ودعا أمير الكويت خلال استقباله من قبل الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الحكومة عادل عبدالمهدي إلى حشد الجهود الممكنة والمؤثرة في المنطقة لتجنب حرب خصوصا أن العلاقة العراقية الإيرانية مميزة وأن بغداد تلعب دورا ما في الوساطة بين واشنطن وطهران وقد تكون أيضا مسرح عمليات لتوجيه رسائل إيرانية نارية كما حصل في قصف محيط السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء.
وأجمع الرئيس العراقي ورئيس الحكومة على أن جميع القوى السياسية العراقية والأحزاب متفقة على رفض الحرب على إيران، وأنها ستمارس الحياد في أي صراع محتمل.
وسبق وأن أطلقت قيادات في الميليشيات المدعومة من إيران والمنضوية ضمن فصائل الحشد الشعبي تهديدات ضد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، بالرغم من أن هذه القوة خاضعة لسلطة الدولة وفق القانون.
واعتبر الرئيس العراقي برهم صالح أن “العراق ينظر إلى طبيعة الأزمة الحالية في المنطقة بمنظار واسع ويسعى إلى تحقيق توافق إقليمي شامل على قاعدة الحوار والجيرة الحسنة بين الدول”.
وخلال جلسة المباحثات الرسمية مع أمير الكويت، أكد صالح أن “العراق لديه الرغبة الجادة لبناء علاقات متطورة مع جيرانه خاصة مع الكويت بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين”.
واعتبرت المصادر الكويتية أن الإعلان عن زيارة أمير الكويت إلى بغداد كان مفاجئا لبعض الأوساط، إلا أن من يتابع الحركة السياسية والدبلوماسية التي يقوم بها يدرك أن الشيخ صباح الأحمد في الأزمات والتطورات الإقليمية لا يترك بابا إلا ويطرقه من أجل تهدئة الأوضاع وتكريس مبدأ حل النزاعات بالطرق السلمية والعودة إلى الحوار سبيلا لإيجاد حلول.
ويرى مراقبون كويتيون أن زيارة الأمير صباح الأحمد تهدف، كأحد أهدافها، إلى العمل على تكريس صيغة تجنب المنطقة المزيد من الرسائل النارية عبر تكثيف الجهود الكويتية والعراقية لفتح كوة في الجدار السياسي تؤدي إلى تنفيس الاحتقان، ناهيك عن أن العراق والكويت ودول المنطقة هي التي ستتضرر إن استمر التصعيد في بحر الخليج خصوصا لجهة الصادرات النفطية.
ولذلك كان لافتا الإعلان الرسمي الكويتي عن أن “هذه الزيارة تأتي أيضا في ظل التوترات والتطورات المتسارعة غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة، ولاسيما الأعمال التي استهدفت سلامة الإمدادات النفطية، عبر تخريب وضرب السفن النفطية والتجارية المدنية في المياه الإقليمية للإمارات وخليج عُمان”.
وأكد الأكاديمي الكويتي عايد المناع أن التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران تصدر جدول مباحثات أمير الكويت مع المسؤولين في العراق، مشيرا إلى أن “الكويت بحكم موقعها الجغرافي قريبة من إيران ومجاورة للعراق وتريد أن تعيش بأمن واطمئنان، وهي تريد لدول الجوار أن تعيش بأمان أيضا ونبتعد (جميعا) عن الحروب”.
ويلمح المتحدث الكويتي، الذي كان ضمن الوفد المرافق للشيخ صباح الأحمد في زيارته إلى العراق، إلى قلق بلاده من مخاطر التصعيد على أمن الخليج، ولاسيما استهداف حركة الناقلات البحرية.
يأتي ذلك في وقت أعلن رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم إدراج طلب المناقشة بشأن استعدادات بعض الجهات الأمنية للتعامل مع أي طارئ على جدول أعمال الجلسة العادية المقبلة المقرر عقدها الثلاثاء والأربعاء المقبلين.
وقال الغانم في تصريح للصحافيين في مجلس الأمة أمس “وفقا لقرار المجلس فسيكون طلب مناقشة استعدادات بعض الجهات الأخرى مثل الدفاع المدني والجيش والداخلية للتعامل مع أي طارئ موجودا على جدول الأعمال”.
ويشير تصريح الغانم إلى القلق المتفاقم في الكويت من تداعيات التصعيد المستمر في منطقة الخليج العربي بعد استهداف سفن شحن في خليج عمان، واتهام إيران من قبل الولايات المتحدة بالوقوف خلف الاعتداءات.
إلى ذلك، حضر ملف العلاقات الثنائية بين العراق والكويت بقوة في المحادثات. وكان رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي قال إن العلاقات بين البلدين تتجه إلى “تصفير المشكلات”. وسبق أن زار أمير الكويت العراق في مارس 2012، خلال مشاركته في اجتماعات القمة العربية آنذاك.
واستؤنفت العلاقات العراقية الكويتية لدى تعيين الكويت أول سفير لها في بغداد في يوليو 2008، عقب قطيعة استمرت سنوات إثر اجتياحها من جانب نظام صدام حسين العام 1990.