صوّت المسلمون المصريون لجماعة الأخوان المسلمين حُباً بالربيع العربي الذي أرادوه مفتاحاً لتغيير الأحوال المُزرية والوصول إلى نظام سياسي غير عسكري بعد أن أذاقتهم تجربة العسكر المصري الذُل والهوان ولكن الاخوان كما العسكر لم يستفيدوا من التجارب البشرية ولا انتهزوا الفرصة التي وفرها لهم المصريون ففعلت جماعة الأخوان ما فعله العسكر من خلال "أخونة" السلطة والمجتمع بنفس العصا المستخدمة وبأدوات "تفقيرية" للمجتمع وجلب الامتيازات للمرشدين ومن هم دونهم وللسياسيين ومن هم معهم في إدارة مصر الاخوانية بنفس الوسائل التي استخدمها العسكريون بل وبوسائط إكراهية أكثر خُبثاً.
رفع مرسي الآذان في القصر الرئاسي وفي المجلس النيابي وتوقفت اجتماعات الحكومة عند كل آذان تعبيراً منهم عن إسلامية الدولة و "أخونة" السلطة للدلالة على الإنجاز العظيم لجماعة همها رفع الآذان في أماكن الدولة لا في دور العبادة فحسب ليشعر المرشدون بأنهم وصلوا الى الله ورسوله والى الصحابة من السلف الصالح بإقامة الجمعة والجماعة في كل شبر من مصر الإسلامية.
إقرأ أيضًا: الجميل: من يقف وراء باسيل هو المسؤول
انتهى دور مصر الحضاري بوصول الاخوان الى الحكم وتم اسقاط مشروع الربيع العربي الباحث عن دولة مدنية بمقاييس عصرية لا دينية بمقاييس الجاهلية وهذا ما وضع مصر أمام تجربة لم يشهدها التاريخ المصري بأسوأ مراحله وهذا ما خيّب آمال المصريين الذين ظنوا بأن إسلام الإخوان هو الحلّ فضاقت بهم أرض الكنانة بعد أن خرجت جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلحاهم الكثّة وبدشاديشهم القصيرة وصنادلهم الطويلة وعصاهم الغليظة وأسلحتهم الحادة لتأديب المجتمع ودفعه الى الالتزام باللحية والحجاب المنقب وترك التجارة عند كل دعوة آذان وقمع ما هو عورة في حياة المصريين وضرب ما يعتمد عليه المصريون من ريع وخاصة قطاعي الفنّ والسياحة.
لم يقنع مرسي كرسي الرئاسة وكان أصغر من جلس عليها من حيث المواصفات المطلوبة في رئيس دولة بحجم مصر فتصوروا مرسي بين محمد علي باشا والملك فاروق وعبد الناصر والسادات وحسني مبارك وبين ما يقارب المائة مليون مصري فيهم عمالقة في مجالات العلم كافة.
إقرأ أيضًا: الدماء السورية كبول البعير
ولم يقنع من زاره من الشرق والغرب والكل وجد فيه ظلماً للرئاسة المصرية وللقيادة العربية التي لم تتيح لرئيس لا يحظى الاّ ببركة مرشد الإخوان الوصول الى الرئاسيات العربية.
استغل العسكر أفعال الإخوان المشينة في السلطة وفي المجتمع وضعف الرئيس مرسي بتمسكه بكرسي الرئاسة دون تحمّل أعباء مسؤولية الرئاسة وهذا الاستغلال رافق حملة مواقف من الدول المتضررة من وصول جماع الإخوان الى السلطة في مصر وتونس ولو أتيحت انتخابات في كل مصر عربي لسيطر الإخوان على صناديق الاقتراع لجهل الناس بمصالحهم ولعدم توفرُ بدائل عن الإسلام السياسي و "الجهادي". وكانت المملكة العربية السعودية في مقدمة الدولة المتضررة من أخونة الأمّة لهذا حشدت قوتها ودعمت انقلاب الجيش على الإخوان والعودة بمصر الى المؤسسة العسكرية التي حكمت مصر من زمن ثورة الضباط الأحرار ولن تترك هذه السلطة أبداً فكان السيسي مكان مرسي الذي أدخل السجن من باب قصر الرئاسة لينتقل الى رب يحاسب على من فرّط بحقوق العباد والبلاد.