تحت عنوان "فوربس": لبنان قادر على تخطّي الأزمة، كتبت صحيفة "الجمهورية": أوردت مجلة "فوربس" (Forbes) في عددها الصادر في 13 حزيران الجاري مقالاً تناولت فيه الوضع الاقتصادي في لبنان بإيجابية، مؤكدة قدرة البلد على تخطّي الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها، وأنه لا يزال يمثّل فرصة للمستثمرين.
جاء في مقال فوربس: "التوقعات الاقتصادية للبنان ليست بالسوء الذي قد يعتقده البعض، وهناك فرصة للمستثمرين حالياً لشراء سندات الحكومة اللبنانية بأسعار منخفضة".
في ظاهر الأمر، يبدو الوضع الحالي في لبنان مقلقاً خصوصاً عندما نفكر بما يلي:
- مقابل كل أربعة من سكان البلاد البالغ عددهم 6 ملايين نسمة هناك لاجئ من الحرب في سوريا. يرتفع هذا العدد تقريباً إلى واحد من كل ثلاثة عندما يؤخذ في الاعتبار اللاجئون من دول أخرى غير سوريا.
- يمكن ان يسبّب الهجوم الأخير على ناقلات النفط قبالة سلطنة عمان مشكلات للبنان. واعتبر تقرير صدر أخيراً عن شركة "كابيتال إيكونوميكس للاستشارات المالية" ومقرّها لندن أنّ "التهديد القائم يتمثل في أن تجد البلاد نفسها عالقة في التقاطع وسط تصاعد التوترات بين دول الخليج وإيران". والجدير ذكره انّ الحكومة اللبنانية تضم ممثلين عن "حزب الله" المدعوم من إيران.
- من المتوقع أن ينخفض تصنيف ديون البلاد إلى حالة غير مرغوب بها. يقول بنك "براون براذرز هاريمان" الذي يتّخذ من نيويورك مقرّاً له، إنّ تصنيف CCC، أقل من التصنيف الحالي لـ S&P وهو B-. يعتبر تصنيف الـ CCC انّ البلد المعني «عرضة» لعدم تسديد القروض.
- تبلغ ديون البلاد الآن 152٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 131٪ في عام 2012، وذلك وفقاً للبيانات التي جمعها موقع TradingEconomics الإحصائي.
والمشكلة الاكبر في كل ذلك هي الديون، التي نتجت عن زيادة الإنفاق الهائل من قبل الحكومة. تعاني البلاد من عجز مالي، لأنّ المبلغ الذي أنفقته الحكومة كان أكثر من إيراداتها بنسبة 11٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018، مرتفعاً بنسبة 8.6٪ عن العام السابق، وفقاً لـ TradingEconomics.
في حين أنّ كل هذا يبدو سيّئاً، إلّا أنّ السوق يفتقد شيئاً ما. هناك حل للأزمة المالية في متناول اليد، وآفاق تنفيذها تبدو جيدة. في المقابل، يجب أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار السندات بما يتماشى مع التحسينات في التصنيف الائتماني للبلاد. "في الأسابيع القليلة الماضية، كان هناك اتفاق على مستوى مجلس الوزراء على تدابير تتعلّق بالإيرادات الضريبية وخفض النفقات، والتي إذا ما تمّ تنفيذها ستقلّل من العجز المالي"، كما يقول غاربيس إراديان، كبير الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى معهد التمويل الدولي. "في حلول أوائل تموز، سوف تقرّ الميزانية ما يعني أنه سيتمّ تنفيذ الإجراءات في النصف الثاني من العام". هذا الوضع سيعيد بعض التفاؤل الى حزمة السندات الأجنبية والمقدّرة بمليارات الدولارات والتي تعتمد على تنفيذ الحكومة للإصلاحات الاقتصادية. بمعنى آخر، هناك حوافز كبيرة للإصلاح.
وقد ناقشت الحكومة تجميد التوظيف في الوظائف الحكومية. بالإضافة إلى إصلاح القطاع العام بسبب التقاعد. وتوقع تقرير صدر أخيراً عن معهد التمويل الدولي أن يتقاعد ما لا يقل عن 16٪ من موظفي القطاع العام على مدى السنوات الأربع المقبلة، ما يوفّر فرصة جيدة لإعادة تنشيط القطاع العام، وفي الوقت نفسه تقليل حجمه وتعزيز كفاءته من دون اللجوء إلى تسريح العمال. ببساطة، هناك فرصة كبيرة لخفض التكاليف التي لن تتضمّن بالضرورة إطلاق نار جماعيّاً حيث لن يتم استبدال جميع المتقاعدين. وهناك تدبير آخر يشمل زيادة ضريبة الاستقطاع على دخل الفوائد المكتسب على الودائع المصرفية. كما قد تنفّذ البلاد رسوم الاستيراد لجمع الأموال، كما يقول التقرير. ويضيف: «نحن نفترض أيضاً أنّ السلطات ستتخذ إجراءات حاسمة لمحاربة الفساد وتحسين الالتزام الضريبي».