في خضم التوتر الإيراني - الأميركي المتصاعد إثر إسقاط إيران طائرة أمريكية مسيرة، تبدو النخبة السياسية في لبنان في "وادٍ آخر" منشغلة بسجالاتها التي لا تنتهي، وآخرها حول ملف التعيينات، رغم أنه إلى حد اللحظة لم يغلق بعد ملف الموازنة العامة لسنة 2019 بالرغم من تذمر الداعمين الدوليين، وحالة الضبابية التي تلف الوضع الإقتصادي في هذا البلد الذي يئن تحت دين عام هو ثالث أكبر دين على المستوى العالمي.
ومع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من إجازته ولقاء الخمس ساعات مع وزير الخارجية جبران باسيل بدأ الحديث عن ملف سد الشغورات في المناصب الإدارية والمالية والقضائية والأمنية، وسط حديث عن عدم نية حل هذا الملف دفعة واحدة حيث أنه لا توافقات بعد بين القوى السياسية بشأنه.
وفي خطوة استباقية للحيلولة دون احتكار باسيل لحصة المسيحيين من تلك التعيينات، وجه حزب القوات اللبنانية جملة من الرسائل لرئاستي الحكومة والجمهورية.
وذكرت مصادر قريبة من حزب القوات نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" أن "اللقاء الذي جمع قبل أيام رئيس الحزب سمير جعجع برئيس الوزراء سعد الحريري ركز في أحد جوانبه على هذا الملف"، وأن "جعجع أوضح خلال اللقاء أنه لا بد من اعتماد الآلية المتفق عليها منذ 2010 وأنه لا يمكن إعلاء شأن طرف على حساب آخر".
ومن جهته اعتبر أمين سر "تكتل الجمهورية القوية" النائب السابق فادي كرم في تصريح له أمس الجمعة أن "ما يسعى إليه باسيل هو الاستئثار بكل مواقع الدولة وما يريد حزب القوات اللبنانية هو اتباع الآلية في التعيينات لأنها الطريقة الأفضل لوصول الأكفأ، فلبنان يعاني من سوء الإدارة نتيجة التعيينات والمحاصصات السابقة"، مضيفًا "الملف الإصلاحي الأكيد والأفضل هو الذهاب إلى آلية التعيينات".
وبشأن العلاقة بين حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل، أوضح أن "النقاشات مع الرئيس الحريري جدية جدًا وهناك تقارب كبير بين رؤيتنا ورؤيته لما يحدث في المنطقة وكيف يجب أن تدار الأمور في الداخل، لا شك أن هناك تباينًا في بعض النقاط ولكن دائمًا نقاشاتنا مع الحريري إيجابية ونسعى من خلالها إلى الأفضل".
علمًا أن "باسيل لا يخفي عبر سياساته ومواقفه وتصريحاته رغبته في الاستئثار بالشأن المسيحي لتمهيد الطريق لطموحاته بخلافة عرابه عون في قصر بعبدا".
وبحسب الصحيفة، يقول متابعون إن "هناك لعبة تجري خلف الكواليس، وإن كان يبدو باسيل أحد أطرافها الفاعلة بيد أنه لا يمكن تجاهل حزب الله الذي يتلاقى مع موقف الأخير في جانب من التعيينات والمستهدفين بالإقصاء منها على غرار الحزب التقدمي الإشتراكي، الذي يواجه زعيمه وليد جنبلاط حملة في السنوات الأخيرة لتحجيم مكانته السياسية والرمزية بالنسبة للدروز".
إذ غرّد جنبلاط، على حسابه الخاص عبر موقع "تويتر" قائلًا: إلى أين؟ نعم إلى أين؟ اليوم أكثر من أيّ وقت مضى يحضرني هذا السؤال، إلى أين يجر العالم حاكم أميركا؟ وإلى أين يجروننا أمثاله في لبنان؟".
كما يتوقع محللون أن يأخذ ملف التعيينات في مفاصل الدولة زخما أكبر بعد انتهاء مجلس النواب من مناقشة موازنة العام 2019، وسط مؤشرات توحي بأن حسمه لن يكون بالأمر الهين في ظل منطق الهيمنة التي يتعاطى به البعض.