “أحوال تركية” مشهد نتائج الانتخابات في إسطنبول بالقول، “إن تركيا مُقدمة على مرحلة ستدفع فيها ثمنا باهظا بغض النظر عن النتيجة التي ستسفر عنها الانتخابات؛ حيث إنها ستدخل في شتاء طويل يصل فيه الفقر والاضطراب منتهاه، فأردوغان يحاول اليوم تحويل وجهته من الشرق إلى الغرب في فترة فقد فيها الدعم الشعبي. سنرى كيف سيكون من المستحيل إدارة البلاد في مثل هذه الصورة”.
وأعتبرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة عائشة أياتا فوز إمام أوغلو مجددا، يخلق “فوضى كبيرة ضمن حزب العدالة والتنمية”.
وتقول إنّ ذلك سيزعزع صورة “الماكينة الانتخابية” العصية على الخسارة للحزب، ومن شأنه تعزيز نزعات الانشقاق داخله. وبالنسبة إلى بيرك إيشن، فإنّ فوز إمام أوغلو سيمنحه مكانة وطنية من شأنها تهديد الرئيس التركي على المدى الطويل.