استغرب رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان ما قال انها محاولات لتقديم صورة مغلوطة للمهمة التي تقوم بها اللجنة التي يرأسها وبالتحديد لجهة عدم التزامها بخفض العجز الذي حددته الحكومة بـ7.59%، مذكرا بأن اللجنة تمكنت من خلال رقابتها في العامين 2017 و 2018 من تحقيق وفر وصل الى ألف و200 مليار ليرة لبنانية (حوالي 800 مليون دولار) بعد شطب وتخفيض الكثير من المبالغ التي كانت مرصودة للجمعيات وللاحتياطي، لكن للأسف الهيئة العامة لم تلتزم بما حققناه بحجة ان السنوات كانت قد شارفت على نهايتها وأن الاموال كان قد صُرفت مع تعهدها الالتزام بالوفر في السنوات التي ستلي.
وتساءل كنعان في حديث لـ"الشرق الأوسط" عما اذا كانت الحكومة هي من يجب أن تقلق من عدم التزام لجنة المال بخفض العجز أو أن اللجنة المعنية ومجلس النواب من يجب أن يقلقا، وقال:"هل مجلس الوزراء قادر أصلا على تخفيض العجز بالنسبة التي حددها في حال أقرينا الموازنة كما تمت احالتها الينا؟ خاصة ان التجربة في العام 2018 لم تكن مشجعة بعدما أقرت موازنة العام الماضي خفضا للعجز يبلغ حوالي 8% فاذا به يبلغ فعليا وبحسب وزير المال 11%". وأضاف:"هل الحكومة قادرة بأجهزتها التنفيذية على الجباية وتأمين الايرادات وفرض احترام القوانين ومنع الهدر؟ ولماذا اعتبار رقابة لجنة المال التي راكمت مصداقية محلية ودولية انها تؤثر سلبا على خفض العجز؟"
واعتبر كنعان أن "التجارب أثبتت سواء في لبنان أو العالم أن أنجع طريقة لخفض العجز هي بتخفيض النفقات غير المجدية عبر طرق ابواب المحميات اي الصناديق والجمعيات والهيئات التي تدير المال العام من دون الخضوع لأية محاسبة، لا من خلال فرض مزيد من الضرائب والرسوم"، موضحا أن لجنة المال أصدرت 39 توصية في العامين الماضيين لضبط العجز ومكافحة الفساد وتحقيق الاصلاح البنيوي، لكن لم يتم الالتزام بأكثرية هذه التوصيات. وأضاف:"الاصلاح البنوي يكون بضبط الاستدانة التي بلغت 80 مليار دولار واليت كانت السبب المباشر لخلخلة الوضع الاقتصادي والمالي، من هنا أهمية وضع سقف لها".
وعن الوقت الذي ستستلزمه بعد دراسة الموازنة في لجنة المال، شرح كنعان انه "عادة ما يتم ارسال الموازنات في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الى مجلس النواب كي يكون لدى اللجنة المعنية حوالي 3 أشهر للتدقيق بها، ولكن بعدما ارسلوها الينا متأخرة 9 أشهر وبعدما امضى مجلس الوزراء 19 يوما يناقش بها، باتوا يريدون ان ننهي عملنا بـ10 أيام"، وقال:"نحن سنحاول الالتزام بمهلة الشهر التي حددناه أي ننهي عملنا نهاية الشهر الجاري وان كنا نعي انه لو احيلت الينا مسبقا كان هناك الكثير من العمل لنقوم بها. وها نحن اصلا نعقد جلسات صباحية ومسائية لاقتناعنا بأن الحكومات اصلا تستخدم الوقت ورقة ضغط كي ننجهز مهمتنا من دون تدقيق".
ويستغرب كنعان محاولة البعض تحميل مجلس النواب مسؤولية عدم البت بقطوعات حسابات السنوات الماضية علما ان هذه القطوعات لم تتم احالتها بعد الى المجلس، مشددا على ان ما يحصل في هذا المجال من مسؤولية الحكومة باعتبار ان ديوان المحاسبة التي يدقق بها تابع للسلطة التنفيذية، بعكس ما يحصل في كل دول العالم حيث يكون تابعا للبرلمان من منطلق ان الديوان سلطة رقابية. ويشدد على عدم امكانية البت بقطع حساب عن سنة واحدة او 2 وعلى وجوب ان تصل كل القطوعات دفعة واحدة كي تكون الحسابات سليمة، مضيفا:"اذا لم يرسل ديوان المحاسبة بيانا يؤكد تطابق الحسابات يجب أن يكون لنا موقف واضح كمجلس نيابي"، معتبرا ان "السؤال الاساسي الذي يطرح نفسه هو ما اذا كانت الحكومات المتعاقبة أصلا تريد انتظام الوضع في هذا المجال واحالة قطوعات الحسابات للبت بها والا كيف نفسر عدم تعيين مدقق او قاض واحد جديد في الديوان الذي يفتقر للكادر اللازم لانجاز المهام المطلوبة منه".
وختم كنعان مطمئنا الى ان مشروع الموازنة الذي سيصدر عن لجنة المال سيكون أفضل من المشروع الذي أحالته الحكومة اليها لجهة أنه سيحقق مزيداً من الوفر وخفض العجز، معربا عن أمله بألا تكون هناك تدخلات سياسية تفرض واقعا مغايرا لما نسعى اليه.