في سياق قراءة البعض لنتائج الجولة الثالثة لمساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد في بيروت التي شكلت نوعا من الخيبة باعتبار أن حجم التفاؤل الذي قيل أنه تحقق بجولته الماضية بدا وكأنه تلاشى، وهكذا أكدت مصادر في قوى 8 آذار قريبة من حزب الله ومطلعة على المفاوضات أنه لم يكن هناك اصلا ايجابية ولا مرونة اسرائيلية منذ انطلاقة الجولات المكوكية لساترفيلد، لافتة بالوقت نفسه إلى أن هناك في لبنان من حاول اشاعة جو غير موجود أصلا ظنا انه بذلك يعطي هذه المفاوضات التي يتمسك بها، لأسباب أو لأخرى، نوعا من الزخم الذي تفتقده وهو ما تجلى بشكل واضح في المحاولة الأخيرة للمبعوث الأميركي الذي سيسلم المهمة لزميله مدير قسم الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد شنكر، لينتقل هو لمنصبه الجديد كسفير للولايات المتحدة في تركيا.
وقد حاول ساترفيلد الذي كان يشغل منصب سفير الولايات المتحدة في لبنان والذي تجمعه علاقات جيدة بمختلف القوى السياسية اللبنانية، اقناع المعنيين بملف ترسيم الحدود بالسير بالمقترحات التي عاد بها من تل أبيب، من منطلق ان الامور قد تصعب مع تولي شنكر المهمة، الا أن جواب هؤلاء كان واضحا لجهة تمسّك لبنان بمطالبه وشروطه ورفض التنازل عن اي شبر من أرضه ومياهه. وتعتبر المصادر أنه وبعكس ساترفيلد الدبلوماسي اللبق فان شخصية شنكر قد تجعل من الصعب التوصّل معه الى نتائج سريعة وايجابيّة ما يهدد باعادة الملف برمّته الى المربّع الاول ويمهّد لعودة الامور الى نقطة الصفر.
إقرأ أيضًا: بعد التهويل والتغريدات النارية... تحذيرات دولية
وتضيف المصادر انه منذ انطلاق مهمّة الموفد الأميركي لم يقدم الإسرائيليون على أيّ تنازل، بعكس ما قيل وأشيع وقد كانت بعض الصحف الاسرائيلية واضحة في هذا المجال حين تحدثت عن سعي اسرائيلي لفرض حدود جديدة تؤدّي الى قضم المزيد من الاراضي اللبنانية. ويرفض الاسرائيليون، بحسب المصادر، الرضوخ لقواعد قانون البحر لذلك يصرون على دور الامم المتحدة كمجرد مراقب، وهو دور لا زالوا يحاولون ان ينسفوه لحصر المفاوضات بالطرف الاميركي المنحاز لهم، وتشير المصادر الى ان التشاؤل والترقب اليوم سيدا الموقف لجهة محاولة تبيان ما اذا كان لبنان سيتّجه الى اي نوع من المفاوضات بشروط اسرائيلية علما ان لدينا 9 بلوكات من أصل 12 يمكن ان يقوم لبنان بمباشرة التنقيب فيها وقد يستلزم ذلك 50 عاما، في حين ان البلوكات المرتبطة بالصراع على ترسيم الحدود هي 3 في الجنوب.
وتستغرب المصادر كيف قبل المفاوضون اللبنانيون بتحييد مزارع شبعا بشكل كامل عن المفاوضات، وكأنه رضوخ للقرار الاميركي بضم الجولان وهذه المزارع الى اسرائيل، منبهة الى المخاطر الكبيرة المحدقة خصوصاً وان كل ذلك يحصل في وقت يسعى الاميركي لتمرير صفقة القرن، فكيف يمكن القبول في لبنان بتحييد المفاوضات بمصير المزارع في هذا التوقيت المشبوه؟
وتنهي المصادر محذرة من ان اية خطوة ناقصة في هذا الملف، سواء عن قصد أو عن غير قصد، قابلة لتفجير الوضع برمّته.
فهل سيسقط خيار المفاوضات مع انتهاء مهمة ساترفيلد وتكليف شنكر بالجولات المكوكيّة بين لبنان واسرائيل؟ وأي الاطراف سيستفيد من اعادة تجميد الملف الى أجل غير مسمى؟، خصوصاً في ظل اجواء التصعيد المسيطرة على الواقع الاقليمي.